شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
بقلم: فوزي أبو ذياب/ الأنباء
دفع الرئيس الصيني شي جين بينغ العلاقات الصينية الإفريقية نحو مرحلة جديدة من التحديث، في خطاب رئيسي ألقاه خلال افتتاح قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك) لعام 2024. وقال “إن ثلث سكان العالم يعيشون في الصين وأفريقيا، وأنه لن يكون هناك تحديث عالمي بدون تحديث الصين وأفريقيا”، ودعا الدول الإفريقية لرفع علاقاتها الثنائية مع الصين الى مستوى العلاقات الاستراتيجية الشاملة، معتبرا “أن السعي المشترك للصين وأفريقيا نحو التحديث من شأنه أن يطلق موجة من التحديث لدى الجنوب العالمي ويفتح فصلا جديدا لبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين وأفريقيا ودول الجنوب، في جميع الأحوال خلال العصر الجديد”.
وأكد شي في خطاب رئيسي ألقاه خلال مراسم افتتاح قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك) لعام 2024، على ضرورة التعزيز المشترك لتحديث يتسم بالعدالة والإنصاف والانفتاح والكسب المشترك، ويضع الشعب في المقام الأول، ويتميز بالتنوع والشمول، وبأنه صديق للبيئة الإيكولوجية، وقائم على السلام والأمن.
وأعلن الرئيس الصين عن خطة عمل من 10 نقاط سوف تبادر بلاده على تنفيذها من طرف واحد لدفع للشراكة الصينية الإفريقية خلال السنوات الثلاث المقبلة نحو التحديث المشترك. وستغطي مجالات التعلم المتبادل بين الحضارات، وازدهار التجارة والتعاون في السلاسل الصناعية والترابط والتواصل والتعاون الإنمائي والصحة والزراعة ومعيشة الشعب والتبادلات الثقافية والشعبية والتنمية الخضراء والأمن المشترك، متعهدا بتقديم 50 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية في القارة الأفريقية على مدى السنوات الثلاثة المقبلة. كما أكد المساعدة على “توفير أكثر من مليون فرصة عمل لأفريقيا”. وأشار إلى أن أكثر من نصف هذا المبلغ سيكون قروضا، و11 مليار دولار “على شكل مساعدات” بالإضافة إلى 10 مليارات دولار لتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار.
وأعلن “شي” إن الصين ستمنح جميع الدول الأقل نموا التي تربطها علاقات دبلوماسية مع الصين، ومن بينها 33 دولة في إفريقيا، معاملة بدون رسوم جمركية تغطي نسبة 100 بالمئة على جميع الخطوط الجمركية. وقال إن الصين ستفتح أسواقها على نطاق أوسع بشكل طوعي ومن جانب واحد.
وأشار إلى أن الصين هي أول دولة نامية رئيسية وأول اقتصاد رئيسي يتخذ مثل هذه الخطوة، الأمر الذي سيساعد في تحويل السوق الصينية الكبيرة إلى فرصة كبيرة لإفريقيا.
منتدى التعاون الصيني الأفريقي التاسع في بكين 2024، هو أكبر اجتماع دبلوماسي تستضيفه بكين منذ جائحة كوفيد-19والذي حضره نحو 55 زعيما ومسؤولا أفريقيا يمثلون 53 دولة إضافة الى الإتحاد الإفريقي ورابطة الدول الإفريقية والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في افتتاح المنتدى أنّه بإمكان الصين وأفريقيا إذا ما تعاونتا سويا أن تقودا “ثورة في مجال الطاقة المتجددة”. وقال إن “سجلّ الصين المذهل في مجال التنمية، خصوصا في القضاء على الفقر، يُعدّ مصدرا عظيما للتجربة والخبرة”. ودعا إلى تصحيح ما لحق بالقارة السمراء من “ظلم تاريخي” قائلا إنّه “من المخزي (…) ألا يكون للقارة الإفريقية مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.
بعد انتهاء أعمال القمة جرى تنظيم 4 اجتماعات رفيعة المستوى حول المواضيع التي تناولها إعلان بكين وتمحورت حول الحوكمة الدولية وتحديث أنظمة الحكم والبنى التحتية، أشكال تعزيز العلاقات التجارية والتصنيع والتحديث الزراعي، قضايا الأمن والسلام، فضلا عن التعاون عالي الجودة في إطار الطاقة والتكنولوجيا والتنمية المستدامة التي تندرج في إطار مبادرة الحزام والطريق.
في ختام الجلسات أعلن وزير خارجية الصين أن المجتمعين اتفقوا على إصدار وثيقتين ختاميتين، إحداهما إعلان بكين” وهو وثيقة مرجعية، والأخرى “مخطط تنفيذي للأعمال”، وهو بمثابة خارطة طريق لتنفيذ مبادرة الرئيس الصيني لتحديث وتعميق التعاون الصيني-الافريقي في الأعوام الثلاثة المقبلة، كما انتقلت مهام رئاسة الدورة عن الجانب الإفريقي من السنغال الى دولة الكونغو الديمقراطية.
وكان الرئيس الصيني قد عقد على هامش اعمال المنتدى اجتماعات ثنائية مع قادة الدول الإفريقية ورؤساء الوفود المشاركة، كما عقدة اجتماعات عمل بين مسؤولين صينيين والوفود المشاركة كل على حدى، نتج عنها مجموعة كبيرة من التعهدات واتفاقيات التعاون في مشاريع مختلفة، من السكك الحديدية إلى الطاقة البديلة خاصة الشمسية وتعميق التعاون في مجال تطوير البنية التحتية والموارد المعدنية والزراعة والتعدين والطاقة التقليدية والصديقة للبيئة والبني التحتية للنقل.
إضافة الى ذلك عقدت ندوات تخصصية ولقاءات بين رجال الأعمال والشركات الصينية والإفريقية إضافة الى المنتدى الاقتصادي الثامن لرواد الأعمال الصينيين والأفارقة.
يعتبر فوكاك، الذي تأسس في بكين عام 2000، أقدم المنتديات الإقليمية في الصين. إلا أن فعاليته تعززت عام 2006 عندما أعلنت بكين إنشاء صندوق تنمية صيني افريقي بقيمة 5 مليار دولار.
في دردشة جانبية مع الإعلاميين قال رئيس الوزراء المصري أن مبادرة الرئيس الصيني “أدخلت العلاقات الصينية – الإفريقية في مرحلة جديدة متقدمة جدا، ما ينعكس إيجابا ليس على مستوى العلاقات بين الدول الإفريقية والصين فحسب، بل ستكون لها تداعيات على العلاقات الدولية بشكل عام، لا سيما العطاءات السخية الصينية من أجل التنمية المستدامة والطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة للدول الفقيرة والنامية التي تدفع الشعوب نحو الارتقاء والتقدم والاستقرار على عكس التقديمات العسكرية التي تقدمها بعض الدول الأخرى والتي تزرع الخراب والدمار”.
أحد الخبراء المشاركين في المنتدى والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، قال للأنباء ان الرئيس الصيني يتقدم بخطوات ثابتة في مواجهته مع الغرب، وقد وضع قلاعه المتينة على رقعة الشطرنج في مواقع متقدمة في أرض القارة السمراء، في الوقت الذي تحاول واشنطن اشغاله في بحر الصين الجنوبي، ورأى ان السنوات الثلاث القادمة سوف تشهد تحولا ملحوظا في علاقات الصين مع القارة السمراء ومع الدول العربية ما يدفع الغرب لإعادة النظر بسياساتها المعتمدة مع دول العالم، وأشار الى أن الصين ومن خلال ما أشار اليه الرئيس الصيني في خطابه في افتتاح القمة يدفع النظام العالمي الجديد نحو التحول الى عالم متعدد الأقطاب بشكل سريع.