شبكة طريق الحرير الإخبارية/

أذربيجان تحتفل بيوم الاستقلال: مسيرة شعب ونهوض وطن

بقلم: عبد القادر خليل 

رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الإخبارية

في الثامن والعشرين من مايو من كل عام، تحتفل جمهورية أذربيجان بيوم الاستقلال، وهي مناسبة وطنية عزيزة تجسد طموحات وتضحيات الشعب الأذربيجاني في سبيل الحرية والسيادة. في مثل هذا اليوم من عام 1918، أُعلنت أول جمهورية ديمقراطية في العالم الإسلامي – جمهورية أذربيجان الديمقراطية – لتصبح بذلك منارة للحرية والتحديث في المنطقة، رغم أن تلك التجربة لم تدم طويلاً بسبب الاحتلال السوفييتي.

لقد مرّت أذربيجان بمحطات تاريخية معقدة، من الاحتلالات إلى النضال من أجل الاستقلال، وصولاً إلى إعلان استقلالها مجدداً في عام 1991 عقب انهيار الاتحاد السوفييتي. لكن مرحلة البناء الحقيقي للجمهورية الحديثة بدأت مع عودة الزعيم القومي حيدر علييف إلى سدة الحكم في تسعينيات القرن الماضي. فقد مثّلت قيادته نقطة تحوّل تاريخية، إذ نجح بحكمته في ترسيخ الاستقرار السياسي، ووضع أسس دولة حديثة ذات مؤسسات قوية واقتصاد متنوع.

ورث هذه المسيرة المباركة القائد الرئيس إلهام علييف، الذي واصل بحزم رؤية والده في بناء دولة قوية مستقلة ذات سيادة. وفي ظل قيادته، حققت أذربيجان تطورات ملموسة في شتى الميادين، من البنية التحتية إلى الطاقة والاقتصاد، ونجحت في تعزيز حضورها الإقليمي والدولي.

ومن أبرز إنجازات الرئيس إلهام علييف، قيادته الحاسمة خلال حرب الـ44 يوماً في خريف عام 2020، حيث تمكنت القوات المسلحة الأذربيجانية من تحرير أراضيها المحتلة في إقليم قره باغ بعد نحو 30 سنة من الاحتلال، في نصر تاريخي أعاد الكرامة الوطنية ووحّد الشعب حول قيادته.

وقد تسنّى لي شخصياً زيارة جمهورية أذربيجان في عامي 2022 و2023، حيث تشرفت بأن أكون من أوائل الإعلاميين الأجانب الذين زاروا مدينة شوشا عاصمة إقليم كارباخ والمناطق المجاورة لها مباشرة بعد تحريرها بفترة قصيرة، وقد كانت لي فرصة الوقوف عن قرب على حجم الدمار الذي خلفه الاحتلال الأرمني في الأراضي المحررة بإقليم كاراباخ. لقد شاهدت بأم عيني مشاهد مؤلمة لمدن وقرى مدمرة، ومساجد ومراكز دينية دنّسها الاحتلال، ومعالم ثقافية أذربيجانية تم تشويهها أو محوها بالكامل، في محاولة يائسة لطمس هوية المنطقة وتاريخها العريق.

لكن في المقابل، كان الأمل أقوى من الألم. رأيت ورشات العمل منتشرة في كل مكان، وعمالاً ومهندسين يعملون ليل نهار في مشاريع إعادة الإعمار. المساكن تُبنى، المدارس تُجهز، المستشفيات تُشيد، والمطارات تُفتتح… إنها نهضة حقيقية تعكس إرادة أمة لا تستسلم، وقيادة عازمة على إعادة الحياة إلى كل شبر من أرضها المحررة.

اليوم، تبرز أذربيجان كدولة محورية في منطقة القوقاز، بفضل موقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية ورؤيتها الواضحة في الانفتاح على العالم. كما تلعب دوراً نشطاً في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، سواء من خلال مبادرات الطاقة، أو عبر استضافتها للفعاليات الدولية الكبرى، والتي تعكس مكانتها المتنامية على الساحة العالمية.

إن يوم الاستقلال في أذربيجان ليس مجرد احتفال بتاريخ مضى، بل هو تجديد للعهد في مواصلة مسيرة التنمية والازدهار، والوفاء لتضحيات الأجيال التي صنعت المجد، بقيادة رشيدة تستلهم الماضي لبناء مستقبل أكثر إشراقاً.

وبهذه المناسبة السعيدة لا يفوتني أن أتوجه بأحر التهاني والتبريكات إلى جمهورية أذربيجان رئيساً وحكومة وشعباً، متمنياً مزيداً من التقدم والازدهار لأذربيجان بقيادة الرئيس والقائد المظفر إلهام علييف.