شبكة طريق الحرير الإخبارية/

صحيفة الشعب اليومية أونلاين/

استقبلت مقاطعة هونان في 8 سبتمبر الجاري، شحنة من لحم الضأن المجمد قادمة من دولة مدغشقر، وهي المرّة الأولى التي تستورد فيها الصين لحوم الضأن من إفريقيا. ويرى محلّلون بأن ذلك يعد علامة مميزة في تجارة اللحوم بين الصين وإفريقيا، ويعكس تعمّق مستويات التعاون بين الجانبين.

تعرّفت السوق الصينية على لحم الضأن المدغشقري لأول مرة على هامش المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الإفريقي الثالث لعام 2023، حيث شهد المعرض توقيع أول اتفاقية بين الصين ومدغشقر لتصدير لحم الضأن.

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت السوق الصينية دخول العديد من المنتجات الزراعية الأفريقية عالية الجودة، مستفيدة من منصّات التعاون الثنائية، على غرار المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الإفريقي. وأخذت المزيد من المنتجات الإفريقية تظهر تباعا على موائد المستهلكين الصينيين. ويذكر أن الدورة الثالثة من المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الأفريقي لعام 2023، قد حققت مبيعات ميدانية 2 مليون يوان، إلى جانب إمضاء 37 عقدا حول استيراد السلع الإفريقية، على غرار الشاي الأرجواني والمأكولات البحرية، ولحم الضأن، بقيمة تجاوزت 43.9 مليار يوان.

وتحافظ الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لأفريقيا منذ 15 سنة متتالية، كما باتت تمثل ثاني أكبر وجهة للصادرات الزراعية الإفريقية. إضافة لذلك، شهدت واردات الصين من المنتجات الزراعية من أفريقيا زيادة مستمرة على امتداد سبع سنوات متتالية. إذ تشير البيانات إلى أن الصين قد استوردت 25.35 مليار يوان من المنتجات الزراعية من أفريقيا خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، بزيادة قدرها 7.2٪، بما يفوق المعدّل الإجمالي لنمو الواردت الزراعية الصينية. وبالنسبة لبعض المنتجات الزراعية الإفريقية، كالسمسم والتبغ المعالج بالدخان والمكاديميا، فقد حققت نموا بـ 38.8% و32.7% و106.2%، وهو ما يمثل أكثر من 40% من واردات الصين من المنتجات المماثلة.

في سبتمبر، وخلال قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي لعام 2024. قامت الصين بتوقيع اتفاقيات تعاون مع العديد من الدول الأفريقية بشأن استيراد المنتجات الزراعية. حيث وقعت اتفاقية تعاون مع زيمبابوي بشأن استيراد الأفوكادو الطازج، واتفاقية تعاون مع زامبيا لاستيراد فول الصويا. كما وقّعت وثيقة تعاون مع موزمبيق لاستيراد البازلاء الهندية وجوز المكاديميا والكاجو. إضافة إلى اتفاقية مع ناميبيا لاستيراد لحوم الضأن والماعز. واتفاقية مع رواندا لاستيراد العسل. مما يعني أن المزيد من المنتجات الزراعية الإفريقية ستظهر على رفوف مراكز التسوق الصينية خلال المستقبل القريب.

في هذا الصدد، نقل موقع “هيرالد” الزيمبابوي مؤخرا عن بيان صادر عن لجنة تطوير البستنة في البلاد قوله إن وثيقة التعاون حول تصدير الأفوكادو الطازجة الموقعة بين زيمبابوي والصين، ستوفر لمزارعي الأفوكادو المحليين فرصة للنفاذ إلى أكبر سوق استهلاكي للأفوكادو في العالم.

المزيد من التدابير الداعمة لتصدير السلع الإفريقية إلى السوق الصينية

“في السنوات الأخيرة، دخلت العديد من المنتجات الزراعية الإفريقية إلى السوق الصينية، وأتى ذلك نتيجة لعدّة تدابير وإجراءات مشجّعة. أولا، فتحت الصين سوقها أمام منتجات الدول الأفريقية، وأنشأت “ممرّا أخضرا” لإفريقيا، يساعد على تسهيل تصدير المنتجات الزراعية إلى الصين، وخفض تكاليف التجارة. ثانيا، قدّمت الصين دعما شاملا في مجالات النقل والخدمات اللوجستية وغيرها من الجوانب لتعزيز تصدير المنتجات الزراعية الأفريقية. ثالثا، عملت الصين وإفريقيا على تعزيز التعاون في مجالات رأس المال والمواهب والمعدات والتكنولوجيا والإدارة وغيرها من المجالات للمساعدة في تحسين مستوى التحديث الزراعي في إفريقيا”. يقول لي قوه شيانغ، الباحث في معهد التنمية الريفية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، معلّقا على بيانات تجارة المنتجات الزراعية بين الصين وإفريقيا.

لفترة طويلة، أولت الصين أهمية كبيرة لزيادة وارداتها من المنتجات الزراعية الإفريقية عالية الجودة. وفي عام 2021، أعلنت الصين خلال المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي المنعقد في السنغال، أنها ستفتح “ممرّا أخضرا” للمنتجات الزراعية الإفريقية، وتسهّل عملات التفتيش والحجر الصحي، وتوسع من هامش الإعفاءات الجمركية. وحتى نهاية أغسطس من هذا العام، وقعت الصين 22 بروتوكولا مع 14 دولة أفريقية بشأن الوصول إلى المنتجات الزراعية المصدرة إلى الصين. كما أدى التطور المزدهر للتجارة الإلكترونية عبر الحدود إلى توفير المزيد من قنوات البيع للمنتجات الزراعية الأفريقية لدخول السوق الصينية. وفي مايو 2020، أيد كيمونيو، سفير رواندا لدى الصين، التخصصات المحلية من خلال البث المباشر لأول مرة، وتم بيع 1500 كيلوغرام من القهوة الرواندية على الفور في غرفة البث المباشر. واليوم، ومن خلال منصات التجارة الإلكترونية عبر الحدود، دخل عدد كبير من المنتجات الزراعية عالية الجودة من أفريقيا إلى آلاف الأسر في الصين.

وخلال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي لعام 2024 التي عقدت في بكين مؤخرا، اقترحت الصين توسيع انفتاح السوق من جانب واحد وقررت منح معاملة الإعفاء الجمركي لجميع البلدان الأقل نموا التي لديها علاقات دبلوماسية مع الصين، بما في ذلك 33 دولة أفريقية، وبمقتضى هذه المعاملة ستحصل هذه الدول على إعفاءات جمركية بنسبة 100% في الدخول إلى السوق الصينية.

في هذا الصدد، أشار لي قوه شيانغ إلى أن إلغاء التعريفات الجمركية على العديد من الدول الإفريقية سيعزّز تحرير التجارة، ويقلل من تكلفة الصادرات الزراعية الأفريقية، ويساعدها على تعزيز قدرتها التنافسية في السوق الصينية. في الوقت نفسه، ستعمل الصين على تعزيز التعاون بين الشركات الصينية وإفريقيا، لتحويل المنتجات الزراعية الإفريقية إلى علامات تجارية، بما يساعد على تطوير صناعة المنتجات الزراعية في إفريقيا، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات، والدفع قدما نحو تحديث الزراعة في الدول الإفريقية.

دعم الزراعة في الدول الإفريقية للتحول نحو القيمة المضافة العالية

في الوقت الذي تسعى فيه الصين لزيادة وارداتها من المنتجات الزراعية الإفريقية، تعمل أيضا على تدريب الكفاءات الزراعية في إفريقيا، لتمكينها من لعب دور أكثر أهمية في تطوير الزراعة في إفريقيا. حيث قامت الصين ببناء 24 مركزًا تجريبيًا للتكنولوجيا الزراعية في إفريقيا خلال العشر سنوات الماضية، وساهمت في تطوير أكثر من 300 تقنية زراعية متقدمة، مما دفع إنتاج المحاصيل المحلية إلى الزيادة بنسبة 30% إلى 60% في المتوسط. وقد عادت هذه التقنية بالفائدة على أكثر من مليون مزارع أفريقي. ومن بين التقنيات الصينية التي كان لها الأثر البارز في الزراعة الإفريقية، نجد الأرز الهجين، وتكنولوجيا جونكاو. وانتشر الأرز الهجين الصيني في أكثر من 20 دولة أفريقية إلى حد الآن، وأسهم في زيادة إنتاج الأرز في العديد من البلدان من متوسط ​​2 طن للهكتار إلى 7.5 طن.

وقالت سونغ وي، الأستاذة في كلية العلاقات الدولية بجامعة بكين للدراسات الدولية، إن نمو تجارة المنتجات الزراعية بين الصين وأفريقيا يعكس الدرجة العالية من التكامل بين الجانبين في هذا المجال. متوقعا أن تواصل الصين تقديم المزيد من التسهيلات لفائدة المنتجات الزراعية الإفريقية لدخول سوقها. كما ستواصل الصين إرسال الخبراء الزراعيين إلى الدول الإفريقية للمساعدة في تحسين جودة المنتجات الزراعية وتحديث الزراعة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي.

من جهة أخرى، قال برام جوالتز، المدير العام للمركز الدولي لتحسين الذرة والقمح، إنه من خلال إقامة شراكات مع الصين في مجالات البحث والتكنولوجيا والابتكار والتدريب، سيحقق الإنتاج الزراعي في البلدان الأفريقية تحولا من الاكتفاء الذاتي نحو الإنتاجية العالية. وأشار الخبراء إلى أن التعاون الزراعي بين الصين وأفريقيا توسع تدريجيا من استيراد المنتجات الزراعية إلى المساعدة في تطوير السلسلة الصناعية الزراعية في أفريقيا وزيادة القيمة المضافة للمنتجات.