في عام 2024 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78 قراراً تقدمت به الصين و82 دولة أخرى، تحدد يوم 10 يونيو من كل عام “يوماً دولياً للحوار بين الحضارات، “ويؤكد القرار على أن جميع الإنجازات الحضارية هي تراث مشترك للمجتمع البشري، ويدعو إلى احترام تنوع الحضارات، ويؤكد على الدور المهم للحوار بين الحضارات في صون السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة وزيادة رفاهية البشرية وتحقيق التقدم المشترك، ويدعو إلى الحوار المتكافئ والاحترام المتبادل بين مختلف الحضارات.
وفي 10 يونيو هذا العام، ألقى وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وزير الخارجية، كلمة عبر الفيديو للفعالية الاحتفالية العالمية للأمم المتحدة بمناسبة أول “يوم دولي للحوار بين الحضارات، “حيث أشار إلى أن حضارات العالم تتبادل التألق وتتنوع في قرية الأرض العالمية، وقد أصبح المجتمع البشري مجتمعاً ذا مصير مشترك لا ينفصم، وفي مواجهة الصدمات الهائلة التي أحدثتها التحولات العالمية غير المسبوقة منذ قرن، تبرز قيمة الحضارة بشكل غير مسبوق، ويصبح التفاعل بين الحضارات في غاية الأهمية، ويكون الحوار بين الحضارات في أَوانه، يمثل رباط السلام وقوة التنمية وجسر الصداقة. وإن تحديد الأمم المتحدة لـ”اليوم الدولي للحوار بين الحضارات” يتوافق مع التطلع المشترك لشعوب العالم لدفع الحوار بين الحضارات وتعزيز التقدم البشري، وقد حظي بدعم من جميع الدول الأعضاء، وتدعو الصين دول العالم إلى أن تكون مدافعة عن المساواة بين الحضارات، وممارسة للتبادل الحضاري، ومعززة للتقدم الحضاري.
وفي عام 2023 طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ رسمياً مبادرة الحضارة العالمية، داعياً إلى تعزيز القيم المشتركة للبشرية، وإعطاء الأولوية لتوارث الحضارات وتجديدها، وتعزيز التبادلات والتعاون بين الشعوب على الصعيد الدولي. وهذا يمثل جهداً مهماً تبذله الصين لتعزيز الحوار بين الحضارات، وهو منتج عام مهم تقدمه الصين للمجتمع الدولي في العصر الجديد، ويشكل مع مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي دعماً قوياً لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. وأشار الرئيس شي جين بينغ إلى أن تعزيز التبادل والاندماج والتعلم المتبادل بين مختلف الحضارات البشرية يعتبر الطريقة الضرورية لجعل العالم أكثر جمالاً وحياة شعوب الدول أفضل. وفي الوقت الحالي، يشهد الوضع الدولي تطوراً عميقاً وتتشابك الأزمات والتحديات، وتزداد عجوزات السلام والتنمية والأمن والحكم، فيبرز الدور المهم للحوار بين الحضارات في تعزيز السلام والتنمية في العالم وزيادة الصداقة والثقة المتبادلة بين الدول، كما أصبح خياراً مشتركاً أكثر فأكثر لدول العالم. وإن تحديد “اليوم الدولي للحوار بين الحضارات” هو نقطة انطلاق وكذلك سباق تتابع، ينادي كل حضارة للانضمام إلى صفوف الحوار لاستبدال التحيز بالتفاهم، واستبدال المواجهة بالتعاون، لكتابة فصل جديد معاً في تطور الحضارة البشرية.
هناك قول صيني قديم: “زهرة واحدة لا تصنع الربيع، بينما تجلب مئة زهرة في كامل تفتحها الربيع إلى الحديقة”، يحمل هذا القول الفلسفة الصينية للتعايش المتناغم والجمال المشترك، ويؤكد على أن حديقة الحضارات العالمية لا يمكن أن تزدهر إلا من خلال التسامح والتعلم المتبادل بين الحضارات من الدول والمناطق المختلفة. لقد مرت الحضارة الصينية بخمسة آلاف سنة، فهي غنية في العمق وطويلة في التاريخ، وشكلت خصائص واضحة من الاستمرارية والابتكار والوحدة والانفتاح والسلام. في مواجهة مقولات مثل “صراع الحضارات” و”تفوق الحضارة،” تدعو الصين إلى نظرة حضارية تقوم على المساواة والتعلم المتبادل والحوار والانفتاح، وتدفع جميع الأطراف إلى تجاوز الانقسام الحضاري بالتبادل الحضاري، وتجاوز الصراع الحضاري بالتعلم المتبادل بين الحضارات، وتجاوز التفوق الحضاري بالانفتاح الحضاري. وفي الوقت نفسه، تعد الصين أيضاً ممارساً نشطاً لمبادرة الحضارة العالمية. على أساس الاحترام المتبادل، تجري الحضارة الصينية حواراً متبادلاً عميقاً وتعلماً متبادلاً مع الحضارات الأخرى في العالم، ما يعزز التفاهم المشترك والتقدم، ويوفر خبرة وحكمة ثمينتين للإنجاز المتبادل والتطور الشامل للحضارة البشرية.
المملكة العربية السعودية هي دولة موقعة مشتركة على القرار، وقد بذلت جهوداً دؤوبة لدفع التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات، وقال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”: تمثل الثقافة بمفهومها الشامل قاسماً مشتركاً أساسياً بين شعوب العالم وعاملاً مهماً لتعزيز الأمن والسلم وترسيخ مفهوم التعايش والحوار العالمي من أجل مستقبل أفضل”، تمتلك المملكة تاريخاً عريقا وثقافة غنية، وتعزز مفاهيم الحضارة المنفتحة والشاملة، وتهتم وتشجع الابتكار في التبادل الثقافي. خاصة منذ أن طرح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء “رؤية 2030” اتخذت المملكة إجراءات متعددة لدفع إرث الثقافة وحمايتها وتعزيز الابتكار والتنمية الشاملة، وساهمت مساهمة مهمة في الحوار الحضاري العالمي والتبادل الإنساني، ما دفع الحضارة القديمة في شبه الجزيرة العربية إلى استمرار إظهار حيويتها القوية الجديدة من خلال التبادل والتعلم المتبادل الموجه نحو المستقبل والمنفتح على العالم. هذا العام هو “عام الثقافة الصيني السعودي”، وسيقيم الجانبان سلسلة من الأنشطة المتنوعة لتعزيز التبادل الثقافي والحوار والتعلم المتبادل بين الحضارات. وتستعد الصين للعمل مع المملكة وجميع دول العالم لتعزيز التبادل الإنساني، والتمسك بتوجيه التكنولوجيا نحو الخير، وتعزيز استفادة شعوب العالم من ثمار تطور الحضارة، وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية يتسع للحضارات المختلفة، لجعل زهرة الحضارة البشرية تتفتح بشكل أكثر روعة.