تشو دينغ روي باحث مساعد في معهد التاريخ الحديث بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية
تشانغ يون هو أستاذ قسم التاريخ بجامعة بكين
في ليلة 18 سبتمبر، قام جيش كوانتونغ الياباني بشن هجوم في منطقة شمال شرق الصين، ما بات يعرف بحادثة “9.18”.
كانت “حادثة 9.18” نتاجا حتميا للسياسة اليابانية المتعلقة بمقاطعات شمال شرقي الصين ومنطقة منغوليا الداخلية بالصين. في عام 1927، عقد مجلس الوزراء الياباني اجتماعا، حيث تم تحديد خطة غزو الصين والعالم على مراحل، وبداية من انفصال وغزو المقاطعات بشمال شرقي الصين ومنطقة منغوليا الداخلية بالصين. وفي عام 1929، كان العالم الرأسمالي يعاني من كساد كبير، وفي مأزق اقتصادي داخلي في اليابان، اتجاه توسع القوات آخذ في الارتفاع مرة أخرى. واليابانيون كانوا ينشرون أن منطقة شمال شرق الصين الغنية بالموارد ستكون “شريان الحياة” و”خط المصالح” لليابان لأخراجها من الأزمة. في أقل من نصف عام، غزا الجيش الياباني المقاطعات الثلاث بشمال شرقي الصين. كانت “حادثة 9.18” عملا حربيا لتحدي النظام الدولي بعد الحرب العالمية الأولى وللسيطرة على الصين، وهكذا أصبحت اليابان مصدرا للفاشية العدوانية في الشرق.
بعد “حادثة 9.18″، اتبع شيانغ كاي شيك في ذلك الوقت سياسة “عدم المقاومة” و”عدم التفاوض” ضد العدوان الياباني، واعتمد على وساطة عصبة الأمم وتسويتها. لم تكن “حادثة 9.18” التي شنتها اليابان بداية حرب العدوان الياباني واسع النطاق ضد الصين فحسب، بل كانت أيضا انطلاق الحرب العالمية الثانية في المنطقة.
غزو اليابان للصين من خلال شن “حادثة 9.18” حفز بشكل كبير وألهم القوى الفاشية الأخرى في العالم. بعد عام 1935، شكلت اليابان وألمانيا وإيطاليا تدريجيا التحالف الفاشي العالمي. وفتحت “حادثة 9.18” حقبة من العدوان المسلح الصارخ للقوى الفاشية وقطع أوصال النظام الدولي القائم على الإفلات من العقاب، حيث أضطرت البلدان الأخرى والمناطق الأخرى إلى المشاركة في هذا الصراع، مما فتح مقدمة للحرب العالمية.
في اليوم الثالث بعد وقوع “حادثة 9.18″، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إعلانا، أشار بوضوح إلى طرد الإمبريالية اليابانية من الصين بإطلاق حرب ثورية وطنية، وأكد لأول مرة إلى أن “حادثة 9.18” ستكون بداية الحرب العالمية الثانية، علاوة على ذلك، دعا إلى تسليح الشعب الصيني للسعي إلى الاستقلال الحقيقي للأمة الصينية وتحقيق التحرير الكامل للجماهير. رفع الشعب الصيني راية المقاومة المسلحة ضد اليابان عاليا، وأطلق الطلقة الأولى من حرب المقاومة ضد اليابان، وفتح مقدمة الحرب العالمية ضد الفاشية.
من “حادثة 9.18” إلى “حادثة 7 يوليو”، كانت هذه الفترة فترة مقاومة محلية في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني. وتتجلى مقاومة الصين بشكل أساسي في جانبين: أولا، قاد الحزب الشيوعي الصيني أنشطة مقاومة العدوان الياباني في شمال شرقي الصين وشمال الصين. ثانيا، كانت الفصائل القوية المحلية وبعض الضباط والجنود داخل حزب الكومينتانغ غير راضين عن سياسة التسوية التي كان تنتهجها الحكومة بقيادة شيانغ كاي شيك ضد اليابان فشاركوا في حرب المقاومة ضد الجيش الياباني، وشكلت جهودهم جزءا مهما من حرب المقاومة المحلية للشعب الصيني.
إن حرب المقاومة المحلية للشعب الصيني ضد العدوان الياباني استمرت لست سنوات، ولها أهمية تاريخية كبيرة. بادئ ذي بدء، اخترقت حرب المقاومة المحلية أغلال الاسترضاء الغربي وعدم المقاومة الداخلية، ورفعت راية حرب المقاومة ضد الفاشية لأول مرة في العالم، ممثلة الاتجاه التاريخي العالمي. ثانيا، كانت الأولى في العالم التي ابتكرت شكلا جديدا من أشكال الحرب ضد العدوان الفاشي أي حرب العصابات، والتي ساهمت في تراكم خبرة الحزب الشيوعي الصيني لفتح ساحات القتال خلف خطوط العدو بعد “حادثة 7 يوليو”، وتبنتها لاحقا العديد من البلدان وأصبحت شكلا مهما من أشكال المقاومة في الحرب العالمية ضد الفاشية.
فتحت “حادثة 9.18” مقدمة الحرب العالمية ضد الفاشية، ومع حقائق تاريخية لا يمكن دحضها، حطمت التصور الأحادي الجانب للغرب بأن اندلاع الحرب العالمية الثانية في ساحة المعركة الأوروبية. وفي السنوات الأربعة عشر التي أعقبت “حادثة 9.18″، استمر الشعب الصيني في حرب المقاومة بتضحيات وطنية كبيرة وفي ظل ظروف صعبة للغاية، وبالتالي، تعد الصين ساحة المعركة الشرقية الرئيسية للحرب العالمية ضد الفاشية. لم تحمي حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني سلامة الأمة والوطن فحسب، بل احتوت أيضا على عدد كبير من القوات اليابانية الرئيسية، ودعمت بقوة قوات المقاومة في أوروبا والمحيط الهادئ، وقدمت مساهمات تاريخية كبيرة لا يمكن الاستغناء عنها للفوز في الحرب العالمية ضد الفاشية.
((ملاحظة المحرر: يعكس هذا المقال وجهة نظر الكاتب، ولا يعكس بالضرورة رأي قناة CGTN العربية.)