شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: باي يوي
تحظى المحادثات الاقتصادية والتجارية رفيعة المستوى الجارية في سويسرا بين الصين والولايات المتحدة باهتمام بالغ من المجتمع الدولي. وفي ظل ضعف التعافي الاقتصادي العالمي، تعد هذه المحادثات فرصة لتخفيف التوترات التجارية، ويتطلع الجميع إلى أن تسهم الاتصالات البناءة بين الجانبين في تعزيز اليقين بشأن نمو الاقتصاد العالمي.
لطالما اعتادت الولايات المتحدة النظر إلى العالم كغابة يحكمها منطق البقاء للأقوى. ومؤخرا، صعدت الحكومة الأمريكية من نهجها هذا، حيث فرضت سلسلة من التعريفات الجمركية الأحادية غير القانونية وغير المبررة، ما تسبب في أضرار جسيمة للعلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية الأمريكية، وألحق أضرارا بالغة باستقرار سلاسل التوريد والإمداد العالمية، وأدى إلى اضطرابات خطيرة في النظام الاقتصادي والتجاري الدولي وآفاق نمو الاقتصاد العالمي. وقد ألحقت سياسة “أمريكا أولا” ضررا كبيرا بمصداقية الولايات المتحدة. أما “التعريفات الجمركية المتبادلة” فقد أثارت اضطرابات واسعة على مستوى العالم، وشهدت مناطق عديدة في الولايات المتحدة احتجاجات ومظاهرات حاشدة. وتعالت الأصوات المنددة بـ”الهيمنة الأمريكية” من مختلف أنحاء العالم. كذلك، بدأ رجال الأعمال والمستهلكون الأمريكيون يشعرون بوضوح بآثار هذه التعريفات الجمركية التعسفية، ما دفع العديد من الشخصيات من مختلف الأوساط في الولايات المتحدة إلى المطالبة بإلغاء هذه الإجراءات غير العقلانية.
في هذا السياق، ومن منطلق الحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي وصون المصالح المشتركة للمجتمع الدولي، أخذت الصين بعين الاعتبار تطلعات العالم ومصالحها الخاصة، وكذلك دعوات القطاع الصناعي والمستهلكين في الولايات المتحدة، ووافقت على التواصل مع الجانب الأمريكي، مما يظهر دورها كدولة كبرى تتحمل مسؤوليتها في حماية النظام التجاري المتعدد الأطراف. وتؤمن الصين دائما بأن الحوار أفضل من المواجهة، غير أن التفاوض لا يعني التنازل من طرف واحد. فالحوار المتكافئ هو السبيل الصحيح لحل المشكلات بين الدول الكبرى، ولن تتخلى أي دولة عن حقوقها المشروعة في التنمية من أجل تلبية متطلبات غير معقولة من دول أخرى. وتدرك الولايات المتحدة جيدا أن التعريفات الجمركية المرتفعة لا يمكن الاستمرار بها، وقد صرحت مرارا بأنها لا تسعى إلى “فك الارتباط” مع الصين. وعلى أساس الاحترام المتبادل، والتشاور المتكافئ، والمنفعة المتبادلة، فإن جلوس الصين والولايات المتحدة إلى طاولة الحوار هو السبيل الوحيد للعثور على أكبر قدر من التفاهم المشترك.
التركيز على إنجاز المهام الوطنية، والمضي بثبات في مسار التنمية عالية الجودة والانفتاح رفيع المستوى، هو مصدر ثقة الصين في التعامل مع القضايا الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة. فالفرص التي يوفرها السوق الصيني واسع النطاق، والعوائد اليقينية الناتجة عن الانفتاح المؤسسي، والزخم المتجدد الناجم عن بيئة الابتكار، والمرونة القوية التي يولدها تفاعل التداول المزدوج الاقتصادية الداخلية مع الخارجية… كلها عوامل تعزز قدرة الصين على مقاومة المخاطر. ولا يمكن لأي صدمة خارجية أن تغير الأساس المتين للاقتصاد الصيني، ولا مزاياه المتعددة، ولا مرونته العالية وإمكاناته الكبيرة، ولا زخم التنمية عالية الجودة الذي يشق طريقه بثبات. ومهما تغيّر الوضع الخارجي، فإن انفتاح الصين الواثق سيبقى كما هو، وستواصل تعزيز التضامن والتنسيق مع المجتمع الدولي، ومقاومة الأحادية والحمائية والتنمر، والعمل المشترك على صون التجارة الحرة والتعددية، ودفع العولمة الاقتصادية نحو مسار أكثر شمولا وإنصافا.
إن دفع الحوار لحل الخلافات بروح من المسؤولية، والحفاظ على المصالح الجوهرية بثبات استراتيجي، وتعزيز زخم التعاون من خلال الانفتاح والتسامح، كلها مواقف واضحة وحاسمة تتبناها الصين تجاه المفاوضات الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة. وستثبت الوقائع مجددا أن الالتزام بمبادئ الاحترام المتبادل، والتعايش السلمي، والتعاون المتكافئ، هو السبيل لتحقيق نتائج تفاوضية تحقق المنفعة المتبادلة لكلا الطرفين.
*باي يوي- صحفي صيني