Saturday 1st November 2025
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

ميناء شنغهاي العجيب.. حيث تتحدث التقنية بلغة البحر

منذ 3 دقائق في 01/نوفمبر/2025

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

 

ميناء شنغهاي العجيب.. حيث تتحدث التقنية بلغة البحر

((من سلسلة: بلد العجائب – زيارتي إلى الصين))

 

بقلم: ريام المرفدي

 

من يقف على أطراف ميناء شنغهاي يدرك أنه لا يقف أمام منشأة بحرية عادية، بل أمام عقل إلكتروني عملاق ينبض بالتنظيم والدقة.
ميناء مؤتمت بالكامل، تتحرك فيه الحاويات بمئات الآلاف دون ضجيج ولا تدافع بشري، تُدار كل حركة فيه عبر أنظمة تحكم مركزية تُشرف على عمليات الشحن والتفريغ والمناولة بذكاء مذهل، وكأن البحر نفسه صار جزءًا من منظومة إلكترونية دقيقة.

ما يميّز هذا الميناء ليس فقط حجمه كأكبر ميناء في العالم، بل كونه يعمل وفق نظام المنطقة الحرة، حيث تسير العمليات التجارية بانسيابية عالية وتكاملٍ بين الموانئ والمناطق اللوجستية والصناعية، في نموذج متكامل يعكس كيف تُدار التجارة العالمية الحديثة.
في شنغهاي، لا يتوقف الإبهار عند التكنولوجيا، بل يمتد إلى فلسفة الإدارة؛ فالميناء ليس مجرد بوابة بحرية، بل مركز قيادة لاقتصاد مدينة عظمى تعرف كيف توظّف التقنية لخدمة الإنسان والتجارة في آنٍ واحد.

في هذا الميناء، تتجسد فكرة الإدارة الذكية بأدق تفاصيلها؛ فلا شيء يُترك للصدفة. كل حركة تُراقَب من غرف تحكم رقمية، وكل عملية نقل أو تخزين تُدار عبر نظام متكامل يربط البحر بالبر، والتقنية بالإنسان.
من خلال جولتي في ميناء شنغهاي، شعرت أنني أمام نموذج متكامل لنظام المنطقة الحرة الحديثة، حيث تختفي التعقيدات الإدارية لتحل محلها حلول رقمية تُسهِّل مرور البضائع وتسرّع الدورة الاقتصادية بشكل مدهش.

إنه ميناء لا ينام، يعمل على مدار الساعة، يُلهم من يشاهده كيف يمكن أن تتحول الإدارة إلى علم، والتجارة إلى هندسة، والموانئ إلى أنظمة ذكاء اصطناعي تعرف كيف توازن بين السرعة والدقة، وبين الكفاءة والأمان.
وحين يُدار الميناء بهذا المستوى من الانضباط، تصبح المنطقة الحرة المحيطة به نموذجًا اقتصاديًا متكاملًا، يخلق بيئة استثمارية جاذبة تدعم الإنتاج والتصدير، وتربط سلاسل الإمداد عبر العالم.

حين وقفت هناك، لم أرَ مجرد ميناء، بل مدينة اقتصادية مصغّرة تشتغل بإيقاعٍ موحد، وكل تفصيل فيها يذكّر بأن النجاح لا يأتي صدفة، بل من فلسفة إدارة واعية تؤمن أن التقنية ليست بديلاً عن الإنسان، بل وسيلته للنهضة.
وميناء شنغهاي اليوم ليس مجرد فخرٍ للصين، بل درسٌ مفتوح لكل من يسعى لتطوير موانئه ومناطقه الحرة، ليواكب التحول الرقمي العالمي ويستفيد من طاقات بلاده وموقعها الاستراتيجي، تمامًا كما يمكن أن يحدث في المنطقة الحرة بعدن إذا وُجدت الإرادة والتخطيط الحديث.

وفي طريق عودتي من الميناء، ظل المشهد عالقًا في ذهني؛ ذلك الانسجام المدهش بين البحر والتقنية، بين الصمت والعمل، بين النظام والطموح. أدركت أن سر التقدّم لا يكمن في كثرة الموارد، بل في حُسن إدارتها، وفي الإيمان بأن التطوير يبدأ من الفكرة وينتهي بالإنجاز.
ميناء شنغهاي لم يُبنَ بين ليلة وضحاها، بل هو ثمرة رؤية وإصرار وتخطيط طويل المدى — تمامًا ما نحتاجه لنرى في عدن نهضة مشابهة تُعيد لموانئنا دورها الريادي ومكانتها الطبيعية.
فالفرق ليس في البحر، بل في من يدير بواباته.

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *