شبكة طريق الحرير الإخبارية/
* بقلم: الاستاذ فادي زواد السمردلي
يَشهد العَالم ثورة تقنية غير مسبوقة يَقودها الذكاء الصِناعي، الذي أَصبح قوة دَافعة لتغيير الأنماط الاقتصادية والاجتماعية والعِلمية، وفي هذا السياق تتصدر الصين وروسيا المَشهد العالمي كقوتين رئيسيتين في هذه الساحة، حيث استطاعتا تحقيق إنجازات كبيرة في تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الصناعي، ومن هنا تبرز أهمية بناء شَرَاكَاتٍ إستراتيجية مع هاتين الدولتين لتجذير عَمَلانِيَّات الإبتكار لتحقيق التقدم التكنولوجي للدول الأخرى.
تُعدُ الصين اليوم واحدة من الدول الأكثر تأثيراً في فضاء الذكاء الصناعي، حيث استثمَرت بشكل كبير في البحث والتطوير، وأنشأت بُنية تحتية تقنية عالمية المُستوى، وعلى الجانب الآخر تمتلك روسيا قُدرات تقنية فريدة، وتركز بشكل كبير على التطبيقات العسكرية والأمنية للذكاء الصناعي، إلى جانب الاستخدامات المَدنية مثل الصحَة والطَاقة، فالتعاون مع هاتين القوتين لا يمثل فقط فرصة لتبادل التكنولوجيا، بل يُشّكِّل أيضاً شراكَة استراتيجية يُمكن أن تؤدي إلى نتائج ملموسة تُسهم في تحقيق التنمية المُستدامة.
الصِين بتجربتها الرائدة واللافِتة عالمياً، تقدِّم أُنمُوذجاً شاملاً يُحتذى لدمج الذكاء الصناعي في مختلف جوانب الحياة اليومية، فَمِن أنظمة النقل الذكية إلى المُدن الذكية، نجحت الصين في تسخير هذه التقنية لتحسين جودة الحياة، وتعزيز الكفاءة الاقتصادية، فالتعاون مع الصين يمكن أن يُتيح للدول الأخرى الاستفادة من هذا التقدم عبر نقل المَعرفة والتكنولوجيا.
وفِي المجال الروسي، تمتلك موسكو نقاط قوة إستراتيجية في الذكاء الصناعي، لاسيَّما في المجالات ذات الطابع الأَمني والعسكري، فَنَجاَح روسيا في تطوير أنظمة ذكاء صناعي لدعم القدرات الدفاعية والسيبرانية إنَّمَا يَعكس إمكاناتها الضخمة في هذا المَجَال، فالتعاون مع روسيا يمكن أن يُوفِّر فرصة لتطوير حلول تقنية تتعلق بالأمن الوطني وحماية البيانات، إضافة إلى تعزيز استخدام الذكاء الصناعي في قطاعات مثل الطاقة وإدارة الموارد الطبيعية.
فِي الجوانب المُهمة للتعاون بين الصين وروسيا، الاستفادة من بُنيتهما التحتية التكنولوجية المتقدمة، فالصين استثمرت في شبكات الجيل الخامس، ومراكز البيانات الضخمة، والتطبيقات السحابية، بينما ركَّزَت روسيا على تطوير أنظمة البرمجيات المتقدمة والحلول التقنية المعتمدة على الذكاء الصناعي، فالدخول في شراكات مع هاتين الدولتين يمكن أن يُساهِم في مساعدة الدول الأخرى على تحديث بُنيِتهَا التحتية لتَبنِي حُلولاً ذكية من شأنها تعزيز قُدُرَاتِها على المُنافسة عَالمياً.
إضافة إلى كل ذلك، يُمثِّل التعاون بين الصين وروسيا فرصةً اقتصاديةً واعدة، فالسوق الصيني، باعتباره الأكبر عالمياً، يُوفر إمكانيات هائلة لتسويق التقنيات والابتكارات المشتركة. ومن جهة أخرى، تُعدُ روسيا بوابةً للتوسع نحو أسواق آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية، مِمَّا يَفتح آفاقاً جديدة للشراكات الاقتصادية، فمثل هذا التعاون يمكن أن يُرَّسِخُ ويُوَسِّعُ النمو الاقتصادي، ويخلق فرصاً استثمارية متجددة للدول المُشارِكة.
وَعَلى الرغم من هذه الفوائد، من الضروري بمكان أن تَسعَى الدول التي تتطلع للتعاون مع الصين وروسيا، بوضع استراتيجيات واضحة تحافظ على استقلاليتها التقنية وتحمي مصالحها الوطنية، فالذكاء الصِناعي مَجَاٌل حساس يتعلق بإدارة البيانات وحمايتها. لذا، يجب أن يكون التعاون قائِمَاً على أُسسٍ واضحة من الشفافية وتوازن المَصَالِحِ.
وَفِي الخاتِمة، نؤكد بأن تعزيز التعاون مابين الصين وروسيا في مجال الذكاء الصناعي ليس مجرد خَيَار، بل خطوة إستراتيجية في غاية الأهمية لبناء مستقبل قائم على الابتكار والشراكة من خلال توحيد الجهود وتبادل الخبرات، ولذا، سيكون من السهل تحقيق قفزات نوعية في هذا المجال لِكِلا البلدين الصديقين والحليفين، وهو مايُمَّثِلُ مُستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إن استغلال هذه الفرصة بحكمةٍ يمكن أن يَجعل من الذَكاء الصِناعي أداةً فَعَّالَةً لتحقيق رفاهية الشعوب، وبالتالي دفع عجلة التقدم بقوة وسرعة كبيرة إلى الأمام نحو عِالمٍ أكثَر ذَكَاءً واستدَامةً.
*الاستاذ الصحفي والكاتب الأُردني الشهير فادي زواد السمردلي: “عضو ناشط ومُتقِّدم منذ سنوات طويلة في المجتمع الأردني في مجالات متعددة، ومساعد أول قديم رئيسي وناطق بإسم “الاتحاد الدولي للصِحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العَرب أصدقَاء وحُلفاء الصين في العالم العربي”.
**تدقيق وتحرير: الأكاديمي الأُردني مروان سوداح: “مؤسس ورئيس الاتحاد الدولي للصِحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العَرب أصدقَاء وحُلفاء الصين، وعضو في نقابة الصحفيين الأُردنيين والاتحاد الدولي للصحفيين