شبكة طريق الحرير الإخبارية/

المجالات الرئيسة لنشاط مجمع البحوث الإسلامية

أ.د نظير محمد محمد نظير الأمين العام لأكاديمية الأزهر للبحوث الإسلامية ، جمهورية مصر العربية

مجمع البحوث الإسلامية أحد هذه القطاعات، فهو يقوم على نشر صحيح الدين، وتنقية الثقافة مما قد يرد عليها، فضلًا عن معالجته قضايا الأمة ومشكلات المجتمع، وهموم الوطن؛ من خلال إداراته ولجانه المتعددة التي تعمل على المعالجة الموضوعية المعتدلة؛ التي تبرز وسطية الإسلام وسماحته؛ والتي هي إحدى ركائز المنهج الأزهري.

فللمجمع جهود جليلة داخليًّا وخارجيًّا، كما أن له أنشطة متنوعة دعوية، وعلمية، وتعليمية، وبحثية، واجتماعية، وثقافية، وتاريخه خير شاهد على هذه الأنشطة وتلك الجهود ، فهو يناقش القضايا ويعالج المشكلات ويضع الحلول لما يجِدّ في المجتمع من مسائل، أو يستحدث من معضلات، فضلًا عن هذا فهو يقوم بإصدار المطبوعات العلمية القيِّمة التي تعمل على إزالة الشذوذ الفكري والانحراف النفسي؛ فيعالج المجمع من خلال هذه الموضوعات تلك القضايا الجدلية التي يمكن أن تعصف ببنيان المجتمع وتذهب بأركانه، كذلك يحمل أمر الدعوة إلى الله في الداخل من خلال وعاظه وواعظاته؛ وفي الخارج من خلال مبتعثيه إلى شتى بقاع المعمورة.

ويحرص مجمع البحوث الإسلامية على تعزيز وترسيخ قيم التسامح والتعايش بين الناس جميعًا، بمختلف طوائفهم ومذاهبهم ومعتقداتهم؛ إيمانًا منه بالدور الأسمى الذي يقوم به الأزهر الشريف في بيان الصورة الصحيحة للإسلام والمسلمين، وعلى تجلية الحقائق الدينية التي تتعلق بقضايا علاقة المسلمين بغيرهم من أصحاب الديانات والأفكار الأخرى، إذ حرصت جماعات العنف والتطرف على تشويه هذه الحقائق بهدف خدمة أجندتها ومصالحها الشخصية، التي لا تراعي فيها حرمة الأديان والأوطان.

ومن أهم الأمور التي يقوم بها المجمع في هذا المضمار: عقد المؤتمرات والندوات التي تناقش قضايا التسامح والتعايش، وتدشين الحملات التوعوية الواقعية والافتراضية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والقوافل الدعوية التي تجوب محافظات مصر شرقًا وغربًا، والتي تعمل على تعزيز هذه الثقافة بين الأفراد والمجتمعات.

تأثير مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية على العملية العالمية للحوار بين الأديان:

تأثير مؤتمر زعماء الأديان يأتي من دور المؤسسات الدينية في العالم، والذي يجب ألا يقف عند حدود الإشراف على أداء الشعائر، وإلقاء العظات وفقط، بل يجب أن يمتدّ ليشمل المشاركة الجادة في معالجة كل ما يصيب المجتمعات من مشكلات، خاصة في وقت تشهد فيه المجتمعات الإنسانية عامة تغيرًا أخلاقيًا وقلبًا لمفاهيم الخير والشر والفضيلة والرذيلة والحق والباطل والصحيح والفاسد والصواب والخطأ، مما سمح بتبرير الباطل بل وقبوله والدعوة إليه والتمسك به، والتشجيع عليه والترغيب فيه والتباهي به مع أن هذا لا يستقيم عقلا ولا يتوافق عرفًا ولا يقبل شرعًا خصوصًا عندنا نحن المسلمين وعلة ذلك هذه النظرة المكسوة بالمزيد من الإجلال والتقدير والإكبار للقيم الأخلاقية.

التغيرات التي تمت في مؤتمر زعماء الأديان:

المؤتمر حقق العديد من التغييرات خلال الدورات الماضية؛ حيث تناول المؤتمر العديد من القضايا المهمة التي تهم العالم أجمع، من بينها قضية الحوار بين الأديان والتعايش السلمي، وكذلك قضية التنمية المستدامة وأهميتها بالنسبة للجميع، وكذلك حال العالم بعد مشكلة كورونا وما حدث فيها للعالم أجمع.

مفهوم التنمية لمؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية:
مهمة التنمية المستدامة في المنظور الإسلاميّ هي توفير متطلبات البشرية حاليًا ومستقبلًا، سواءٌ أكانت ماديةً أم روحيةً، بما في ذلك حقّ الإنسان في كلّ عصرٍ ومصر في أن يكون له نصيبٌ من التنمية الخلقية والثقافية والاجتماعية. وهذا بعدٌ مهمٌ تختلف فيه التنمية المستدامة في المنظور الإسلاميّ عن التنمية المستدامة في النّظم والأفكار الأخرى، لأنّه يعتمد على مبدأ التوازن والاعتدال في تحقيق متطلبات الجنس البشريّ بشكلٍ يتفق مع طبيعة الخلقة الإلهية لهذا الكائن، والوظيفة التي أعدّ من أجلها ولها.

ولذلك يجب أن تتبنّى وسائل الإعلام الإذاعية والتلفزيونية والصّحفيّة قضايا التنمية المستدامة، وتخصيص البرامج القادرة على توعية الجمهور بتلك القضايا، وذلك بمشاركة القادة الدينين، وضرورة أن تتضافر كافّة الجهود في العالم وتتوحّد الرّؤى للقضاء على معوقات التنمية المستدامة، والعمل على زيادة الوعي بقضايا وموضوعات التنمية المستدامة من خلال جهودٍ بحثيةٍ وشراكاتٍ علميةٍ.

دور الشباب المعاصر في تعزيز الحوار الثقافي والتعاون بين الأديان:

الفجوة الموجودة بين الشباب والمجتمع أثرت تأثيراً سلبياً على تفكيرهم وإن علاج هذا الواقع يحتاج إلى الحوار مع الأبناء داخل الأسرة والمدرسة والجامعة لتحقيق التواصل وإتاحة الفرص لنمو الشخصية وبنائها بعيداً عن اللوم والحكم المتسرع والتوجيه القاسي، والتعنيف، والزجر، وإملاء الأوامر التي تشعر الأبناء أو الشباب بضياع شخصياتهم، مما يؤدى إلى الكبت والقهر وعدم التكيف مع المحيط الأسري والاجتماعي، فيندفع الشباب إلى الانزواء والبحث عن مجالات للتنفيس عما بداخلهم.

فالشباب لهم أهمية خاصة، فلو نظرنا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم سنجد أن الشباب كان لهم النصيب الأكبر في توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما يمثلونه من أهمية كبرى في بناء الأمم والمجتمعات، وشبابنا اليوم في أشد الحاجة إلى تطبيق تلك التوجيهات للحفاظ على الوطن وبناء مجتمع قويم.

ولذلك يجب توجيه العديد من الأنشطة والفعاليات التي تعزز الحوار الثقافي والتعاون بين الأديان لدى الشباب في مختلف أماكن تواجدهم سواء في المدارس والمعاهد والجامعات أم في التجمعات الأخرى.

كذلك يجب العمل على الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر وغيرها، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب في تفعيل عملية الحوار.

تطور المؤتمر مستقبلا:
رعاية مثل هذا المؤتمر، بدعمٍ كريمٍ ورعايةٍ مباركةٍ من دولةٍ مسلمةٍ ناهضةٍ، لهو أبين رسالةٍ تنفي عن الإسلام والمسلمين تهمة الجمود والانغلاق، وتؤكد على أنّ المسلمين في شتى دول العالم شريكٌ أساسيٌّ في التنمية وبناء الحضارة الإنسانية الحديثة، واسمحوا لي أختتم كلمتي متخذًا من هذا المؤتمر العلميّ منبرًا لدعوة كلّ قادة وزعماء الأديان في العالم إلى تجاوز كافة الصراعات الجدلية، التي قد تؤجج مشاعر الكراهية والعنف، وضرورة تبنّي خطابٍ واحدٍ يعزّز قيم المحبّة والرحمة والسلام، ويؤكد على ضرورة مناهضة أفكار الإباحية والتحلل والشذوذ كلّ ذلك في سبيل نهضةٍ اجتماعيةٍ وروحيةٍ جديدةٍ تنهض بالإنسان والحياة.