شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

“القمة الخامسة والعشرون بين الصين والاتحاد الأوروبي”

قراءة تحليلية للتحديات وفرص التعاون بين أكبر الاقتصادات العالمية

بقلم: أ.د. بن خالد عبد الكريم*

في 24 يوليو 2025، عقدت القمة الـ25 بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية الصين الشعبية في العاصمة الصينية بكين، وتأتي هذه القمة في وقت حرج، حيث يواجه الجانبان تحديات كبيرة تتعلق بالعلاقات التجارية، الاقتصادية، والسياسية. استهدفت القمة تعزيز التعاون بين الطرفين في مجالات متعددة، بما في ذلك التجارة، التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الأمن، وحقوق الإنسان، كما تعتبر هذه القمة بمثابة منصة للتعبير عن التزام الاتحاد الأوروبي والصين بالتعاون المستدام في مواجهة التحديات العالمية المشتركة.

تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الانحاد الأوربي والصين :

وذالك بناء على أرضية الاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين (CAI) بتاريخ 30 ديسمبر 2020 في مجالات خدمات النقل البحري والجوي، والتمويل، والكومبيوتر، والأبحاث والتطوير، والسيارات ذات المحركات البديلة، والاتصالات، وخدمات الحوسبة السحابية ، وتحسين الوصول إلى الأسواق  الذي أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى القمة الـ25 بين الاتحاد الأوروبي والصين لتحقيقها، ويعني هذا تسهيل عملية دخول المنتجات والخدمات إلى الأسواق في كلا الجانبين، ويتضمن تحسين الوصول إلى الأسواق مجموعة من الإجراءات والآليات التي تهدف إلى إزالة الحواجز التجارية والتنظيمية التي قد تحد من قدرة الشركات على التوسع في الأسواق الخارجية ، إضافة الى ازالة الحواجز الجمركية خاصة في القطاعات التي يعاني فيها الطرفان من قيود تجارية و تعزيز الشفافية في السياسات التنظيمية والتجارية، مما يساعد الشركات على فهم المتطلبات  التنظيمية بشكل أفضل مما  سوف يساهم في تقليل الحواجز غير الجمركية التي قد تتواجد في السوق الصينية أو الأوروبية، مثل القيود المتعلقة بالمعايير التقنية التنظيمية.

السياق السياسي والاقتصادي للقمة الـ25 بين الاتحاد الأوروبي والصين :

ان العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين شهدت  تطورا كبيرا على مدار العقود الماضية لتشمل التعاون في مجالات متعددة، مثل الاقتصاد، السياسة، التجارة، والبيئة ، وكنتيجة للتحولات في السياسة الأوروبية بات الاتحاد الأوروبي يسعى لتوسيع وتحسين علاقاته مع القوى الكبرى مثل الصين، خاصة في مواجهة الضغوطات من الولايات المتحدة في مجال التجارة والأمن، وفي المقابل شهدت الصين تحت قيادة شي جين بينغ تحولا في سياساتها الداخلية والخارجية، على الصعيد الداخلي تبنت إصلاحات اقتصادية غيرت وجه البلاد إلى قوة اقتصادية هائلة، أما على الصعيد الخارجي فقد أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق لتعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي في مناطق مختلفة من العالم.

اما على صعيد السياق الاقتصادي تعتبر الصين أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي في آسيا، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين الجانبين أكثر من 800 مليار يورو في 2024. تمثل الصين أيضًا سوقا كبيرة للمنتجات الأوروبية مثل السيارات، الآلات، والأغذية ، ويعد الاتحاد الأوروبي هو ثاني أكبر شريك تجاري للصين بعد الولايات المتحدة، ويعتبر من أكبر الأسواق للصادرات الصينية، بما في ذلك الإلكترونيات، الملابس، والأجهزة التقنية ، مع ذلك تظل هناك قضايا تجارية حساسة بين الجانبين مثل القيود المفروضة على الشركات من كلا الجانبين داخل الأسواق التجارية .

مبادرة الحزام والطريق  نقطة ارتكاز للقمة الـ25 بين الاتحاد الأوروبي والصين:

تسعى الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق إلى تعزيز دورها الاقتصادي على مستوى العالم، خاصة في إفريقيا وآسيا وأوروبا، هذه المبادرة تتيح للصين بناء مشاريع بنية تحتية ضخمة في هذه المناطق،  وهي فرصة لتعزيز التعاون بين الصين  وأوروبا  خاصة فيما يتعلق الاقتصاد الرقمي والابتكار لان الصين أصبحت لاعبا رئيسيا في الاقتصاد الرقمي والابتكار التكنولوجي، مع تقدم كبير في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي حتما سوف ندرك لاحقا ان الاتحاد الأوروبي والصين يسعيان إلى تحقيق التكامل في الابتكار، حيث أن الشركات الأوروبية والصينية يمكن أن تستفيد من التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا النظيفة، الذكاء الاصطناعي، و الاقتصاد الرقمي، اما في مجال التغير المناخي والطاقة المتجددة فان الصين والاتحاد الأوروبي يتقاسمان رؤية مشتركة في مواجهة التغير المناخي من خلال بالعمل على تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ و التعاون في تطوير التكنولوجيا الخضراء و الطاقة المتجددة لمواجهة تحديات التغير المناخي.

*أ.د. بن خالد عبد الكريم،

أستاذ محاضر بجامعة أدرار في الجزائر، نائب رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية، عضو الفرع الجزائري للإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين أصدقاء وحلفاء الصين، و عضو الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل.