شبكة طريق الحرير الإخبارية/
*بقلم: الكاتب غسان أبو هلال، عضو ناشط في الفِرع الاتحادي الأُردني لِ “الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العَرب أصدقَاء وَحُلفاء الصِين؛
**: متابعة وتحرير وتدقيق: الأكاديمي مروان سوداح: مؤسس ورئيس “الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العَرب أصدقَاء وَحُلفاء الصِين”.
في صفحات التاريخ المُشرِق التي تخص عالمينا العَربي والإسلامي والصيني كذلك، دولاً وشعوباً، والتي كُتبت ونُشرت منذ عهد قديم وتتحدث عنها هذه الأيام مختلف المراجع، نقرأ معلومات ونتعرف على وقائع هامة ومتألقة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً وقوياً بكل ما يتصل بالحضارات العريقة لتلك الشعوب والبلدان، وتأثيراتها الإيجابية – السلمية على شعوب وأُمم الكرة الأرضية، وها نحن نُطَالِع في المَرَاجع المُحكَّمة أن العلاقات بين الصين والعرب والمسلمين هي علاقات صداقة ومحبةٍ وتعاونٍ متبادلٍ النفع والهدف، إذ تأكد للجميع أن هذه الشعوب والدول غدت ومنذ زمن طويلٍ وبعيدٍ متآخية في الإنسانية، إذ إنها لم تكن علاقة عادية ولا هادفة لتحصيل مكاسب ماً مِن دولٍ مَا، إذ كانت مُتجذِّرة منذ أيام العصور القديمة التي بادر خلالها العرب والصينيين والمسلمين إلى دفع الشعوب للأمام لبناء عَالَم السلام والوئام والتعاون الجماعي المُثمِر والهادِف لبناء عالم السلام والاستقرار.
وهو ما يَدلُ ويؤكدُ على تألق هذا الثلاثي المُتَصَادِق، ونجاح التعريف به والهدف الإنساني له في مختلف القارات بتعاونها الجَمعِي المُثمر إنسانياً. ولهذا، ثبتت هذه الحضارات مُتألقة ومُتميزة. لذا، تمكنت كذلك من جذب شعوب ودول العالم لذاتها وشعوبها ودولها المتعددة اللغات والقوميات، وهوما قَدَّم مِثالاً يُحتذى للشعوب والقوميات المختلفة في هذا العالم الواسع، الذي ما زال يَنهل من هذه الحضارات ما يَراه مُناسِباً ونافعاً ليومياته.
لكن، أكرر وأقول “لكن” الأهم أيضاً واللافت هنا كما أعتقد، أن هذه الصِلات بين العَرب والمُسلمين والصينيين و “العَالَم الآخر” كذلك، كان سَهلاً كَونَهُ اختط الخط السلمي والإنساني القسمات للتعاون الواسع مع الآخر وليس الحرب والنهب، كما هي أهداف جزء من الغرب للتوسع الدموي.
لقد أبدع العرب والمسلمين والصينيين لصالح علاقات التآخي بين بعضهم البعض ومع الآخر كذلك، ولاسِيَّما بالذات لصالح علاقات المَنفعة المتبادلة السلمية، والتآخي الإنساني العام – العَالمي، والتبادل التجاري، والبحث العِلمي المُتداخِل بين قوميات شعوب الأقطار العربية والإسلامية ودولة الصين الصديقة والحَليفة، بل ومع قوميات وشعوب عديدة في الدنيا.
آنذاك، في العُهود القديمة، لم تكن طائرات ولا سكك حديدية، ولا سيارات ولا حافلات مختلفة متعددة المَهام. وبالرغم من ذلك، كان اللقاء بين العرب وغير العرب سَهلاً. ولذلك، فقد ثَبَتَت وتَطَوَّرَت ضمن العلاقات الأُممية والتعاون الجماعي بين كل تلك الأطراف المتصادقة والمتحابة، التي وَجَدت حينها سُبلاً للقاء والتبادلات النافعة بين بعضها البعض، إمَّا عن طريق البحر أو البِر والقوافل التجارية، أو من خلال وسائل غيرها أيضاً. وبالرغم من ذلك لم تكن هذه العلاقات العربية – الإسلامية – الصينية مع الأَخْر الإنساني مُقتَصِرة فقط على التجارة، بل كانت تتوسَع وتتنوع أهدافها السلمية باستمرار ليَشهد تاريخ الأُمم والشعوب تعاوناً عربياً وإسلامياً وصينياً متقدماَ وسلمياً في مجالات كثيرة، ضمنها التبادل العِلمي، والطبي وغيرها من العلوم أيضاً.
ولكن، مع بدِء العملية الواسعة للاستعمار العَالمي من طرف عددٍ من الدول الكُبرى؛ التي تَطلَعَت بنهم للتوسع الأرضي السريع في مختلف بِقاع الأرض؛ تم غربياً إسالة دماء العَرب وغير العَرب في قارات مختلفة، تطلعاً من أربابِ هذا الاستعمار لنهب شيطاني لِ “المُستعمَرات”، وللاتجَار بِمَا سرقوه من أراضي تلك المُستَعمَرات من خيرات كثيرة عَملت شعوب الدول المُسالمة على أنتاجها والحفاظ عليها بتوظيفها لخير شعوبهم، إذ صَمَّمَ قادة هذا الاستعمار الدّمَوي على تواصل بَسط سيطرتهم على غيرهم من دولٍ وشعوبٍ، ونهب خيرات المُسْتَعْمَرِينَ (غير الغربيين)، وهو ماأدَّى، وللأَسف الشديد، إلى قطع الصِلات والعلاقات التي كانت طيبة وناجحة بين عالمين عربي – إسلامي وآخر غربي، ذلك بعد أن تأكد أن الغرب يَستمر بتوظيف سياساته في نهج إلحاق الدول والشعوب الأخرى به استعمارياً، فتراجعت تلك العلاقة الودية – الحميمة بين العرب والمسلمين من جهة، والغرب من جهة، وبالرغم من كل ذلك بقي المجتمع العربي والمجتمع الإسلامي ثابتاً على ركائز مدنيَّته وحضارته التاريخية العريقة وذات الأمر في الصين كذلك.
وفي تلك الفترة أخذت هذه الجهات الثلاث المتصادقة بتطوير ذاتها وصيانة توظيف عملانيات الخير والسلام والآمان العام والأوسع بين الشعوب، مَاأكد سِلمية وذَكاء العَرب والمسلمين والصينيين ومسيحيي الشرق بالذات، فانشرت اللغة العربية واللغة الصينية والعديد من لغات الدول الإسلامية والعادات والتقاليد العربية والإسلامية والصينية العريقة في بقاع العالم وبين شعوبه، وكذلك الأمر تَدَرَّجَ إلى مَايتصل باللغات والثقافات العربية والإسلامية والصينية، فتأكد بالتالي لغير الإستعماريين التطلعات السلمية للعرب والمسلمين والصينيين، والمنهج السلمي والثابت وثقافاتهم المِثَال والمتقدمة التي تم توظيفها عربياً وإسلامياً ومسيحياً وصينياً لنُصرة السلام والإخاء الدولي.
وختاماً، من الضروري أن نُشير هنا إلى إن الاستعمار الذي فقد منذ زمن طويل مطوي مكانته “العالية..!”، وشخصيته السلطوية الدموية على العَالمين العَرَبي والإسلامي والعالم الصيني، لن يعود ثانيةً لدولنا، فقد تأكد أن العرب والمسلمين والصينيين ينهجون المنهاج الحياتي والدفاعي الصحيح والثابت الذي عمل، وها هو مايزال يعمل على تأثير واسع وعميق متعدد الجوانب على الغرب وثقافته ومنهجيته الحياتية، إذ انتهى الاستعمار الغربي المُبَاشِر منذ زمن انطوى ليحل محله الصهيوإسرائيلي، لكن إلى فترة قصيرة كما نؤمن.
وختاماً: علمتنا الحياة وعلمنا تاريخ الأمم أن أي استعمار لن يتمكن من البقاء حياً، وبأن أي احتلال سيزول حتماً وتُزَل كل ما يُسَمَّى “حَضَارَ – ة!” له لأن جُلها إنما هو الاستعمار والقتل للآخر الإنساني في تلك البقاع التي سبق واستولى عليها بعمليات القتل المُمَنهَج لردح من الزمن، إذ يشهد تاريخ الأُمم على الطرد المتواصل للاستعماريين من الأراضي التي سبق واستعمروها، وهو مايؤكد تراجعه وانكماشه في زمننا الحالي.
وختاماً: لا بد من التأكيد أننا في هذا الزمن الذي نعيش فيه نحتاج إلى شعب جبار كشعب جمهورية الصين الشعبية كي نستعِيد أمجادنا وحضارتنا وتاريخنا لتوظيفها في زمننا الراهن، كي نزهو من جديد، ونتطلع الى غدٍ مشرقٍ بالازدهار والتطور، ولنُعِيد ماهدمه الاستعمار والاحتلال.