شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: تشيان شي الإعلامية الصينية
كل مشهد سينمائي هو رحلة تعبر الجبال والبحار، وكل لقطة تحكي قصة ثقافية فريدة. في مهرجان بكين السينمائي الدولي، هذا الحدث الثقافي العالمي، تتوافد الأعمال السينمائية من مختلف أنحاء العالم لتؤلف معًا سيمفونية من الضوء والظل تعكس روح الحضارة الإنسانية. ومن بين هذه الأعمال، يبرز التبادل السينمائي بين الصين والعالم العربي بوضوح، ليشكل جسراً حيوياً يصل بين حضارتين عريقتين.
تزخر كل من الثقافتين الصينية والعربية بإرث تاريخي عريق وتقاليد فنية زاخرة بالجمال والعمق. ومع التقدم المتسارع لمبادرة الحزام والطريق في السنوات الأخيرة، تشهد الشراكة الصينية العربية تطورًا متناميًا يعكس رغبة متبادلة في التقارب والتعاون. وفي هذا السياق، تبرز السينما كأحد أبرز جسور التبادل الثقافي، حيث تؤدي دورًا متزايد الأهمية في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب. ولم يعد مهرجان بكين السينمائي مجرد نافذة لعرض سحر السينما الصينية، بل تحوّل إلى منصة نابضة بالحوار والتعاون وتبادل الخبرات بين صناع الأفلام من الصين والعالم العربي.
في دورة هذا العام من مهرجان بكين السينمائي الدولي، سطعت الأفلام العربية على الشاشات الصينية، حاملة معها نبض الحياة وروح المجتمعات العربية. تنوعت موضوعاتها بين الواقع الاجتماعي والأساطير التاريخية، وبين قضايا المرأة وتجليات الانتماء الوطني. وقد عبّر المخرجون العرب عن رؤاهم بأساليب سردية فريدة، نسجت لوحات سينمائية نابضة بالحياة، تركت أثرًا عميقًا في نفوس الجمهور الصيني. ومثال ذلك الفيلم السعودي نورا، الذي يحكي قصة عائلية تمس قضايا تطور المرأة واكتشاف الذات، كاشفًا عن تعددية المجتمع السعودي، ليحظى بتصفيق حار وتفاعل لافت من المشاهدين.
الجدير بالذكر أنه خلال المهرجان، تم مناقشة العديد من الموضوعات المهمة بين ممثلي المؤسسات السينمائية والمخرجين من الصين والدول العربية، مثل “نماذج جديدة للتعاون السينمائي” و”سرد حكايات طريق الحرير معًا”. وأعرب العديد من المخرجين من الجانبين عن رغبتهم في إنتاج أفلام مشتركة، مؤكدين أن هذا التعاون لا يقتصر على دمج الموارد فحسب، بل يسهم أيضًا في خلق أعمال فنية تنسجم فيها الثقافتان وتثرى تجارب الجمهور.
السينما هي امتداد للغة ولمسة تعانق الروح. فهي لا تحتاج إلى ترجمة لتصل إلى أعماق المشاعر، وتعبر الحدود لتتواصل مع القلوب. في هذا العصر الذي فيه “تمتزج أنت بي وأنا بك”، أصبحت السينما إحدى أقوى أدوات التفاهم الثقافي بين الصين والعالم العربي. ويعمل مهرجان بكين السينمائي الدولي بجد على تعزيز التواصل، حيث يفتح أبواب الصين أمام المزيد من الأصدقاء العرب، ويقرب الصين من العالم العربي.
في المستقبل، ومع التقدم التكنولوجي والانفتاح الأسواق، ستشهد الشراكة السينمائية الصينية العربية آفاقاً أوسع للنمو. ولديها كل المقومات التي تجعلنا نؤمن بأن المزيد من الروائع العابرة للثقافات ستزهر على الشاشات، لتحكي مشاعر وأحلامًا إنسانية مشتركة. كما قال أحد المخرجين العرب: “السينما لا تجعلنا مجرد متفرجين، بل جزءًا لا يتجزأ من قصة الآخر.”