شبكة طريق الحرير الإخبارية/
تشوهاي (شينخوا) أشاد الممثلون المشاركون في الدورة الثالثة للمنتدى الصيني-العربي للسياسيين الشباب، التي عقدت يومي الأربعاء والخميس في مدينة تشوهاي الصينية، بمبادرة الحضارة العالمية التي اقترحتها الصين. وأكد المشاركون على أهمية المنتدى في تعزيز ثقافة السلام، لا سيما في ظل احتدام الصراعات في مناطق مختلفة من العالم.
قال محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الوزراء السابق لدولة فلسطين، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، إن العلاقات قديمة بين الصين والدول العربية ومرتبطة بالتواصل الحضاري بين حضارتين عظيمتين. وأضاف أن هذا التواصل والتناغم بين الحضارتين مبني ليس فقط على الاحترام المتبادل وتشابك المصالح، بل مستند إلى مواقف مبدئية عكست نفسها على العلاقات السياسية الاقتصادية والثقافية في الأوقات الحالية والعصر الحالي.
وفي السياق ذاته، قال عبدالله السعيدي، عضو جمعية الصداقة العمانية الصينية إن سلطنة عمان والصين دولتان تشتركان في العديد من القيم والمبادئ، مثل عدم التدخل في شؤون الغير واحترام الآخر والسعي لحل الخلاقات بالطرق السلمية ومد جسور الصداقة والسلام مع الجميع وتبادل المنافع.
في مارس عام 2023، كانت قد طرحت الصين لأول مرة مبادرة الحضارة العالمية، داعية إلى بذل جهود مشتركة لاحترام تنوع الحضارات والاستفادة من القيم العميقة لتاريخها وحضاراتها، الأمر الذي حظي باهتمام واسع في جميع أنحاء العالم.
وتعد جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم توقع مع الصين على وثيقة التعاون بشأن بناء “الحزام والطريق”، وكذلك وثيقة بشأن تفعيل مبادرة الحضارة العالمية.
وبدورها، قالت منال غاوي، عضوة المجلس الأعلى للشباب بالجزائر، إن مبادرة الحضارة العالمية ليست مجرد إطارا نظريا بل يجب أن تحقق أهدافا استراتيجية تشمل تعزيز التفاهم الحضاري بين الشعوب، والتعاون الثقافي والتعليمي، ومواجهة التحديات العالمية بروح مشتركة بما في ذلك الأزمات المناخية والنزاعات الإقليمية والتحولات الجيوسياسية.
أما منى الرصيص، الباحثة في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، فقالت إن مناطق مختلفة من العالم شهدت احتداما للصراعات لأسباب مثل الصراع على الموارد، ولكن العوامل الأيديلوجية تلعب دورا أيضا في تلك الصراعات. وأردفت أن تغيير الصورة الذهنية السلبية التي تم ترسيخها عن شعوب ودول معينة خلال عقود طويلة لها تأثير حتى الآن خلال الالتقاء بين شعوب تلك الدول، وبالتالي فإن مبادرة الحضارة العالمية يمكن أن تكون جسرا للتفاهم بين الشعوب ومحو تلك الصورة السلبية.
في السياق ذاته قال دينغ جيون، رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إن العالم اليوم يمر بتغيرات غير مسبوقة، ولا تزال الهيمنة الثقافية والاستعمارية والعنصرية مترسخة، إذ ما زالت بعض القوى الكبرى تروج لنظريات “صراع الحضارات” و”تفوق الحضارة”، وتواصل بعض هذه القوى نشر مفاهيم مثلما يسمى بـ”التهديد الصيني” و”التوسع الصيني” و”الإسلاموفوبيا” وغيرها، بالإضافة إلى تضخيم صراعات الحضارات وتفوقها لإحداث الشقاق بينها، مضيفا أن بعض الدول تسعى لتشكيل “تحالفات قائمة على القيم” باستخدام روايات زائفة عن “الديمقراطية ضد الاستبداد”، مما يثير النزاعات الأيديولوجية بين الشعوب، وهذا انحراف خطير عن مسار التاريخ والتقدم الحضاري.
وفي حديثه عن النزاعات وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، قال محمد اشتية إن “العرب شركاء مع الصين من أجل إصلاح العالم والوصول إلى نظام عالمي أكثر عدلا وبعيدا عن الهيمنة والتسلط والاستعمار ومن أجل حق الشعوب في تقرير مصيرها… نحن والصين الصديقة نُدين التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية ودول المنطقة، الأمر الذي خلق عدم استقرار في سوريا واليمن وليبيا والسودان لإبقاء المنطقة متوترة وكأنها بحاجة إلى الولايات المتحدة”.
وبدوره، قال أحمد سعد الدين، وكيل أول مجلس النواب المصري في كلمة ألقاها أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى “أشيد بمواقف جمهورية الصين الشعبية الصديقة وأعبر عن التقدير العربي الكبير للسياسات الصينية الداعمة للقضايا والحقوق العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهو أمر يتواءم مع العلاقات العربية الصينية الراسخة والضاربة في جذور التاريخ”.
انعقدت الدورة الثالثة للمنتدى الصيني-العربي للسياسيين الشباب يومي 27 و28 نوفمبر في مدينة تشوهاي بمقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، تحت عنوان “مساهمة القوة الشبابية في بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية في العصر الجديد”.
وأقامت الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ولجنة الحزب لمقاطعة قوانغدونغ بشكل مشترك هذه الدورة من المنتدى، والتي يشارك فيها حوالي 200 ممثل من الأحزاب والحكومات ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام والجامعات والشركات من 21 دولة عربية إلى جانب الممثلين الصينيين من الأوساط المختلفة.
وقال ليو جيان تشاو، رئيس الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إنه في مايو الماضي، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ والقادة العرب الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي واقترح شي أن تعمل الصين والدول العربية معا على تشكيل “الأطر الخمسة للتعاون” لرسم مخطط لتنمية العلاقات الصينية-العربية. ويجب أن يكون الشباب الصينيون والعرب حراسا للسلام والأمن ومعززين للمنفعة المتبادلة والفوز المشترك والتبادلات الحضارية، ويجب أن يساهموا بقوتهم الشبابية في بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية في العصر الجديد.
وفي المنتدى تم اعتماد “إعلان تشوهاي للدورة الثالثة للمنتدى الصيني-العربي للسياسيين الشباب من أجل تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية” يوم الخميس.