يصادف الثالث من سبتمبر 2025 الذكرى الثمانين لانتصار حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. قبل ثمانين عاما، خاض الشعب الصيني نضالات شاقة بإرادة حديدية، وحقق نصرًا عظيمًا في حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني. كانت الصين رائدة في المبادرة بتأسيس جبهة دولية موحدة ضد الفاشية، وسادت ساحة المعركة الرئيسية الشرقية للحرب بتضحيات جسيمة، كما قدمت مساهماتٍ كبيرةً في انتصار الحرب العالمية ضد الفاشية.
يُعد انتصار حرب المقاومة للشعب الصيني والحرب العالمية ضد الفاشية انتصارا لقوى العدالة، وأرسى أساسًا متينًا لإقامة النظام الدولي لما بعد الحرب. الصين ركيزة أساسية في ساحة معركة الحرب العالمية الثانية، كما هي المؤيدة والمدافعة عن النظام الدولي بعد الحرب. في عام 1945 وبصفتها عضوًا مؤسسا للأمم المتحدة، شاركت الصين في صياغة ميثاقها، ودفعت إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ولطالما ساهمت الصين في الحوكمة العالمية، ودعمت التعددية الحقيقية، وحافظت بثبات على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها والنظام الدولي على أساس القانون الدولي.
في الوقت الحاضر، يزداد الوضع الدولي اضطرابًا وفوضى، وتعصف نزعة الأحادية بعنف، وتتوالى الأزمات الإقليمية، ويتفاقم عجز الحوكمة العالمية، مما يُشكل تحديات خطيرة للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أدى اختلال التوازن في النظام الدولي إلى العديد من المشاكل، منها الأزمة في الشرق الأوسط. قد طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الأمن العالمية، داعيًا إلى السير على طريق الأمن الجديد النمط القائم على الحوار بدلًا من المواجهة والشراكة بدلا من التحالف، ومبدأ الربح للجميع بدلاً من لعبة صفر مجموع. تتماشى هذه المبادرة مع ميثاق الأمم المتحدة ومقاصدها ومبادئها. وهي تنبع من الثقافة الصينية التقليدية المتمثلة في الدعوة إلى السلام والوئام، وتقدم الحكمة الصينية لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.
تُمثل القضية الفلسطينية جوهر قضايا الشرق الأوسط. ولا يُمكن للكارثة الإنسانية في غزة أن تستمر، ولا يُمكن تهميش القضية الفلسطينية مرة أخرى. يجب تحقيق المطالب المشروعة للأمة العربية في أسرع وقت ،ويجب أخذ الصوت العادل للعالم الإسلامي الواسع على محمل الجد. إن حل الدولتين هو السبيل الواقعي الوحيد للخروج من الفوضى في الشرق الأوسط، وعلى المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لتنفيذه.
بالنسبة للأمة الصينية، تعد استعادة تايوان إنجازًا مهمًا لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية. فيصادف هذا العام أيضًا الذكرى الثمانين لاستعادة تايوان. كانت الدول الرئيسية المنتصرة في الحرب أصدرت إعلان القاهرة وبيان بوتسدام، اللذين نصّا بوضوح على ضرورة إعادة الأراضي التي سلبتها اليابان من الصين، مثل شمال شرقي الصين وتايوان وجزر بنغهو إلى الصين. في 25 أكتوبر عام 1945، أقامت حكومة الصين آنذاك مراسم استسلام مقاطعة تايوان في مدينة تايبيه، حيث استعادت الحكومة الصينية رسميًا سيادتها على تايوان وجزر بنغهو.
في عام 1971، اعتمدت الجمعية العامة القرار رقم 2758، الذي أقرّ بأن ممثل حكومة جمهورية الصين الشعبية هو الممثل الشرعي الوحيد للصين في الأمم المتحدة. يتمتع هذا القرار بأثر قانوني واسع النطاق وسلطة ملزمة، مما يوضح أنه لا توجد سوى صين واحدة في العالم وأن تايوان جزء من الصين. هذا القرار غير قابل للنقض وهو شرط لا مفر منه للحفاظ على المعايير الأساسية للعلاقات الدولية. اقترح البعض عدم تغيير الوضع الراهن في مضيق تايوان، لكن تايوان والبر الرئيسي الصيني ينتميان إلى صين واحدة، وهو الوضع الراهن الأكثر جوهرية في مضيق تايوان. لا يمكن لأحد أو أي قوة أن توقف التوجه العام نحو تحقيق نهضة الأمة الصينية وإعادة توحيد الصين.
نسترجع التاريخ قبل 80 عامًا، وإننا نعظم قيمة السلام والتنمية والتضامن والتعاون. كما قال ماو تسي تونغ: ”حرب المقاومة الصينية هي حرب مقاومة عالمية“، فإن النصر العظيم للشعب الصيني يُقدم أيضًا خبرةً وإلهاما مهما للدول الصغيرة والمظلومة. ”من التزم بالقيم جذب التأييد، ومن خانها عانى العزلة“، ما دمنا متحدين ونناضل بثبات، ستنتصر العدالة في نهاية المطاف على القوة العظمى.
اليوم، نستهل عصر صعود دول الجنوب العالمي. فالدول التي كانت تُهان ويُتنمر عليها وتُحتقر في السابق، تسير بخطى ثابتة في مسارات النهضة الوطنية. وتشهد مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها توسعًا مستمرًا. وقد حققت الصين وشركاؤها نتائج مثمرة في بناء” الحزام والطريق”. ويزداد إصغاء العالم لصوت الدول النامية المشترك.
عند مفترق طرق التاريخ البشري، مُجيبةً على سؤال “السلام أو الحرب، التعاون أو المواجهة”، تقف الصين متمسكةً بمفهوم بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وتدعو إلى عالم متساوٍ ومنظم ومتعدد الأقطاب والعولمة الاقتصادية الشاملة تعود بالنفع على الجميع، وتدافع بحزم عن التعددية وقواعد التجارة الدولية. بصفتها قوةً مؤثرةً في الجنوب العالمي، لطالما وقفت الصين إلى جانب الدول النامية، وأثبتت مسؤوليتها كدولةٍ كبرى في الدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين، وتقاسم فرص الانفتاح والتنمية.
ينتمي كل من الأردن والصين إلى الجنوب العالمي، ويجمعهما هدفٌ مشتركٌ في تعزيز عالمٍ متعدد الأقطاب. يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لتأسيس الشراكة الاستراتيجية الصينية الأردنية. وعلى مدار العقد الماضي، دعم الجانبان بعضهما البعض في القضايا التي تمس مصالحهما الجوهرية، واستمر التعاون في مختلف المجالات في التعمق. تدعم الصين الأردن في حفظ الاستقرار والأمن الوطنيين، وتدعم بقوة القضية العادلة للشعب الفلسطيني، وتُقدّر عالياً التزام الأردن بمبدأ الصين الواحدة. في المستقبل، إن الصين تستعد لمواصلة التعاون مع الأردن من أجل دعم السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، والتشارك في البناء عالي الجودة لـ”الحزام والطريق”، والعمل معا على رسم ملامح طموحة لمسيرة التحديث، وبذل قصارى جهودنا لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية جمعاء.