شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: ليو تشاو صحفية صينية في مجال الاقتصاد والعلاقات الدولية
مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، العالم يخمن بفارغ صبر ماذا سيحدث؟ ولكن بالمقارنة مع توليه للمنصب في المرة السابقة، العالم الآن لديه الخبرة والثقة وأقل قلقا في استجابة عودته. والصين كأكبر شريك ومنافس للولايات المتحدة في الساحة الدولية، بعد تعايشها مع إدارة ترامب السابقة، تمتلك الصين حاليا بالاستراتيجية الثابتة نسبيا وهي تعرف بكل وضوح أن عودة ترامب هذه المرة لن تشكل صدمة خارجية للصين. وتجدر الإشارة إلى أنه مهما يكون العالم أو الولايات المتحدة أو الصين، قد اختلف الوضع إلى حد كبير عما كان عليه قبل ثماني سنوات.
وفي عصر ترامب 2.0، هناك ثلاثة تغييرات رئيسية على الأقل مقارنة بعصر ترامب 1.0 تستحق المناقشة.
أولا، تتراجع أهمية الولايات المتحدة على الخريطة الاستراتيجية العالمية للصين بشكل كبير. لا تزال الولايات المتحدة البلد الأكثر أهمية في استراتيجية الصين الخارجية، لكنها أقل أهمية بكثير من ذي قبل. قبل ثماني سنوات، كان حجم التجارة الصينية الأمريكية يحتل حوالي 15 في المائة من حجم التجارة الخارجية الصينية، لكن هذا الرقم انخفض اليوم إلى 11 في المائة. وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، أصبحت استراتيجية الصين العالمية أكثر ثراء وتنوعا. حيث حققت البناء المشترك للحزام والطريق نتائج مثمرة، ونالت المبادرات العالمية الكبرى الثلاث التي اقترحتها الصين ثناء المجتمع العالمي وتم توسيع مجموعة البريكس وتعزيز صورة الصين الدولية كبلد مسؤول. والأهم من ذلك، أن صعود دول “الجنوب العالمي” في السنوات الثماني الماضية زاد بشكل كبير من الدعم العالمي للصين. قد تستمر الولايات المتحدة في عصر ترامب 2.0 في إشعال “العواصف”، لكن القوة الموحدة للجنوب العالمي قد أصبحت أقوى في مواجهة الأمواج في عصر ترامب 2.0.
ثانيا، تأثير إجراءات الولايات المتحدة لاحتواء تنمية الصين آخذ في الانخفاض بشكل حاد. منذ حقبة ترامب 1.0، طرحت الولايات المتحدة عديدا من الإجراءات لضغط تنمية الصين، وورثت إدارة بايدن معظم هذه الإجراءات، وحتى كثفتها، ومن بينها رفع التعريفات الجمركية ومحاصرة تطوير التكنولوجيا الصينية والتدخل في قضية تايوان وتشويه سمعة الصين وتضليل الرأي العام، ومع ذلك، لم تنجح في عرقلة التنمية الصينية. وخير مثال لذلك، أصدر ترامب شروط التقييد على الشركة العملاقة الصينية هواوي، وواصل بايدن هذا القمع. ومع ذلك، على مر السنين، اخترقت هواوي الشدائد، وحصلت على خبرة قيمة في استجابة هذه الضغوط.
ثالثا، تحت تأثير العوامل الجيوسياسية، يكون مركز الثقل السياسي للولايات المتحدة أكثر تنوعا.
في العالم الحالي، هناك قضايا شائكة أكثر ملحا من المنافسة الأمريكية الصينية تحتاج معالجة ترامب، من المعارضين السياسيين داخل بلاده إلى الحرب الممتدة بين روسيا وأوكرانيا والصراع بين فلسطين وإسرائيل. ستكون الصين في دائرة اهتمام إدارة ترامب ولكن ليس كالوحيدة فيها.
بناء على هذه التغييرات الثلاثة، يمكن التنبؤ بأن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة لم تعد منافسة على هزيمة من، بل منافسة بين كل منهما لرفع قدرتها الذاتية وتطوير نفسها بشكل أفضل. تشبه هذه المنافسة إلى حد كبير لعبة جولف، لكل طرف معركة خاصة، بدلا من مباراة ملاكمة، حيث لا يمكن الحصول على الفوز بدون سقوط الآخر.
وخلال بضع السنوات الماضية، ارتفعت قدرة الابتكار الصينية بحد كبير، فوفقا ل تقرير “مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024” الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، تحسن ترتيب الصين في القدرة العالمية على الابتكار المستقل من المرتبة الـ22 في عام 2017 إلى المرتبة الـ11 في عام 2024.
إضافة إلى ذلك، لن تنسى الدول الغربية إجراء إدارة ترامب الأول المتمثل في “الانسحاب من المجموعات وخرق المعاهدات”، على الرغم من أن إدارة بايدن تسعى إلى إصلاح العلاقات مع المجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية، إلا أن مصداقية ونفوذ الحكومة الأمريكية بين حلفائها قد ضعفت بشكل خطير. لذلك، فإن عودة ترامب ستشكل قلقا وسط المجتمع الدولي، بينما تحصل الصين دعم العديد من الدول بوقوفها إلى جانب التعددية.
وجدير بالإشارة، هناك تحديات مشتركة للصين والولايات المتحدة، مثل تغير المناخ والذكاء الاصطناعي. فيجب للجانب الأمريكي رؤية الأمر من الصورة الأكبر، والتخلي عن عقلية سابقة من لعبة محصلتها صفر، والذهاب إلى التعاون المربح للجميع، وبالتالي يمكن للعلاقات الأمريكية الصينية القفز من “فخ ثوسيديدس” وتحقيق تنمية سليمة للصين والولايات المتحدة.