Friday 20th June 2025
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الصين والعرب: من الإعفاء من التأشيرة إلى بناء شراكة تتجاوز البرتوكول

منذ دقيقة واحدة في 20/يونيو/2025

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

الصين والعرب: من الإعفاء من التأشيرة إلى بناء شراكة تتجاوز البرتوكول

 

وارف قميحة

رئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل

رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث

 

في لحظة يشهد فيها النظام الدولي إعادة تشكيل واسعة النطاق تتقدم العلاقات العربية الصينية بهدوء وثبات لتشكل أحد أبرز مسارات التعاون جنوب-جنوب في العالم المعاصر. وبينما تنشغل قوى كبرى بإعادة التموضع تتحرك الصين بخطى محسوبة نحو توسيع مجالات شراكتها مع العالم العربي، ليس من بوابة الاقتصاد وحده، بل عبر خطاب استراتيجي يُعيد الاعتبار لمفاهيم السيادة والتنمية والاحترام المتبادل.

الإجراء الصيني الأخير المتعلق بتوسيع سياسة الإعفاء من التأشيرة ليشمل جميع دول مجلس التعاون الخليجي لم يكن تفصيلًا تقنيًا عابرًا. فقد مثّل خطوة ذات طابع رمزي وسياسي وتجاري، تفتح آفاقًا جديدة للتقارب الشعبي والثقافي والاقتصادي وتؤكد أن بكين تُراكم الثقة مع العواصم الخليجية خطوة تلو الأخرى.

في الأول من حزيران (يونيو) 2025، بدأت الصين بتنفيذ سياسة تجريبية تقضي بإعفاء مواطني السعودية، الكويت، البحرين، وسلطنة عُمان من تأشيرة الدخول لينضموا إلى الإمارات وقطر اللتين ترتبطان مع الصين باتفاق إعفاء متبادل منذ عام 2018. وبهذا القرار بات مواطنو دول الخليج الست قادرين على دخول الصين دون الحاجة لتأشيرة مسبقة في خطوة وُصفت خليجيًا بأنها داعم حقيقي لحركة الأفراد ومؤشر على مستوى الثقة السياسية المتبادل.

سرعان ما تُرجمت هذه الخطوة إلى واقع ملموس عبر إعلان شركات سياحية خليجية عن إطلاق برامج سفر جديدة إلى الصين وافتتاح خطوط طيران مباشرة إضافية مما يعزز ديناميكية التواصل الشعبي ويدعم الأنشطة التجارية والتعليمية والسياحية التي غالبًا ما تُعد مقدمة لتمتين العلاقات بين الدول.

 

الرسائل السياسية تتعزز: رسالة شي إلى القمة العربية

 

بالتوازي مع التطورات العملية جاءت رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى القمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت  منتصف الشهر الماضي في العراق  لتؤكد أن الشراكة الصينية العربية لم تعد مجرد عنوان دبلوماسي بل هي خيار استراتيجي ثابت في السياسة الخارجية الصينية.

في رسالته أكد الرئيس شي أن “الصين كانت وستبقى دائمًا صديقًا وشريكًا موثوقًا للدول العربية” مضيفًا أن بلاده “تدعم بحزم القضية العادلة للأمة العربية” في إشارة واضحة إلى استمرار بكين في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ورفضها لأي تسويات تتناقض مع قرارات الشرعية الدولية. هذا الموقف المتكرر من القيادة الصينية والذي يُعبَّر عنه بلغة واضحة وخالية من الالتباس يعزز من مصداقية الصين لدى الشارع العربي الذي بات يتابع المواقف الدولية بدقة متزايدة.

 

من المصالح إلى الشراكة الحضارية

لم يعد التعاون العربي الصيني مقتصرًا على التبادل التجاري أو المشروعات الاقتصادية بل بات يتحرك ضمن أفق أوسع يتصل ببناء “مجتمع ذي مستقبل مشترك” كما ورد في الوثائق المشتركة منذ القمة العربية الصينية الأولى في الرياض عام 2022.

الرؤية الصينية لهذا المجتمع تستند إلى فكرة مفادها أن التحديث لا يقتضي التخلي عن الخصوصيات الثقافية والاجتماعية ولا يشترط المرور عبر التجربة الغربية. بل يمكن لدول الجنوب ومنها الدول العربية أن تبني نماذجها التنموية الخاصة انطلاقًا من ظروفها وقيمها. هذا الطرح يلقى صدى متزايدًا في الأوساط العربية خاصة بعد إخفاق نماذج التنمية المفروضة أو المستوردة.

ترى الصين، كما عبّر الرئيس شي في رسالته، أن العالم يعيش “تغيرات كبرى لم يشهدها منذ قرن”وتدرك أن القوى الناشئة في الجنوب العالمي بما فيها الدول العربية لديها الفرصة والحق في إعادة رسم ملامح النظام الدولي الجديد بعيدًا عن الاستقطاب والحروب الباردة الجديدة.

 

من هذا المنطلق تقدم الصين نفسها كقوة دولية لا تنطلق من منطق الهيمنة أو الإملاء بل من منطق التعددية والاحترام المتبادل. وهي في ذلك، تختلف في أدواتها وخطابها عن كثير من القوى التقليدية التي لم تتخلّ بعد عن نزعة التدخل أو اشتراط الولاءات السياسية مقابل الدعم.

الملفت أن التقدم في العلاقات الصينية العربية لا يأتي عبر شعارات عامة، بل عبر سلسلة من السياسات العملية المتدرجة كالإعفاء من التأشيرة وزيادة عدد الرحلات الجوية وتعزيز التبادل الطلابي وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية والانخراط في مبادرات الحزام والطريق التي باتت تضم موانئ وشبكات نقل ومراكز لوجستية في أكثر من دولة عربية.

كل هذه العناصر تُعبّر عن نهج استراتيجي طويل المدى يعتمد على تعزيز الروابط بين المجتمعات وليس فقط بين المؤسسات الرسمية وهو ما قد يُفضي إلى مستوى أعلى من الاستقرار في العلاقات يصعب أن تهزه التغيرات الدورية أو التبدلات السياسية.

 

تمثل اللحظة الحالية فرصة نادرة للدول العربية لتعزيز شراكتها مع قوة دولية صاعدة لا تطلب منها سوى أن تكون على طبيعتها. فالصين لا تعرض نمطًا واحدًا من التنمية، بل تدعم تعدد المسارات وهي لا تسعى إلى ملء الفراغات، بل إلى خلق شراكات مستقلة تقوم على المصالح المشتركة لا على التبعية.

لذلك، فإن نجاح هذه الشراكة يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة الدول العربية على صياغة استراتيجيات متكاملة في التعامل مع الصين تتجاوز البُعد الاقتصادي إلى الثقافة والتعليم والتكنولوجيا والدبلوماسية الشعبية. فكل تقدم في هذا الاتجاه هو خطوة نحو عالم أكثر توازنًا وأكثر احترامًا لصوت الجنوب العالمي.

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *