الحرير/

بقلم/سوخروب بورونوف

في ظل التغيرات العالمية في التجارة واللوجستيات، تتحول دول آسيا الوسطى إلى حلقات رئيسية في تشكيل مسارات نقل جديدة. ومن بين هذه المسارات، يكتسب الطريق العابر لقزوين، الذي يربط الصين، آسيا الوسطى، بحر قزوين، القوقاز، وصولاً إلى أوروبا، أهمية خاصة. تقع أوزبكستان في قلب آسيا الوسطى، وهي تتحول من دولة كانت تعتمد تاريخيًا على جيرانها الشماليين إلى مركز رئيسي للممرات العابرة للقارات.

يعتمد هذا التحول على عنصرين رئيسيين: المشاركة النشطة في منظمة شنغهاي للتعاون والأهمية الاستراتيجية للطريق العابر لقزوين. تتكامل هذه العناصر لخلق فرص فريدة لتعزيز مكانة أوزبكستان إقليميًا ودوليًا.

أهمية الطريق العابر لقزوين
يوفر الطريق العابر لقزوين لأوزبكستان ممرًا لوجستيًا إضافيًا يؤدي إلى تركيا عبر موانئ بحر قزوين ودول جنوب القوقاز، مما يتيح الوصول إلى الأسواق الأوروبية ويوسع نطاق التجارة. في السنوات الأخيرة، اتخذت أوزبكستان خطوات عملية لتطوير وتحديث الممرات البرية ومتعددة الوسائط التي تغطي منطقة أوراسيا بأكملها.

من بين المشاريع الواعدة بناء خطوط السكك الحديدية “الصين – قيرغيزستان – أوزبكستان” و”أوزبكستان – أفغانستان – باكستان”. وفي سياق دمج الطريق العابر لقزوين مع بنية منظمة شنغهاي للتعاون، يتم وضع أساس لشبكة جديدة من الممرات المتعددة الوسائط التي تغطي القارة الأوراسية.

يكمّل مشروع السكك الحديدية العابرة لأفغانستان (أوزبكستان – أفغانستان – باكستان) الطريق العابر لقزوين، مما يتيح لأوزبكستان أن تصبح “مركزًا نقليًا” حقيقيًا للمنطقة، يربط بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب. ومن أبرز المسارات:

• دول جنوب آسيا – أفغانستان – آسيا الوسطى – جنوب القوقاز (موانئ البحر الأسود) – الاتحاد الأوروبي.
• الصين – آسيا الوسطى – القوقاز – أوروبا. دور منظمة شنغهاي للتعاون
  في قمة منظمة شنغهاي للتعاون عام 2024 في أستانا، أكد الرئيس شافكات ميرزيوييف على ضرورة تشكيل نظام نقل وعبوري مدمج ومترابط، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي لتكامل مشاريع النقل واللوجستيات. توفر المنظمة، التي تجمع دولًا كبرى مثل الصين وروسيا، إلى جانب دول آسيا الوسطى، الهند، باكستان، وإيران، منصة مثالية لأوزبكستان للترويج لمبادراتها النقلية.

الإنجازات والتطورات
نتيجة الإصلاحات الرامية إلى تطوير الطريق العابر لقزوين، زاد حجم البضائع المنقولة بين أوزبكستان وأوروبا عبر بحر قزوين أربعة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية. في النصف الأول من عام 2025، بلغ حجم البضائع المصدرة والمستوردة عبر بحر قزوين (باتجاه تركيا، أوروبا، دول أمريكا الجنوبية، إفريقيا، ومناطق أخرى) حوالي 500 ألف طن، بزيادة 7% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

المبادرات الاستراتيجية
تعمل وزارة النقل في أوزبكستان على تطوير مسارات نقل برية دولية، أبرزها: “الصين – قيرغيزستان – أوزبكستان – تركمانستان – إيران – تركيا”، بطول 5430 كم، مع إمكانية الوصول إلى الموانئ الأوروبية. يتميز هذا المسار ببنية تحتية سككية متطورة تتيح نقل البضائع من كاشغر (الصين) إلى تركيا بالسكك الحديدية، مع وصول إلى أوروبا. كما يتم تطوير روابط بديلة مع إيران، باكستان، والموانئ الجنوبية.

تشمل المبادرات إنشاء أسطول خاص على بحر قزوين لتسريع تسليم البضائع والسيطرة على سلسلة اللوجستيات، إلى جانب الاندماج الرقمي من خلال تطبيق وثائق النقل الإلكترونية وتوحيد الإجراءات الجمركية لتقليل التأخيرات والبيروقراطية.

التحديات وآفاق المستقبل
رغم الإمكانيات الكبيرة للطريق العابر لقزوين، تواجه جاذبيته تحديات تتعلق بتعقيدات الوسائط المتعددة والبنية التحتية غير الكافية. توفر منظمة شنغهاي للتعاون منصة سياسية، آليات أمنية، وإمكانيات تمويلية ضرورية لتنفيذ هذه المشاريع الطموحة. إن التكامل الناجح بين الطريق العابر لقزوين ومنظمة شنغهاي للتعاون لن يعزز فقط السيادة الاقتصادية والازدهار لأوزبكستان، بل سيرفعها إلى مستوى جديد نوعيًا، من لاعب إقليمي إلى فاعل بارز في السياسة والاقتصاد الأوراسي، يشكل إلى حد كبير مستقبل آسيا الوسطى.

الخلاصة
من خلال مشاركتها النشطة في منظمة شنغهاي للتعاون واستغلال الإمكانيات الاستراتيجية للطريق العابر لقزوين، تعزز أوزبكستان مكانتها كمركز نقل رئيسي في أوراسيا. المبادرات مثل خطوط السكك الحديدية العابرة لقزوين وأفغانستان، إلى جانب التحسينات الرقمية والبنية التحتية، تدعم طموح أوزبكستان لتصبح حلقة وصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، مما يعزز الاستقرار الإقليمي والنمو الاقتصادي.