شبكة طريق الحرير الإخبارية/
*بقلم: الاستاذ الصحفي والكاتب الأُردني الشهير فادي زواد السمردلي: “عضو ناشط منذ سنوات طويلة في المجتمع الأردني في مجالات متعددة، وفي الفرع الأُردني للاتحاد الدولي للصِحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العَرب أصدقَاء وحُلفاء الصين “.
**تدقيق وتحرير: الأكاديمي الأُردني مروان سوداح: “مؤسس ورئيس الاتحاد الدولي للصِحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العَرب أصدقَاء وحُلفاء الصين “.
تُعَدُ العَلاقات والصِلات والمَحَبَّة بين البلدين وشعبي المَمْلَكَة الأُردُنيَّة الهاشِمِيَّة وجمهورية الصين الشعبية أنموذجاً مُهمَاً يُحتذى به على مُستويات التعاون الثنائي، والقارِي، والدولي الذي يتجاوز الحدود الاقتصادية والسياسية، ليشمل شَرَاكَات إستراتيجية واسعة تُسهِم في تطوير التنمية المُستدامة وتعزيز أجواء الإزدهار الوطني والثنائي للدولتين الصديقتين.
لقد شَهِدَت هذه العلاقات بين الدولتين الأُردن والصين، تَطورات مَلحوظة في العقود الأخيرة، بَدءاً مِن إقامة العَلاقات الدَبلومَاسِيَّة بين البَلدَين في عام 1977، وَ وصولاً إلى المَرحلة الراهنة التي تتميز بتعاون مُستمر ومُتعدد الأبعاد. وعلى الرغم من المسافة الجغرافية الطويلة التي تفصل بينهما، إلا إن الحِكمَة السياسية والقيادة النابهة في كل من الأُردن والصين قد ساهمت مساهمةً بناءةً في بناء علاقات قوية الأُُسس والمَدَامِيك، إذ ساعدت على تعزيز التعاون وتعميقه المتواصل في مختلف المجالات.
تُعدُ القيادة السياسية الأُردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، والقيادة الصينية بقيادة الرئيس شي جين بينغ، من أبرز العوامل التي أسهمت في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فالنظرة الإستراتيجية للقيادتين في كلا البلدين تقوم على أُسس صَلبةٍ لتعزيز التعاون في مجالات متعددة، بدءًا من التجارة، مروراً بالبُنيةِ التحتِيَّة، وَ وصولاً إلى الأَمن الدولي. كَمَا لعبت الزيارات الرسمية المتبادلة بين الجانبين دورًا مِحوَريًا في تقوية الروابط بينهما، حيث شهدت السنوات الأخيرة تبادل زيارات رفيعة المستوى ساهمت في فتح آفاق ثنائية جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي.
تُعتَبر زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الصين في عام 2013 نقطة تَحَوّل في العلاقات بين البلدين، إذ تم توقيع إتفاقيات تعاون في مجالات عديدة، بما في ذلك المشاريع التنموية الكُبرى، والطاقة المتجددة، والتعليم. وعلى الجانب الآخر جاءت الزيارة الصينية الرسمية إلى الأُردن في السنوات الأخيرة لتعكس التزام الصين بتعزيز التعاون مع الأُردن في مختلف المجالات، بما يتماشى مع مبادرة “الحزام والطريق”، التي تسعى الصين من خلالها إلى توسيع شبكة علاقاتها الاقتصادية والتجارية على مُستوى العَالَم، مِمَا يَمنَح الأُردن فرصة للاستفادة من هذه المبادرة بشكل كبير.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن نتيجة للأزمات الإقليمية المُتَلاحِقة، إلا إن العلاقات الاقتصادية مع الصين قد أثبتت قوتها خلال السنوات الماضية، إذ تُعَدُ الصين حالياً من أكبر الشركاء التجاريين للأردن في آسيا، حيث تستورد المَملَكَة من الصين العديد مِن السِلع مِثل المُعدات الإلكترونية، والآلات، والمواد الخام، بينما تصدر إليها بعض المنتجات مثل الفوسفات، والبوتاس، كما أن الدعم الصيني في مجال البُنية التحتية كان له دَور كَبير في تحسين الوضع الاقتصادي للأُردن، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع الكُبرى مثل تَحسين شبكة الطُرُق والمَوانئ.
وفي ذات الفضاء التعاوني الأُردني – الصيني، نرى ونتابع المَدَيَات الواسعة للاستثمار الصيني الكبير في الأًردن، إذ لا يقتصر على القطاعات التقليدية، بل ها هو يَمتَد إلى مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة. فَمِن خلال مُبادرة “الحزام والطريق”، يُمكن للأُردن أن يُطوِر مشروعات ضخمة في البُنية التحتية، ويُعزز مكانته كمحور للنقل والتجارة في المنطقة، وعلى سبيل المِثال، تم توقيع العديد من الاتفاقيات في مَجَال الطاقة الشمسية والطاقة النظيفة، مَا يُسَاهِم في تلبية احتياجات الأُردن من الطاقة، ويُعزِّز استدامة البيئة في الوقت ذاته.
من أبرز جوانب العلاقة الأُردنية – الصينية التنسيق السياسي والدعم المتبادل في مختلف القضايا الدولية.
فالصين، وبِمَاَ أنها عضو دائم في مجلس الأَمن الدولي، لَعِبت دورًا مهمًا في دعم مواقف الأُردن في القضايا الإقليمية والدولية، لاسيَّما بما يتعلق بالقضايا ذات الصِلِةِ بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والحفاظ على السلام في منطقة الشرق الأوسط. وقد عَبَّرت القيادة الصينية عن دعمها الثابت لحقوق الفلسطينيين، مِمَّا يَعكِس توافقًا كبيرًا بين مواقف البلدين في هذا الشأن. كذلك، أظهرت الصين التزامها في تمكين الاستقرار الإقليمي من خلال التعاون مع الأُردن في قضايا الأمن، وهو ما يُعَزِز قُدرات الأردن على تحقيق مصالِحِهِ السياسيةِ في شتى المحافِل الدولية.
إلى جانب الجوانب الاقتصادية والسياسية، فإن التعاون الثقافي بين الأُردن والصين يُمَثِّل حَجَر الزاوية في تقوية العلاقة بين الشعبين، إذ تنشط الحكومة الصينية على تقديم مِنح دراسية للطلاب الأُردنيين، مايُعَزِّز التبادل الثقافي والتعليمي بين القُطرَين، كما يُسهِم الأُردن في نشر الثقافة العربية في الصين من خلال إقامة فعاليات ثقافية وتعليمية تشارك فيها الجامعات والمؤسسات الثقافية، ذلك أن هذا التعاون الثقافي لا يقتصر فقط على التعليم بل يشمل أيضاً السياحة، والفعاليات الثقافية والفنية التي تساعد على تدعيم بناء جسور التفاهم بين الشعبين.
في الخِتام، يُمكن القول بكل ثقة، أن العلاقات الأُردنية الصينية قد شهدت تحسناً مَلحوظاً بفَضل الرؤية الحكيمة للقيادتين السياسيتين في كلا البلدين، والتعاون المُستمر والمتعدد الجوانب بين الدولتين والحكومتين، إذ ساهم ذلك في تحقيق فوائد رسخت في مجالات الاقتصاد، السياسة، الثقافة، والتنمية، ذلك أن القيادة الحكيمة في كِلا العاصمتين عمَّان وبِكين تستمران بتوطيد التعاون من خلال المبادرات الاستراتيجية التي تخدم مصالح البلدين والشعبين على المَدى البعيد، ومن المُتوقَّع أن تستمر جسور وآواصر التواصل في العلاقات النمو، وأن تَبني إزدهاراً أوسع فأوسع وأشمل، مِمَّا يُسهِم في تمكين الاستقرار والتنمية في منطقة “الشرق الأوسط”، وبالتالي تأكيد ثبات الروابط العميقة – المتميزة والصلدة بين الأُردن والصين أولاً، وبين الأُردن والصين والعالم العربي ثانياً، وبين دول القارة الآسيوية والعَالَم والصين ثالثاً.