أنتم لستم من تظنون أنفسكم، ونحن لسنا من تظنون كذلك!
يبدو أن هكذا كانت ردود الأفعال الصينية تجاه القرار الأخير للرئيس الأمريكي ترامب بفرض رسوم جمركية على عدة دول من ضمنها الصين، في رؤية جديدة أُطلق عليها (يوم التحرير)، والذي وصفها الرئيس الأمريكي في المؤتمر الصحفي تحت عنوان: (استعادة ثراء أمريكا)، حيث تم فرض رسوم على عدة دول من ضمنها الصين، وبلغت الرسوم المفروضة على البضائع الصينية 34 %.
هناك أغنية شائعة جداً في الصين بدايتها: (كان هناك تنين في الشرق القديم، اسمه الصين).
الصين.. ذلك البلد الذي كان يوماً ما عبارة عن تنين غافٍ مُحاط بالغموض، لا أحد يعلم بماذا يحلم أو يخطط ذلك التنين الذي يرقد على أرض غنية بالموارد، وبموقع جغرافي مستقل بحدوده الطبيعية الفاصلة، ويعمل أهلها بالزراعة وجني المحاصيل.
عزلة خلقت ثقافة فريدة ومستقلة عن الثقافة الغربية، وأسهمت حضارتها التي تمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة في تعزيز ذلك النمط المختلف الذي يحرص على التمسك بالجذور.
في عام 1978م بدأ ينهض التنين بتدرج مدروس تحت سياسة الانفتاح على العالم، مُرحّباً بكل أشكال الاستثمارات الأجنبية ورؤس الأموال والتقنيات، يعاونه الشعب الصيني بالتسلح بروح الاعتماد على النفس والصبر والنضال، في سبيل هيكلة انفتاحية شاملة الأبعاد تنهض بالبلد من جديد وتحولها من موارد مهملة معطلة، إلى نمط تنموي سريع يعمل بلا هوادة، جعلها تقفز في الوقت الحاضر إلى ثاني أكبر دولة في العالم اقتصادياً.
يقول الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز: (رأيت المستقبل للتو.. لم يكن في أمريكا)، حيث تحدث عن زيارته لمقر شركة هواوي في الصين معبراً عن إعجابه بالتقدم التكنولوجي الذي شاهده هناك، وأنه عندما التقى برجل أعمال أمريكي يعمل لسنوات طويلة بالصين أخبره أن الناس كانوا يسافرون في السابق إلى أمريكا لرؤية المستقبل، والآن يأتون هنا!
الصين تلك البلاد المحاطة بالإعجاب والانبهار، ترفض النظرة التقليدية لها كخصم ضعيف ودولة خاضعة، هي لم تعد كما السابق، مما جعلها تفرض بالمقابل رسومًا جمركية على السلع الأمريكية، فهل نحن أمام فصل جديد لحرب تجارية عالمية قادمة؟ لا أحد يعرف، ولكن موقف الصين وردها السريع أظهرها كندّ واثق ومستعد للمواجهة.
*مصدر: صحيفة الشعب اليومية أونلاين