شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: فان يوي تشينغ
وسط الأجواء القوية التي تسود الصين مع حلول موعد انعقاد «الدورتين السنويتين» للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وللمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني لعام 2025، تحظى تنمية الصين الاقتصادية وانفتاحها على الخارج باهتمام كبير.
يأتي انعقاد «الدورتين السنويتين»، اللتين تشكلان منصة مهمة تجمع حكمة كل الأطراف للتباحث حول آفاق التنمية، بعد مرور عام على تنفيذ (خطة العمل) لتعزيز الانفتاح العالي المستوى بشكل مطرد، وبذل جهود أكبر لجذب الاستثمار الأجنبي والاستفادة منه، ولهذا فإن إنجازات وإجراءات الصين في جذب الاستثمار الأجنبي ستكون أحد محاور نقاشات النواب والأعضاء خلال فترة انعقاد «الدورتين السنويتين»، ومحط اهتمام المستثمرين في أنحاء العالم. على مدار العام الماضي، وبتوجيه السياسات، حققت الصين تقدماً ملحوظاً في توسيع الانفتاح على الخارج وتحسين بيئة الاستثمار الأجنبي، مما عزز ثقة المستثمرين الأجانب، فمن خلال سلسلة من الإجراءات العملية، لم تُحافظ الصين على ثقة المستثمرين من أنحاء العالم فحسب، وإنما أيضاً أصبحت محركاً مهماً لنمو الاقتصاد العالمي.
زيادة تدفق الاستثمار الأجنبي
في السنوات الأخيرة، حسنت الصين سياساتها وبيئة السوق فيها، فجذبت مزيداً من مؤسسات الاستثمار الأجنبية الجديدة. أظهر (التقرير الإحصائي للاستثمار الأجنبي في الصين لعام 2024) الصادر عن وزارة التجارة الصينية أن عدد مؤسسات الاستثمار الأجنبية الجديدة التي دخلت الصين في عام 2023، بلغ 53766 مؤسسة، بزيادة بلغت نسبتها 39.7% عن عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لـ (تقرير الاستثمار العالمي 2024) الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، واصلت الصين الحفاظ على مكانتها كثاني أكبر مقصد للاستثمارات الأجنبية في العالم في عام 2024. أصبح استقرار السياسات ونظام سلسلة التوريد المتكامل والتحسين المستمر لبيئة الأعمال في الصين، عوامل مهمة لجذب رأس المال العالمي. إن المؤسسات الأجنبية لا تثق في آفاق التنمية في السوق الصينية فحسب، وإنما أيضاً تدرك مكانة الصين المهمة وإمكاناتها التنموية في الاقتصاد العالمي.
قال فان بنغ هوي، مدير معهد أبحاث الاستثمار الأجنبي التابع للأكاديمية الصينية لتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي لوزارة التجارة الصينية، إن التحسن في جذب الاستثمار الأجنبي يرجع إلى تنفيذ «خطة العمل». فيما يتعلق بتوسيع الوصول إلى الأسواق، تم رفع القيود المفروضة على وصول الاستثمار الأجنبي في قطاع التصنيع بالكامل في القائمة السلبية للوصول إلى الاستثمار الأجنبي في الصين في عام 2024، وتم توسيع نطاق انفتاح المشروعات التجريبية المعنية في قطاع الخدمات، مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والرعاية الطبية.
وقال يانغ تشي هوانغ، الباحث في مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بجامعة بكين، والمركز الوطني للابتكارات المنسقة للحوكمة، والأكاديمية الصينية لعلوم القوى المنتجة، إن تنفيذ «خطة العمل» لا يلبي متطلبات السياسات فحسب، وإنما أيضاً يوسع سياسات تشجيع ودعم الاستثمار الأجنبي.
وأضاف: «حققت ،،خطة العمل،، نتائج كبيرة في مساعدة المؤسسات ذات التمويل الأجنبي على خفض التكاليف الضريبية، وتخفيف مشكلات التمويل، وتقليل القيود المفروضة على الوصول إلى الأسواق. إن «خطة العمل» تحقق فوائد للمؤسسات ذات التمويل الأجنبي، وتعزز في الوقت نفسه بشكل فعال توقعات الاستثمار الطويل الأجل للمستثمرين الأجانب. وفقا لمؤشر ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024، قفزت الصين من المركز السابع إلى المركز الثالث، وتصدرت القائمة في تصنيفات الأسواق الناشئة. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لـ (المؤسسات الألمانية في الصين 2024- 2025.. تقرير استقصائي للمعلومات التجارية)، أعرب 92% من المؤسسات التي شملها الاستقصاء عن نيتها مواصلة أعمالها في الصين. هذه الثقة ليست اعترافاً بالآفاق الاقتصادية للصين فحسب، وإنما أيضاً دعم قوي لالتزام الصين بالانفتاح والتعاون وتعزيز التنمية الاقتصادية العالمية.
وفي الوقت نفسه، تواصل الصين تحسين هيكل الاستثمار الأجنبي، ومن خلال توجيه السياسات وآليات السوق، قامت بتسريع تركيز الاستثمار الأجنبي في الصناعات الناشئة الاستراتيجية، مثل التصنيع الذكي والطاقة الجديدة والدوائر المتكاملة والطب الحيوي، ودفعت تطور السلسلة الصناعية المحلية إلى سلسلة صناعية راقية. من خلال توسيع انفتاح صناعات الخدمات الحديثة مثل الاقتصاد الرقمي والبحث والتطوير والتصميم، تشجع الصين التحول الذكي للصناعات التقليدية وتحويل التصنيع الموجه نحو الخدمة، لتشكيل «رحلة التآزر نحو نفس الاتجاه» بين مخرجات التكنولوجيا الأجنبية وتطبيق السيناريوهات المحلية، وتوجيه الاستثمار الأجنبي للمشاركة في بناء بنية تحتية جديدة النمط، ودعم تخطيط الصناعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
الحكومات المحلية
بدعم من السياسات الوطنية، تقوم الحكومات المحلية أيضاً باستكشاف نماذج جديدة للاستثمار الأجنبي إذ أصدرت حكومة مقاطعة قوانغدونغ (الخطة التنفيذية الخاصة لزيادة جذب الاستثمار الأجنبي والاستفادة منها في مقاطعة قوانغدونغ)، التي توفر حوافز للمؤسسات ذات التمويل الأجنبي والمقرات الرئيسية للمؤسسات العابرة للحدود ذات التمويل الأجنبي، وتدعم تقاسم الموارد بين المؤسسات ذات التمويل الأجنبي والمؤسسات المحلية.
وأصدرت حكومة مقاطعة جيانغسو (تدابير زيادة تحسين بيئة الاستثمار الأجنبي وتعزيز جذبها) لدفع تنفيذ المشروعات الرئيسية ذات التمويل الأجنبي، وجذب الاستثمار الأجنبي العالي الجودة للمشاركة في تعزيز واستكمال وتوسيع السلسلة الصناعية، وتحقيق هدف استخدام الاستثمار الأجنبي لتحسين الجودة بطريقة مستقرة، وبناء نمط تنمية جديد، لتصبح مقصداً ساخناً للاستثمارات الأجنبية. وأصدرت مدينة شانغهاي حزمة سياسات «الاستثمار في شانغهاي 2024» لتعزيز تحول شانغهاي إلى بيئة صناعية راقية وذكية ودولية، وتعزيز ثقة المؤسسات التي تستثمر فيها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هونغ كونغ كبوابة للاستثمار الأجنبي ذات مزايا فريدة في السياسات ودرجة التدويل، تلعب أيضا دوراً مهماً كمركز مهم بين الصين والسوق العالمية. وأطلقت منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة نسخة جديدة من «مخطط دخول الاستثمار الرأسمالي»، والذي يسمح للمستثمرين المؤهلين بالتقدم بطلب للحصول على الإقامة في هونغ كونغ من خلال استثمار مبلغ معين في الأسهم والصناديق والأصول الأخرى، وجذب عدد كبير من الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية وتدفقات رأس المال.
خطوات الانفتاح لا تتوقف
توفر «خطة العمل» اتجاهاً واضحاً للانفتاح الصيني العالي المستوى. إن النجاح في تنفيذ «خطة العمل» على مدار العام الماضي لا يدل على فعالية السياسيات فحسب، وإنما أيضاً يظهر مرونة الاقتصاد الصيني وإمكاناته. في فبراير عام 2025، ناقش الاجتماع التنفيذي لمجلس الدولة الصيني (خطة عمل استقرار الاستثمار الأجنبي في عام 2025) ووافق عليها.
قال فان بنغ هوي: «جاء محتوى (خطة عمل استقرار الاستثمار الأجنبي في عام 2025) أكثر تفصيلا وبراغماتياً نسبياً، فقد ذكرت تحديداً الحاجة إلى زيادة الدعم لإعادة الاستثمار المحلي للمؤسسات ذات التمويل الأجنبي، وتشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في الأسهم بالصين، وتحسين قواعد عمليات الاندماج والاستحواذ الأجنبية وإجراءات المعاملات الخاصة بها. يمكن ملاحظة أن إعادة استثمار الأرباح ستصبح في المستقبل جزءاً مهماً من استقرار الاستثمار الأجنبي، وفي الوقت نفسه، سيصبح الاستثمار في عمليات الاندماج والاستحواذ أيضا وسيلة لزيادة استخدام رأس المال الأجنبي ومساعدة المؤسسات ذات التمويل الأجنبي على الانخراط في السوق الصينية بشكل أكبر».
وأضاف فان بنغ هوي: «أولا وقبل كل شيء، يجب أن نستمر في توسيع الانفتاح المستقل بطريقة منظمة، وتنفيذ التدابير الداعمة المتعلقة برفع كافة القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في قطاع التصنيع الصيني، وزيادة تعزيز انفتاح قطاعات الرعاية الطبية والثقافة والتعليم والاتصالات وغيرها من القطاعات الخدمية، والجمع بين التدابير التقييدية والتدابير المشجعة، وتوجيه الاستثمار الأجنبي إلى المناطق الوسطى والغربية الصينية والصناعات الراقية، ثانياً، من الضروري تعزيز الانفتاح المؤسسي بشكل مطرد، ووضع معايير للقواعد الاقتصادية والتجارية العالية المستوى، والاعتماد على منصات مفتوحة رفيعة المستوى مثل مناطق التجارة الحرة التجريبية، وموانئ التجارة الحرة، ومناطق التنمية الاقتصادية والتكنولوجية على المستوى الوطني لتعزيز التنفيذ التجريبي للقواعد والمعايير، وتوفير حلول قابلة للتكرار وتعميم تقديم المعاملة الوطنية بعد وصول الاستثمار الأجنبي».
*صحفية بمجلة (الصين اليوم)