Tuesday 28th October 2025
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

سيادة الصين بين الشرعية الدولية واستغلال الغرب لملف تايوان

منذ دقيقة واحدة في 28/أكتوبر/2025

شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

 

سيادة الصين بين الشرعية الدولية واستغلال الغرب لملف تايوان

بقلم وارف قميحة
   رئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل

 

في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1971، شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة واحدة من أبرز لحظات التحول في التاريخ الدبلوماسي الحديث، حين اعتمدت القرار رقم 2758 الذي أعاد التمثيل الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة، وأنهى وجود ممثلي حكومة تشيانغ كاي شيك التي كانت قد لجأت إلى تايوان منذ عام 1949. بهذا القرار، استعاد الشعب الصيني حقه الطبيعي في التمثيل الدولي، وتم تكريس مبدأ الصين الواحدة كأساس لا يمكن تجاوزه في العلاقات الدولية.

خلفية تاريخية وسياسية

عقب انتصار الثورة الصينية عام 1949، وانسحاب قوات “الكومينتانغ” إلى جزيرة تايوان، واجهت الصين الشعبية حملة غربية مكثّفة لعزلها سياسياً ومنعها من الحصول على مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. لسنوات، استخدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها نفوذهم للحفاظ على تمثيل حكومة تايبيه، في تجاهل صارخ لحقائق الواقع والتاريخ. غير أن إرادة الشعوب الآسيوية والنامية، التي بدأت تشق طريقها نحو الاستقلال، كانت أكثر رسوخاً من حسابات الحرب الباردة.

وفي عام 1971، صوّتت أغلبية ساحقة من الدول لصالح القرار 2758، الذي اعترف رسمياً بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للصين، وأن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيها. كان ذلك انتصاراً سياسياً ومعنوياً كبيراً لبكين، ورسالة واضحة بأن العالم يعترف بالواقع الواحد: لا وجود لصينين، بل صين واحدة فقط.

مبدأ الصين الواحدة

يستند القرار 2758 إلى مبدأ واضح وبسيط: هناك صين واحدة فقط في العالم، وتايوان جزء من الصين، وحكومة جمهورية الصين الشعبية تمثل الصين بأكملها. هذا المبدأ لم يكن مجرد إعلان سياسي، بل أصبح قاعدة قانونية ملزمة تشكل أساس العلاقات الدبلوماسية بين الصين وبقية دول العالم.

منذ ذلك الحين، أصبح احترام مبدأ الصين الواحدة، شرطاً جوهرياً لإقامة العلاقات مع بكين. فقد اعترفت أكثر من 180 دولة به، وأكدت الأمم المتحدة وجميع وكالاتها المتخصصة التزامها الصارم بعدم منح تايوان أي شكل من أشكال العضوية أو التمثيل المستقل. فالمجتمع الدولي، بوضوح، لا يعترف بأي “تايوان مستقلة”، بل يتعامل معها بوصفها مقاطعة صينية.

البعد القانوني والسيادي

من الناحية القانونية، يمثل القرار 2758 وثيقة محورية في تاريخ الأمم المتحدة، إذ أقرّ إجماع المجتمع الدولي على سيادة الصين ووحدة أراضيها. فالقانون الدولي لا يجيز لأي طرف خارجي التدخل في شؤون دولة ذات سيادة أو دعم أي محاولات انفصالية داخلها. وبذلك، فإن أي محاولة لإعادة طرح مسألة “تمثيل تايوان” أو توسيع مشاركتها في المنظمات الدولية، تُعد انتهاكاً مباشراً لروح القرار ونصّه.
حتى اليوم، لا توجد أي وثيقة أممية تمنح تايوان صفة “دولة”، ولا تعترف بها الأمم المتحدة ككيان مستقل. بل إن جميع الوثائق الرسمية تشير إليها بعبارة: “تايوان، مقاطعة من الصين”.

استغلال الغرب لملف تايوان

رغم وضوح القرار ومرجعيته القانونية، تحاول بعض القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إعادة توظيف ملف تايوان ضمن استراتيجياتها لاحتواء الصين. فقد تحولت الجزيرة إلى أداة جيوسياسية تستخدمها واشنطن لتطويق النفوذ الصيني في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

تحت شعار “دعم الديمقراطية”، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز حضور تايوان في المنظمات الدولية، وتزويدها بالأسلحة، وإرسال وفود سياسية رفيعة إليها، في خطوة واضحة لتقويض سيادة الصين ووحدة أراضيها. هذه السياسات لا تعكس حرصاً على “القيم”، بل تأتي ضمن مسار طويل من محاولات احتواء الصين ومنع نهوضها الكامل كقوة عالمية مستقلة.

واللافت أن واشنطن، التي ترفع شعارات “احترام القانون الدولي”، هي نفسها من يتجاهل قراراً دولياً صادراً عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويشكل أحد أكثر القرارات وضوحاً في التاريخ الحديث. ازدواجية المعايير هذه تكشف أن الهدف ليس “الدفاع عن الديمقراطية”، بل إضعاف الصين وتشويه صورتها الدولية من خلال اللعب على وتر تايوان.

الصين بين الدفاع عن سيادتها ودعوات الحوار

من جانبها، لا تزال الصين تؤكد أن قضية تايوان شأن داخلي بحت لا يقبل أي تدخل خارجي. فإعادة التوحيد الكامل للوطن الأم تُعد من أولويات الدولة الصينية ومن ركائز “النهضة الوطنية الكبرى” التي يقودها الرئيس شي جينبينغ.

لكن الصين، في الوقت نفسه، تؤكد أن الحل السلمي هو الخيار الأفضل، وأن “إعادة التوحيد” يمكن تحقيقها ضمن صيغة “دولة واحدة ونظامان”، كما هو مطبق في هونغ كونغ وماكاو. إلا أن أي محاولة خارجية لتغيير الوضع القائم بالقوة أو لتشجيع الانفصال، ستُقابَل برد حازم من بكين التي تعتبر الدفاع عن سيادتها حقاً لا يقبل التفاوض.

قراءة في الواقع الدولي

اليوم، وبعد أكثر من نصف قرن على صدور القرار 2758، يبدو أن بعض القوى الغربية لم تتقبل بعد حقيقة أن الصين أصبحت لاعباً مركزياً في النظام الدولي الجديد. لذا، تعيد واشنطن وحلفاؤها توظيف الملفات القديمة، كقضية تايوان، في محاولة لإبطاء صعود بكين الذي أصبح أمراً واقعاً.
إلا أن الغالبية الساحقة من دول العالم، بما فيها الدول العربية، تؤكد دعمها الثابت لمبدأ الصين الواحدة، إدراكاً منها أن احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها هو الضمان الحقيقي للاستقرار العالمي. فالعالم اليوم بحاجة إلى التعاون لا إلى المواجهة، وإلى الحوار لا إلى التحريض.

خلاصة القول

القرار 2758 لم يكن مجرد تصويت أممي، بل محطة مفصلية في مسار العدالة الدولية أعادت الاعتبار لحق الصين في تمثيل نفسها وشعبها. أما الذين يحاولون اليوم استغلال ملف تايوان، فهم لا يدافعون عن حرية الشعوب كما يدّعون، بل يعبثون بأسس النظام الدولي الذي قام على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

لقد أثبت التاريخ أن الوحدة والسيادة الصينيتين ليستا قابلتين للمساومة، وأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ما زال يشكل المرجعية القانونية والسياسية الوحيدة في هذا الملف. ومن أراد حقاً الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، فعليه احترام هذا القرار لا تجاوزه.

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *