فايزة/ صحيفة الشعب اليومية أونلاين
4أكتوبر 2024/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ يشير التحديث إلى التغيرات العميقة التي حدثت في المجتمع البشري منذ الثورة الصناعية، ويشمل هذا التغيير التحول من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث ومن السياسة التقليدية إلى السياسة الحديثة، ومن الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الحديث، ومن الحضارة التقليدية إلى الحضارة الحديثة. كما أن التحديث هو منتج حتمي لتطور المجتمع البشري في مرحلة تاريخية معينة، والنتيجة الحتمية لحركة التناقضات الاجتماعية الأساسية، ورمز تطور وتقدم الحضارة الإنسانية، والسعي المشترك للشعوب في جميع أنحاء العالم، وهو الهدف الذي يسعى اليه الشعب الصيني أيضاً.
ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة تهنئة للعام 2023 عبر مجموعة الصين للإعلام وشبكة الإنترنت في عشية رأس السنة الجديدة، قال فيها، إنه في عام 2022، عقدت الصين المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح، حيث وضعت الخطوط العريضة لبناء دولة اشتراكية حديثة والدفع بالنهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل عن طريق التحديث صيني النمط، مما أطلق صفارة العصر للمضي قدما في المسيرة الجديدة بروح معنوية أعلى. ويعد تحقيق الرخاء المشترك للجميع الهدف الجوهري للتحديث صيني النمط .
ماذا يعني التحديث صيني النمط؟
شاركت مؤخرًا في ورشة عمل بعنوان ” فهم التحديث صيني النمط لعام 2024 ” تحت شعار “معاً نحو بناء مجتمع متواصل”، برعاية جامعة الاتصالات الصينية(CUC)، وقسم الدعاية للجنة الحزب لبلدية تشوتشو. وفي هذا الإطار، كانت لي الفرصة لزيارة مدينة تشوتشو، بمقاطعة تشجيانغ جنوبي دلتا نهر اليانغتسى الذي يمتد على ساحل جنوب الصين الشرقي، والمشاركة في احتفالات الذكرى الـ 2575 لميلاد الفيلسوف الصيني العظيم كونفوشيوس، الذي يُعتبر واحدًا من أعظم الشخصيات الفكرية في التاريخ الصيني. وبهذه المناسبة لا يتم الاحتفال بإرث كونفوشيوس فحسب، بل خلق فرصًا لتعميق العلاقات الثقافية أيضًا، مما يضمن بقاء الفلسفة الكونفوشيوسية ذات صلة بالعصر الحديث.
لا شك أن التحديث على الطريقة الغربية يشير إلى التحول من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث، ويشير المجتمع التقليدي في أدبيات علم الاجتماع إلى مجتمع يتميز بالتوجّه نحو الماضي، لا المستقبل، بالإضافة إلى وجود هيمنةٍ كبيرة للأعراف والتقاليد، وهذا قد يتعارض مع نظرية التحديث. لكن، من خلال مشاركتي في احتفالات الذكرى الـ 2575 لميلاد الفيلسوف الصيني كونفوشيوس في تشوتشو، اكتشفت أن التحديث في الصين مختلف تماما عما يشير إليه في العالم الغربي، حيث أن التطور الصناعي في المدينة وما حققته من اختراقات تكنولوجية لم يؤثر على الممارسات التقليدية، المتجذرة بعمق في النسيج الاجتماعي الثقافي والمشفوعة بقيم روحية عند الصينيين. ولا تزال ثقافة الأجداد تلعب دور مهم في حياة الكثير من الأحفاد في العصر الحديث.
كما سنحت لي الفرصة من خلال زيارة بعض المناطق في تشوتشو، أن اكتشف قرية صغيرة استطاعت أن تكسر نمط التحديث المرتبط بالمدينة، حيث استطاعت أن تبني قرية حديثة تجعلك تنبهر بجمالها الآخاذ وتندهش من كمية السحر التي توجد بها. لقد استطاعت أنامل سكان قرية يودونغ أن تخلق نموذج من التحديث بعيد عن المدينة.
تشتهر قرية يو دونغ بسكان لديهم مهارة خارقة في الرسم ترسخ من خلالها ممارستها واستمرارها عبر الأجيال، يتوارثها جيل بعد جيل. قال أحد الرسامين الكبار في السن قابلته في القرية:” تعلمت الرسم من أمي التي كانت تجلس للرسم كلما انتهت من أعمالها اليومية.” ويعد الرسم تعبير عن الأفكار والمشاعر، يتمّ من خلال خلق صورة جمالية ثنائية الأبعاد بلغة بصرية، ويعبر عن هذه اللغة بأشكال وطرق مختلفة، وعليه، فإن معظم الجداريات واللوحات التي لفتت نظري في القرية كانت عبارة عن مناظر طبيعية أو حيوانات، وكل ما له صلة بالفلاحة والزراعة.
لقد استطاع سكان القرية أن يحولوا التحديث من المدينة إلى القرية، وانشاء نموذج حي للتحديث صيني النمط. كما ساهمت حكومة تشوتشو في اثراء هذا النموذج ومساعدة أهل القرية في الحفاظ على تراثهم وحماية المباني القديمة التي تظهر كتحفة فنية بما تزخر به من لوحات جدارية رائعة. كما تحولت بيوت القرويين القديمة بعد ترميمها الى معرض فني حي يعرض لوحات فنية للسياح بطريقة مميزة وجذابة. وعملت حكومة تشوشتو على مساعدة سكان القرية بفتح ورشات تعليم الرسم في القرية، وبناء متحف للوحات، وتحويل رسوماتهم الى منتجات يمكن بيعها للسياح، وتحويلها أيضا الى ملصقات على الأدوات المنزلية وايشاربات ومراوح فائقة الجمال، مما يساهم في تحسين دخل سكان القرية وتطوير قريتهم.