شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوى*
قامت العديد من دول العالم بالوقوف فى وجه ترامب وسياساته الجنونية، التى ستشعل الحروب والصراعات العسكرية والاقتصادية والتجارية، بين الولايات المتحدة الأمريكية، ودول العالم، الاتحاد الأوروبى والدول العربية، والدول الأسيوية ومنها الصين وروسيا وإيران، ودول أمريكا اللاتينية ومنها المكسيك وبنما وكولومبيا وفنزويلا وبوليفيا وكوبا ونيكارجوا، هذا بجانب الدول الإفريقية ومنها جنوب إفريقيا التى قامت فى الأيام الأخيرة بتوقيف جميع الشركات الأمريكية على أراضيها وأوقفت تصدير المعادن إلى أمريكا ردا على فرض جمارك فاحشة على سلعها التى تصدرها إلى أمريكا.
إن السياسات الأمريكية الوحشية التى ينتهجها ترامب على المستوى الخارجى، والسياسات الداخلية المستبدة والإقصائية المخالفة للدستور، ومنها التحكم فى المجمع الصناعى العسكرى، ووكالة التعاون الدولى، بجانب إقالة أكثر من ألف موظف من مختلف الأجهزة، ومطالبته لموظفى مكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة المخابرات المركزية بالاستقالة، وغيرها من السياسات المضرة بالولايات الأمريكية سياسيا واقتصاديا.
هذا بالإضافة للدعم التام للكيان الصهيونى فى سياساتة العدوانية والعنصرية الخاصة بتهجير الشعب الفلسطينى، وإقامة الدولة اليهودية، بل والاستيلاء على مساحات من الدول المجاورة (مصر والأردن وسوريا ولبنان والسعودية) بزعم الحفاظ على أمن الكيان الصهيونى، كل هذه السياسات المستهجنة والمخالفة للمواثيق الدولية ستكون بداية النهاية للسياسات الإمبريالية الأمريكية والفاشية الصهيونية
لايعرف الغزاة الدمويين من الأنجلو ساكسون، الذين جاءوا بعد اكتشاف قارة أمريكا الشمالية، للاستيلاء على الأراضى ومناجم الذهب والثروات، وقاموا بإبادة الملايين من السكان الأصليين، واستخدام كل الطرق البشعة من أجل التخلص منهم، وقيام دولة أمريكا على حساب جماجم ودم السكان الأصليين، لايعرفون معنى الوطن تاريخيا ووجدانيا وجغرافيا وحضاريا.
ولايعرف الذين استعمروا أرض أمريكا، وجلبوا الأفارقة واستعبدوهم، لزراعة الأرض ولخدمتهم، معنى الإنسانية والحرية، ولذا لايعرف دونالد ترامب “شهبندر تجار” الولايات المتحدة الأمريكية إلا لغة القوة والبلطجة والتهديد والوعيد، ومن لم يسمع كلامه سينفيه بل ويزيله من على وجه الأرض.
وبالرغم من مرور أكثرمن قرن على وعد بلفور(1917) الذى تسبب فى جلب العصابات الصهيونية لاحتلال فلسطين العربية، ومن ومرور 77 عاما على قيام الكيان الصهيونى، (عن طريق ارتكاب المذابح والمجازر بحق أصحاب الأرض الفلسطينيين وتهجيرهم وتشريدهم)، وتسبب الوعد المشؤوم فى زرع الكيان الشيطانى، فى قلب الأمة العربية، ككيان وظيفى لحراسة مصالح الاستعمار العالمى، ولتفكيك الأمة العربية وإضعافها، لتستمر الدول الاستعمارية القديمة (فرنس وبريطانيا) والاستعمار الأمريكى الحديث فى نهب ثرواتها وإخضاعها، للسياسات الأمبريالية الرأسمالية المتوحشة المعسكرة، بالرعم من ذلك مازال الشعب الفلسطينى البطل الصامد، والمقاومة الفلسطينية المستمرة، يسطران بدمائهم ملحمة الدفاع عن الأرض العرض الشرف، وعن العزة والكرامة، وعن المقدسات الإسلامية والمسيحية، وعن الأمن القومى لللأمة العربية.
لا يعرف التاجر الطماع المقاول البلطجى، سوى لغة فرض الإتاوات، وعقد الصفقات، وكنز مزيد من الأرباح، فهو لا يعرف معنى القيم والأخلاق والمبادىء وحقوق الآخرين، ولايعرف معنى الوطن والشرف والشهامة، وبالتالى لايعرف دونالد ترامب أن الشعب العربى الحر الأبى، الذى قاوم كل أشكال الاستعمار الذى جاءه من الشرق ومن الغرب، لن يتنازل عن شبرٍ من أرضه، بل عن ذرة تراب أو ذرة رمل من بلاده، فإما العيش بشرف وكرامة، وإما نيل الشهادة.
لايعرف الحاكم الذى يقوم حكمه على الهيمنة ونهب ثروات الغير والفساد والاستبداد معنى لملحمة “طوفان العودة” لأهالى غزة من الجنوب إلى أرضهم وبيوتهم فى الشمال، بالرغم من والبرد والجوع والدمار وفقدان كل مقومات الحياة، نتيجة لعدوان جيش الاحتلال الصهيونى المجرم على غزة والضفة على مدى أكثر من 16 شهرا، الذى ارتكب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقى ومحاولة القضاء على المقاومة، وتهجير الشعب الفلسطينى إلى مصر والأردن وبلدان أخرى.
لا يعرف من قامت دولته على قتل السكان الأصليين والإحلال محلهم، معنى “الثأر” عند العرب و”القصاص”، و”العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم”. ولا يعرف معنى “تجوع الحرة ولاتأكل بثدييها” ولم يسمع الغنوة المصرية ” انا النيل مقبرة للغزاة أنا الشعب نار تبيد الطغاة”، ولايعرف أن الشعوب العربية انتفضت وهبت وزأرت زئير الأسود لتُسمِع صوتها لكل من تسوِّل له نفسه المساس بأراضيها المروية بدماء شهدائها من الأجداد والأباء والأبناء.
لا يعرف بلاطجة العالم الجدد (من لاشرف لهم) معنى التمسك بالأرض (التى هى بالنسبة لنا العِرض والعزة والكرامة والشرف)، فهم يتعاملون مع عدد من الحكام والأنظمة المستبدة الخانعة التابعة لسياستهم الاستعمارية المتوحشة، والمنفذة لأوامرهم التى تضر بمصالح الشعوب، والتى تتسبب فى مزيد من إفقارنا، وتفكيكنا، وإضعاف جيوشنا، وتكون النتيجة الذل والهوان والاستسلام.
وإذا لم تتخذ الأنظمة العربية فى القمة العربية القادمة فى السابع والعشرين من فبراير 2025 قرارات مصيرية وتقف فى وجه التوحش والصلف والغطرسة والبلطجة والعربدة الأمريكية الصهيونية، وتعرف أن عليها أن تأخذ موقفاً موحداً ضد تهجير الفلسطينيين وتوطينهم خارج بلدهم، بما يعنى تصفية القضية الفلسطينية، وقيام “الدولة اليهودية”، ضمن مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، أى القضاء على الأمن القومى المصرى والعربى، وإذا لم تع هذه الأنظمة العربية أن الصراع الآن هو صراع وجود، ستزول الأمة العربية وتخرج من التاريخ والجغرافيا.
إن رد الشعب المصرى والعربى الرافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، أتى ليزلزل أقدام الطغاة، فاحذروا الغضب الساطع آت آت آت، بل واحذروا الغضب الآتى من كل شعوب العالم الحرة التى استيقظت على كذب وزيف وادعاءات حكامها الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والمبادى والشرائع الدولية، واستيقظت على معرفة حقيقة الكيان الصهيونى المحتل الاستيطانى العنصرى، تلك الشعوب والتى انتفضت لتدعم المقاومة الفلسطينية وقامت ضد الإبادة الجماعية، والتهجير والتطهير العرقى، وطالبت بمحاكمة مجرمى الحرب من الكيان الصهيونى، وشركائهم من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاستعمار الغربى الأوروبية، أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطينى.
على القمة العربية القادمة أن تقف ضد مخططات الاستعمار الأمريكى الصهيونى، وأن لاتكتفى بالرفض من خلال الأقوال(الشجب والإدانة) بل تأخذ مواقفاً عملية أى أفعالا فنحن العرب نمتلك أوراق ضغط كثيرة نستطيع أن نضغط بها على التوحش والبجاحة الأمريكية وهى: –
أولا: – الغاء الاتفاقيات مع العدو الصهيونى (اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية أوسلو ومدريد، واتفاقية وادى عربة، واتفاقية محور صلاح الدين (محور فلادلفيا)، حيث أن الكيان الصهيونى انتهك هذه الاتفاقيات أكثر من مرة.
ثانيا: – إحياء اتفاقية الدفاع العربى المشترك.
ثالثا وقف التطبيع فورا، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو الصهيونى، وطرد سفرائهم وإغلاق سفاراتهم، وسحب السفراء العرب من الكيان الصهيونى، ووقف الاتفاقيات الاقتصادية ووقف الاستيراد من الكيان الصهيونى او التصدير إليه.
رابعا: – استخدام سلاح البترول ووقف تصديرالغاز والبترول، إلى كل الدول المشاركة للكيان الصهيونى فى عدوانه على الشعب الفلسطينى.
خامسا: -إنشاء صندوق عربى لإعادة إعمار غزة ولتعزيز مقومات الصمود.
سادسا: – التقدم للمحاكم الدولية لمحاكمة مجرمى الحرب الصهاينة، مع الانضمام الفعلى للقضايا المرفوعة من جنوب إفريقيا ونيكارجوا. والانضمام لمجموعة لاهاى التى تكونت للعمل من أجل إنهاء الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية، ودعم حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، ورفض الالتزام بالصمت، إزاء الجرائم التى يرتكبها الكيان الصهيونى بحق الفلسطينيين.
ويجدر الإشارة إلى أنه رداً على التهديد والوعيد وتبجح حاكم الولايات المتحدة الأمريكية، تكونت يوم الجمعة 31 يناير 2025، “مجموعة لاهاى” من تسع دول من مختلف أنحاء العالم وهى (جنوب إفريقيا والسنغال وناميبيا وماليزيا وكوبا وكولومبيا وبوليفيا وهندوراس وبليز)، للعمل من أجل إنهاء الاحتلال الصهيونى، وأعلنت المجموعة فى بيانها أنها مفتوحة لانضمام دول أخرى، تؤمن بأهداف المجموعة، وتسعى للدفاع عن الحرية، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطينى.
وللوقوف جبهة واحدة ضد الاستعمار الأمريكى الصهيونى، ودعم الموقف الرسمى والشعبى العربى لابد من توافر الحريات للشعوب العربية فى بلدانها، والإفراج عن سجناء الرأى، من أجل حراك شعبي كبير رافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، فالشعوب الحرة الأبية، تتصدى للدفاع عن أرضها وكرامتها وعزتها، ولابد أيضا من الاعتماد على النفس، ووقف الاستدانة من صندوق النقد الدولى والخضوع لشروطه وشروط الدول التى تتحكم فية وهى الدول الاستعمارية الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، ولابد من اعتماد الدول العربية على التنمية المستقلة.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والنصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للاحتلاال والخزى والعار للمستسلمين والمتخاذلين.
*دكتورة كريمة الحفناوي، كاتبة مصرية، عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
**تعكس المقالة وجهة نظر الشخصية للكاتبة ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة طريق الحرير الإخبارية.