شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم:باي يوي إعلامي صيني
قبل 70 عامًا، طرح رئيس الوزراء الصيني الأسبق تشو إن لاي لأول مرة المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وهي ” الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي، وعدم الاعتداء ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، والمساواة، والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي”. وفي ظل التغيرات الدولية على مدى أطول من نصف قرن، لعبت هذه المبادئ الخمسة دوراً هاماً في إرشاد الدول المختلفة في تطوير العلاقات بين بعضها البعض، فوجدت قبولاً لعدد كبير من دول العالم، بما يصبح المبدأ الاساسي للمجتمع الدولي في معالجة العلاقات بين الدول وتسوية النزاعات الدولية.
انتشار المبادئ الخمسة، واعتراف العالم بها، وتحولها إلى معايير أساسية للعلاقات الدولية ومبادئ أساسية للقانون الدولي
فور الإعلان عن المبادئ الخمسة، نالت اعترافًا واسعًا من المجتمع الدولي وأصبحت أكبر عامل مشترك في معالجة العلاقات بين الدول.
على الصعيد الثنائي، منذ الستينيات، توسعت المبادئ الخمسة لتشمل الدول العربية والأفريقية. في نهاية عام 1963 وبداية عام 1964، زار رئيس الوزراء ووزير الخارجية الصيني الأسبق تشو إن لاي 13 دولة في آسيا وأفريقيا، وطرح المبادئ الخمسة للعلاقات المتبادلة مع الدول العربية، مما أسس المبادئ المحددة للصين في التعامل مع جميع دول العالم الثالث.
على الصعيد المتعدد الأطراف، تضمن “إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة” الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والعشرين عام 1970، و”إعلان إقامة نظام اقتصادي دولي جديد” الذي اعتمدته الدورة السادسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، المبادئ الخمسة للتعايش السلمي بشكل واضح.
كما تم تضمين المبادئ الخمسة في العديد من الوثائق القانونية الدولية، وأصبحت مبادئ أساسية للقانون الدولي في توجيه العلاقات الدولية المعاصرة. وكما قال نائب الأمين العام للأمم المتحدة سواريز، “تعكس المبادئ الخمسة بشكل مكثف أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وهي وصفة جيدة لحل المشكلات الدولية”.
مواصلة التقدم، مواكبة العصر، وبث حيوية جديدة في ظل الوضع الجديد
في الوقت الحالي، يتسارع تطور التغيرات العالمية الكبيرة، وتشهد التحولات العالمية والتغيرات الزمنية والتحولات التاريخية بطرق غير مسبوقة، حيث دخل العالم مرحلة جديدة من الاضطراب والتغيير. تتكرر الصراعات بين فلسطين وإسرائيل، وتتعرض غزة للدمار، وخلف كل هذه الفوضى تكمن أيدي الهيمنة. و تسعى بعض القوى الكبرى للحفاظ على هيمنتها من خلال اتباع سياسات أحادية ونهج سياسي قوي، وتكثيف التوترات الأيديولوجية، مما يشكل انحرافًا خطيرًا عن الاتجاه العام للتقدم البشري ولا يتوافق مع الاتجاه العام للمصير المشترك للمجتمع الدولي.
وفي المقابل، تلتزم الصين دائمًا بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتحافظ بحزم على النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على القانون الدولي. تعمل الصين مع الدول العربية على دفع بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، حيث نجحت الصين في التوسط لتحقيق المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، مما شكل نموذجًا جديدًا لحل القضايا الساخنة سياسيًا. وفي قضية فلسطين وإسرائيل، تسعى الصين بنشاط للتوسط وتعزيز الحوار، وزيادة المساعدات الإنسانية، ودفع مجلس الأمن الدولي إلى تبني أول قرار منذ بدء الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما أصدرت الصين في العديد من المناسبات الدبلوماسية ” موقف الصين من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي” و”البيان المشترك بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية”. تلعب الصين دورًا كبيرًا في الحفاظ على السلام والتنمية، وتضفي على العالم المتغير المضطرب الاستقرار واليقين والطاقة الإيجابية.
في 30 مايو، أصدرت الصين والإمارات العربية المتحدة بيانًا مشتركًا جاء فيه بوضوح: “يعتقد الجانبان أن عام 2024 يصادف الذكرى السبعين لإعلان المبادئ الخمسة للتعايش السلمي. يجب الترويج للاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، والمساواة، والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي.و يلتزم الجانبان بشكل مشترك ببناء مجتمع المصير المشترك بين الصين والدول العربية ومجتمع المصير المشترك للبشرية. وترحب الإمارات بالمبادرات التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، بما في ذلك مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية”. هذا ليس فقط امتدادًا للمبادئ الخمسة، بل هو أيضًا إثراء وتطوير وتسمو لهذه المبادئ.
و بنظرة إلى المستقبل، ستواكب المبادئ الخمسة تطورات العصر وتحمل معانٍيا أكثر ثراءً تتناسب مع العصر، مما يسهم بشكل أكبر في بناء عالم يسوده السلام الدائم، والأمن الشامل، والازدهار المشترك، والانفتاح والشمولية، والنظافة والجمال.