يشكل الالتزام بسيادة القانون الدولي الضمانة الأساسية للحوكمة العالمية. بيد أن الواقع يقدم مشهدا مقلقا، حيث تتبنى بعض الدول ما تسميه بـ”النظام القائم على القواعد”، بينما تمارس في الواقع نهجا انتقائيا في تطبيق القانون الدولي، تلتزم به عندما يتوافق مع مصالحها وتتجاهله عندما لا يخدم تلك المصالح. وقد أثارت هذه الممارسات مخاوف متزايدة من “شلل” يصيب الأمم المتحدة، و”إخفاق” في النظام القانوني الدولي، و”تآكل لفعالية” المنظومة متعددة الأطراف.
في خضم ذلك، تستمر التحديات العالمية مثل تغير المناخ وأمن الطاقة والأمن السيبراني في التفاقم. وفي المجالات الناشئة، مثل أعماق البحار والمناطق القطبية والفضاء الخارجي والذكاء الاصطناعي، يؤدى غياب الحوكمة القائمة على القواعد والقانون إلى زيادة المخاطر، ليصبح تعزيز سيادة القانون الدولي وتحسين الحوكمة العالمية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
إن موقف الصين من هذه القضايا واضح، فمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة هي المعايير الأساسية المعترف بها عالميا للعلاقات الدولية، ويتعين الدفاع عنها بثبات وبلا تردد. وفي المجالات الناشئة، يتعين وضع القواعد الدولية على أساس التوافق الواسع في الآراء مع تطبيق القانون والقواعد الدولية بشكل متساو وموحد، دون ازدواجية في المعايير أو إملاءات. كما يجب الحفاظ على هيبة القانون الدولي وجديته. ويتعين على الدول الكبرى، على وجه الخصوص، أن تقود الدفاع عن سيادة القانون الدولي.
وباعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن للأمم المتحدة وأكبر دولة نامية في العالم، حافظت الصين باستمرار على احترامها لهيبة ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وقد انضمت إلى جميع المنظمات الحكومية الدولية تقريبا وأكثر من 600 اتفاقية وتعديل دولي، وتدعم بقوة الدور المحوري للأمم المتحدة في الشؤون الدولية، وتمارس التعددية الحقيقية، وتسهم بنشاط في تطوير المنظومة القانونية الدولية.
والأهم من الخطاب هو الأفعال الملموسة. ففي مايو الماضي، تأسست أول منظمة دولية بين الحكومات مخصصة للوساطة في العالم– المنظمة الدولية للوساطة — في هونغ كونغ، مما وفر منصة جديدة لتسوية النزاعات الدولية سلميا.
وفي سياق سعيها لتحسين الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي، اقترحت الصين أيضا مبادرة الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي، ودعت إلى إنشاء منظمة تعاون عالمية للذكاء الاصطناعي، لضمان أن يسير تطوير هذه التكنولوجيا في مسار يخدم مصالح البشرية.
لقد أظهرت الصين تدريجيا التزامها بتنفيذ وعودها وتحويلها إلى أفعال ملموسة، مما يضيف زخما جديدا لتعزيز سيادة القانون في الحوكمة العالمية.
وبالنظر إلى المستقبل، ستواصل الصين التمسك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون في العلاقات الدولية، والعمل مع الدول الأخرى لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
(شينخوا)