شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بكين 21 سبتمبر 2025 (شينخوا) في الآفاق الواسعة لخريطة التبادل الثقافي العالمي الرحبة، تتلألأ التبادلات الفنية بين الصين والدول العربية كصفحة مشرقة تنبض بخصوصيتها الجمالية الفريدة وعمقها التاريخي المتميز، لتغدو هذه التبادلات قوة دافعة في تعزيز جسور التفاهم بين الشعوب وتعميق أواصر التعاون الودي. فمن رنين أجراس الجمال على طول طريق الحرير القديم وصولا إلى نبض التفاعل المستمر في ميادين الفنون المعاصرة، تجاوز التبادل الفني بين الصين والعالم العربي حدود الزمان والمكان، مواصلا توسيع آفاقه الجديدة.
ومؤخرا، أُقيم في بكين ملتقى للتبادل والتشارك جمع نخبة من الخبراء العرب والفنانين الصينيين، وضم مشاركين بارزين جاءوا من مصر والأردن، إلى جانب ممثلين عن المبدعين الشباب الصينيين، لمناقشة موضوعات تتعلق بالتبادل الثقافي والفني وتوسيع مجالات التعاون المشترك.
وفي هذا الإطار، استعرض الأستاذ الدكتور حسانين فهمي، رئيس قسم اللغة الصينية بجامعة عين شمس، تجربته الثرية في ترجمة رواية ((الذرة الرفيعة الحمراء)) للأديب الصيني المعاصر مو يان، موضحا جهوده المستمرة في ترجمة الأدب الصيني الحديث والمعاصر إلى العربية، بهدف تقديم صورة أكثر عمقا عن الثقافة الصينية للقراء العرب. كما أعربت الباحثة الأردنية الشابة منال ماجدي عبداللطيف الخمش عن عزمها الراسخ على ترجمة أعمال مختارة من الأدب الصيني، بدءا من الأفلام وصولا إلى رواية ((ليلة مثلجة)) لأيقونة الأديب الصيني الحديث با جين. وفي الحقيقة، تُعد هذه المساعي في مجال الترجمة نموذجا حيا للتفاعل الثقافي الصيني-العربي.
كما شارك لو بيه كه، مخرج التصوير البصري لمسلسل ((مشكلة الجسم الثلاثي)) تجربته في عالم التصوير، موضحا أن فريق عمل المسلسل اعتمد أسسا علمية وتقنيات بصرية، مع إدخال روح الشرق، وامتصاص عناصر ثقافية متنوعة، ليخرج العمل فريدا ويحظى بفهم عالمي. وأكد أن التواصل الدولي يقوم على فكرة “التفاعل المتبادل”، مشيرا إلى أن الفن السينمائي أصبح بمثابة “طريق الحرير” في العصر الجديد، ويلعب دورا في بناء جسور للتبادل الثقافي من خلال الحوار والتناغم بين الثقافات.
ومنذ بداية العام الجاري، حققت التبادلات الثقافية والفنية بين الصين والعالم العربي ثمارا وفيرة، إذ برزت خلاله العديد من الأنشطة المميزة التي ساهمت في تعميق العلاقات الثقافية بين الجانبين بشكل شامل ومتعدد الأوجه.
ففي فبراير، قدمت فرقة نجم الجرس الذهبي الصينية في دار الأوبرا المصرية حفلا موسيقيا مخصصا للموسيقى الصينية التقليدية، تضمن عزف أعمال موسيقية كلاسيكية صينية وعالمية. كما قدم فنان صيني أداء مؤثرا بأسلوب صيني لأغنية كلاسيكية مصرية، ليحظى بإعجاب كبير من الحاضرين ويثير تفاعلا حماسيا منهم. وفي ختام الحفل، تعاون الفنانون الصينيون والمصريون معا، حيث تم المزج بين عزف العود والآلات الموسيقية الصينية، ليبنوا بذلك جسرا للصداقة عبر الموسيقى، معبرين عن أطيب تمنياتهم بسنة جديدة سعيدة. وقد ساهم هذا التعاون بشكل فعال في تعزيز التبادل الثقافي الموسيقي بين الصين والعالم العربي.
وفي شهر يونيو، أقيمت الدورة الـ25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس. وقد قدم الجناح الصيني خلال هذه الدورة أكثر من 100 عمل نوعي، شملت مسلسلات درامية وأفلاما وثائقية ومسلسلات رسوم متحركة إلى جانب برامج ترفيهية. وقد حازت هذه الأعمال على اهتمام مؤسسات ومنصات إعلامية رائدة في العالم العربي. كما أتاح الجناح تجربة ثقافية شاملة ومبتكرة، منحت الجمهور العربي فرصة فريدة لاكتشاف الثقافة الصينية عن قرب وبأسلوب ممتع.
وفي الفترة الممتدة بين يونيو ويوليو، انطلقت الدورة الـ13 لفعالية “التقاء الفنانين على طريق الحرير”، وشملت هذه الدورة زيارة فنانين عرب بارزين إلى الصين في رحلة استكشافية فنية وإبداعية كانت وجهتها الرئيسية مدينة تشيوانتشو الواقعة في مقاطعة فوجيان بجنوب شرقي البلاد. وكجزء مهم من فعاليات هذا الحدث، قام ثمانية فنانين عرب ومدونان مصريان متخصصان في السياحة بزيارات ميدانية لمعالم المدينة، وتبادلوا الخبرات الثقافية، وتمكنوا من إنجاز 24 عملا فنيا خلال هذه الجولة الممتعة، ليتم عرضها في معرض أعمال هذه الدورة.
ويوافق هذا العام الذكرى الـ35 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة العربية السعودية، كما يصادف العام الثقافي الصيني-السعودي. وقد قدمت دار الأوبرا الوطنية الصينية عرضا لأوبرا ((كارمن)) الكلاسيكية العالمية في الرياض، حيث حظي هذا العرض بتفاعل كبير من الجمهور. ويرمز قيام فنانين صينيين بعرض أوبرا كلاسيكية عالمية في السعودية إلى تعميق أطر التبادل الثقافي بين البلدين.
في الواقع، يمثل التبادل الفني بين الصين والعالم العربي تنوعا واسعا في الشكل ونجاحا ملموسا في النتائج، إذ يشمل كل شيء: من الترجمة الأدبية إلى الإنتاج السينمائي، ومن الفنون إلى الأوبرا. فهو يعزز التفاهم والصداقة بين الشعوب، ويحفز في الوقت نفسه العلاقات الاستراتيجية بين الصين والعالم العربي، بما يسهم في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد. ومن المتوقع أن يستمر هذا التبادل الفني في التعمق، ليضفي لمسة مشرقة على التنوع الثقافي العالمي.