شبكة طريق الحرير الإخبارية/
دكتورة كريمة الحفناوى
يحتفل العالم بالمرأة فى الثامن من مارس كل عام، للتأكيد على التقدير والاحترام للدور الذى تقوم به النساء، فى سبيل تقدم وبناء ونهضة وتطور العالم فى جميع المجالات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، بعدما خرجت المرأة للعمل ووصلت لمناصب صنع القرار.
ويرجع اختيار يوم الثامن من مارس لاحتجاج النساء فى مصانع الملابس فى نيويوك بالولايات المتحدة الأمريكية، يوم 8 مارس 1856، على ظروف العمل القاسية، وتدخلت الشرطة بطريقة وحشية لفض إضراب النساء.
وعادت النساء فى 8 مارس 1908 إلى الاحتجاج بمظاهرة كبيرة فى شوارع نيويورك حاملة «الخبز والورد»، مطالبة بتخفيض ساعات العمل ومنح النساء الحق فى التصويت ومنع تشغيل الأطفال، وصارت الاحتجاجات فى هذا اليوم من كل عام تحمل مطالب المرأة فى كل الدول.. ففى 8 مارس 1911 احتفلت النساء بيوم المرأة فى عدد كبير من دول أوروبا وكانت المطالب حق النساء فى التصويت وتقلد المناصب العامة، وفى 8 مارس عام 1917، خرجت عاملات النسيج فى مظاهرة كبيرة فى سانت بطرسبرج للمطالبة بـ«الخبز والسلام» فى إشارة إلى إنهاء الحرب العالمية الأولى.
وفى النصف الثانى من القرن الماضى، انضم العديد من المنظمات الحقوقية والمنظمات العمالية إلى الجماعات النسائية فى الدعوة إلى المساواة فى الأجور، وتكافؤ الفرص الاقتصادية، والحقوق القانونية، وحقوق الإنجاب ورعاية الأطفال، ومنع العنف ضد المرأة.
وفى يوم السادس عشر من مارس «يوم المرأة المصرية»، خرجت المرأة للمشاركة فى ثورة 1919 للمطالبة بالاستقلال وخروج المحتل البريطانى، حيث خرجت أكثر من 300 سيدة وفتاة يومى «14 و16 مارس» بقيادة هدى شعراوى وزميلاتها رافعة علم مصر مع الهلال والصليب، وواجهن جنود الاحتلال البريطانى، وسقط عدد من الشهيدات المصريات برصاص جنود الاحتلال ليُسطِّر التاريخ بحروف من نور أسماءهن «حميدة خليل، ويمنى صبيح، وسعيدة حسن، وفهيمة رياض، وشفيقة العشماوى، وعائشة عمر، وحميدة سليمان».
فى اليوم العالمى للمرأة نقدم التحية لنساء العالم لمسيرة كفاحهن، من أجل الحرية والمساواة، ومن أجل عالم خالٍ من العنف والتمييز والحروب والصراعات، عالم يسوده العدل والرخاء والسلام.
فى اليوم العالمى للمرأة نقدم التحية للمرأة العربية القوية الصامدة فى مواجهة الحروب والصراعات، من أجل الدفاع عن أسرتها، وأرضها، ووطنها، فى فلسطين ولبنان والسودان وسوريا، ولكل الفتيات والنساء العربيات ونساء العالم، اللاتى انتفضن وخرجن بالملايين إلى الشوارع، يطالبن بوقف العدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى فورًا، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومحاكمة مجرمى الحرب من الحكومة الصهيونية المتشددة، الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من إبادة جماعية وتهجير قسرى وتطهير عرقى بحق الشعب الفلسطينى.
كما نقدم التحية للمرأة المصرية التى ما زالت تستكمل مسيرة كفاحها من أجل المساواة وامواطنة وعدم التمييز.
يجىء اليوم العالمى للمرأة هذا العام مع سقوط أكثر من خمسين ألف شهيد «70% منهم نساء وأطفال» برصاص العدو الصهيونى العنصرى المتوحش، بجانب معاناة عشرات الآلاف من النساء النازحات فى مخيمات لا تقى من أمطار وبرد الشتاء، وحرارة الصيف الشديدة مع التعرض للمجاعات والأوبئة لنقص الغذاء والدواء.
ويجىء هذا العام مع تعرض المئات من نساء السودان للاغتصاب والقتل، نتيجة للصراع الدائر بين القوات المسلحة السودانية وميليشيات الدعم السريع، بجانب الإجبار على الرحيل للبلدان المجاورة، فى إطار التطهير العرقى بحق القبائل الإفريقية على يد قوات الدعم السريع والقبائل العربية المعاونة لها. مع تعرض الملايين للمجاعة.
وفى ليبيا واليمن وسوريا تتعرض النساء لجميع أشكال العنف المجتمعى والعنف فى أماكن النزاعات الذى يصل لحد تعذيب النساء وقتلهن بجانب استخدام سلاح الاغتصاب.
وإذا انتقلنا لبلدان العالم نجد زيادة الفجوة الطبقية والفقر نتيجة لقلة فرص العمل وزيادة البطالة مما يؤدى إلى التسرب من التعليم والزواج المبكر الذى يؤثر على الصحة النفسية والجسدية والجنسية والإنجابية للنساء. هذا بجانب اللجوء للهجرة غير الشرعية بحثا عن فرصة عمل، والتى تنتهى فى معظم الأحيان بالتعرض للموت غرقًا فى البحار أو القبض على المهاجرين والمهاجرات والأطفال والزج بهم فى السجون، وترحيلهم ونحن نحتفل بشهر المرأة نطالب بـ:
1 – وقف الحروب والصراعات فورًا وإدخال المساعدات الإنسانية من غذاء وكساء ووقود ودواء، ومحاكمة مجرمى الحرب الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أمام المحاكم الدولية.
2- سرعة إصدار القوانين الخاصة بالأسرة «الأحوال الشخصية» والخاصة بمناهضة العنف ضد المرأة.
3- التصديق على الاتفاقية «190» الصادرة من منظمة العمل الدولية فى يونيو 2019، والخاصة بمناهضة العنف فى عالم العمل، والتصديق على الاتفاقية رقم «189» لسنة 2018 الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن «حماية العاملات فى المنازل».
4 – إنشاء المفوضية المستقلة لمكافحة التمييز.
5 – العمل على إدماج المرأة اقتصاديا فى المجتمع، مع ضمان حمايتها اجتماعيا.
6 – تنفيذ وتفعيل القوانين الخاصة بتجريم عمالة الأطفال والاتجار بالبشر.
إننا نحلم بعالم إنسانى خالٍ من العنف والتمييز والقهر، عالم يسوده السلام والعدل والحرية والمساواة، عالم يسوده الاسقرار والتعاون من أجل خير الشعوب ورخائها.