إن يوم 19 إبريل يوم محزن، حيث انفردت الولايات المتحدة باستخدام حق النقض ضد مشروع القرار بشأن منح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة، الأمر الذي حطم مرة أخرى حلم الشعب الفلسطيني الذي طال انتظاره. منذ نصف الشهر الماضي، شهدت الأوضاع المتأزمة في الشرق الأوسط تصعيدا جديدا، حيث تعرض المبنى الدبلوماسي الإيراني للهجوم، وشنت إيران ضربات عسكرية ضد إسرائيل، وتعرضت مواقع داخل إيران للغارات. إلى أين ستصل دوامة العنف والعنف المضاد؟ وفي أي مكان ستظهر البجعة السوداء أو وحيد القرن الرمادي القادم؟ إن الانشغالات والنداءات لدى المجتمع الدولي والقلق والخوف لدى شعوب المنطقة دليل جديد على أن الشرق الأوسط لن تنعم بالأمن والأمان إلا بعد تهدئة الصراع في قطاع غزة.
تعد هذه الجولة من التصعيد تجسيدا جديدا لتوسع تداعيات الصراع في قطاع غزة، ويرجع السبب الرئيسي للصراع الممتد لأكثر من نصف عام إلى تهميش القضية الفلسطينية، وتكمن الجذور في عدم تصحيح الظلم التاريخي وتآكل الحقوق والمصالح المشروعة للشعب الفلسطيني منذ سنوات طويلة، وقد وصلت الدولة الكبيرة المعينة، التي تعتاد على فرض “الامتيازات” و”الاستثناءات”، طريقا مسدودا. بينما تلتزم الصين، باعتبارها دولة كبيرة ومسؤولة، بالنقاط الأربع ذات الخصائص الصينية لحل القضايا الساخنة، وتتمسك بنقاط الانطلاق الأربع للتعامل مع القضايا الساخنة، ويلقى موقفها العادل ودورها البناء في القضية الفلسطينية تقديرا واسع النطاق، الأمر الذي يجعل المفتاح الصيني اتجاها جديدا لحل مأزق الشرق الأوسط.
إعلاء السلام وبذل الجهود البناءة. منذ اندلاع الصراع في قطاع غزة، ظلت الصين تبذل جهودا بناءة من أجل وقف إطلاق النار وإحلال السلام، سواء كانت في تواصلها مع دول المنطقة وخارجها، أو في حوارها المباشر مع أصحاب الشأن، أو في كلماتها أمام الأمم المتحدة وغيرها من المحافل متعددة الأطراف. وما زات الصين في طليعة الدول التي تعمل على تسوية النزاعات والخلافات بعد هذه الجولة من التصعيد. في هذا السياق، حدد عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي الطريق لحل القضية خلال تواصله مع نظرائه الروسي والفرنسي والإندونيسي، وعزز الجهود لإحلال السلام. في يوم 15 إبريل، تلقى وانغ يي مكالمتين هاتفيتين من نظيريه الإيراني والسعودي، والتقى السفير تشاي جيون مبعوث الحكومة الصينية الخاص لقضية الشرق الأوسط بالسفيرة الإسرائيلية لدى الصين، مؤكدين على أن الأولوية الأولى تكمن في تنفيذ القرار رقم 2728 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وتحقيق وقف إطلاق النار الفوري والمستدام وغير المشروط، وحماية المدنيين بخطوات ملموسة، وضمان إيصال الإغاثة الإنسانية، ودعم حل القضايا عبر القنوات الدبلوماسية. لا تصب الصين الزيت على النار على الإطلاق، وتدرك منطقة الشرق الأوسط بشكل أوضح أن “تصعيد الوضع وتأجيج النزاع” سيؤدي إلى عواقب وخيمة.
إعلاء الأخلاق وبذل الجهود الدؤوبة. فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ظلت الصين تحسم موقفها وفقا لطبيعة الأمور، وتقف إلى جانب العدالة والإنصاف، فتتنامى مصداقيتها وتأثيراتها باستمرار. في هذا السياق، ظل الرئيس شي جينبينغ يدعم بشكل ثابت ولا بلس فيه إقامة دولة فلسطينية المستقلة، ويدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني. كما تواكب الصين الوضع العام وتبذل جهودا مشتركة مع دول كثيرة، وتؤكد أكثر من مرة على دعم مجلس الأمن لمناقشة ومنح العضوية الكاملة لفلسطين في أسرع وقت ممكن. منذ اندلاع الصراع في قطاع غزة، أصدرت الصين وثيقة الموقف بشأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ودفعت مجلس الأمن الدولي لتبني أول قرار بعد نشوب الصراع. كما تدفع الصين الفصائل الفلسطينية لتحقيق المصالحة عبر الحوار، وتدعم بثبات “حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين”، وتدفع بعقد مؤتمر السلام الدولي بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفعالية أكبر، ووضع الجدول الزمني وخارطة الطريق لتنفيذ “حل الدولتين”، وتدعو الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى سرعة استئناف مفاوضات السلام، بما يحقق التعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل والأمتين العربية واليهودية. لا تمارس الصين “المعايير المزدوجة” على الإطلاق، وتدرك منطقة الشرق الأوسط بشكل أوضح أن “الانحياز إلى طرف ضد طرف آخر” لا يؤدي إلا إلى نتيجة عكسية.
إعلاء مصلحة الشعب ومد يد العون. قد أدى الصراع في قطاع غزة، الذي دام أكثر من نصف عام، إلى سقوط أكثر من 30 ألف قتيل وحوالي 80 ألف جريح ونزوح أكثر من مليون شخص، وتوقف العديد من المستشفيات والمنظمات الإغاثية عن العمل. إن الشعب هو المتضرر الأول والأخير من استمرار الحرب. في هذا السياق، ظلت الصين تتمسك بأولوية الشعب، وتنفذ مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتلتزم بروح الأممية والإنسانية، وقدمت دفعات من المساعدات الإنسانية العاجلة ماديا ونقديا إلى فلسطين في حدود الاستطاعة، التي تشمل المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية والحبوب الغذائية. قد وصل 450 طنا من الأرز إلى مدينة بورسعيد المصرية مؤخرا كدفعة جديدة من المساعدات الغذائية، التي ستُسلم إلى الجانب الفلسطيني في أسرع وقت ممكن. وستصل الدفعتان الجديدتان من المساعدات المادية، التي تشمل الخيم والبطانيات والملابس القطنية والمستلزمات الطبية والطحين، إلى مطار العريش ومدينة بوسعيد بمصر في هذه الأيام، وسيتم نقلها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح. عندما تتعرض وكالة الأونروا للانتقادات والاتهامات، تؤكد الصين على أهمية الوكالة وتواصل دعمها لعملها وغيرها من الهيئات الإنسانية في قطاع غزة. ولا تمارس الصين الألاعيب السياسية على الإطلاق، وتدرك منطقة الشرق الأوسط بشكل أوضح التصرفات السخيفة والمنافقة المتمثلة في “إنزال المساعدات الإغاثية وإيصال المساعدات العسكرية في آن واحد”.
تعلي الصين السلام والأخلاق ومصلحة الشعب، ولا تصب الزيت على النار ولا تمارس المعايير المزدوجة والألاعيب السياسية، بل تعمل دائما على إيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، وستواصل الجهود لاستعادة السلام وإنقاذ الأرواح وإحقاق الحق، سعيا لحل مأزق الشرق الأوسط بالمفتاح الصيني.