الأنباط الأردنية/
يلينا نيدوغينا*
لاحظتُ في الفترة الأخيرة أن عددًا من مواقع وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية ولغات غيرها، تَجتر الأخبار المُلفّقَة عن “بؤس وعدم نفع” اللقاح الصيني ضد كوفيد/19! الأفضل أن نُسمّي هذه الوسائل “بقيادة الأركان الإعلامية”؛ ذلك لتخصصها بنشر التلفيقات، اللهم مع تعديلات بسيطة خبيثة بهدف التغطية على المصدر الواحد الرئيس لها، الذي يُلقي الأوامر لتشكيلاتها من جحافل وأفواج وكتائب وألوية قتالية وسرايا على الجبهات المختلفة في أوروبا والأمركتين وآسيا وبعض دول أفريقيا، فيتم تلبية التكليف بالتنفيذ بدون نقاش!
عجبّا لكل ما أرى وأسمع من فبركات يومية، يَنقلها الإعلام الأجنبي ويَبيعها آلافاً مؤلّفةً لوسائل الإعلام في العالم الثالث وشرائح الدول الفقيرة وبسطاء الدول الغربية، الذين يُجبرون على اجترارها دون إدراك لسمومها ومكائدها. يُمهّد هذا الإعلام الحربي لاحتلاله العقول والقلوب من خلال طعنِهِ لحليفنا الصيني وتشويه سمعته بتخليق حرب فعلية ضده.
العدو الإعلامي يُدرك أن غالبية مُبتلعي سمومه غير مؤهلين لاكتشاف الحقائق، إذ أن المدارس والجامعات وأكاديميات العلوم والثقافة لم تعد تبث الوعي الكافي ولا تدرّب الطلبة لاكتشاف الغث من السمين، فانتصر الشر على الخير باخْتِلاَقاته وإِفْتِراءاته وتَخَرّْصَاته وتزييفاته وخِدَاعه وغِشّه، ليختلط الحابل بالنابل، وليُصيِب ذبابهم الإعلامي الشعوب بأمراض الخديعة ضد هذه وتلك من الدول والشخصيات للنيل منها دون تحرّك جيوش مُجحفلة وبلا صواريخ أرض – أرض. لم تقف الخديعة عند حد الادعاء بفشل اللقاح. يُفبركون أيضًا أن الصين تصر على تحصيل المكاسب المالية من بيع اللقاحات، وغيره من سوء الكلام الذي تنُتجه مختبرات الشياطين غير الشُطّار.
لنقرأ الحقيقة: تحت عنوان “الصين تمنح مصر وجامعة الدول العربية اللقاح المضاد للفيروس مجانًا”، نشر الإعلام العربي والصيني وقائع تكشف عن أن العديد من البلدان بدأت بعمليات التطعيم، إلا أن نقص اللقاحات والتباطؤ النسبي في التطعيم، جعل الوضع الوبائي الحالي حادًا، ولهذا سارعت الصين إلى تقديم اللقاح المضاد لـِ”كوفيد/19” مجانًا للعديد من البلدان، واستخدمت إجراءاتها العملية لتعزيز التوزيع العادل للقاحات، وللتقدم بالتعاون العالمي لمكافحة الوباء. في الصين، أشادت وسائل الإعلام بخطاب جلالة الملك عبدالله الثاني خلال مشاركته عبر تقنية الاتصال المرئي، في منتدى بلومبيرغ للاقتصاد الجديد، لتعزيز التعاون وتحصين نُظم الاقتصاد العالمي في مواجهة تداعيات كوفيد/19.
استعرض جلالته مدى ترابطنا في مواجهته، داعيًا في الوقت ذاته إلى “التعامل مع اللقاح ضد هذا المرض كسلعة عامة، تكون مُتاحة للجميع”، وهو موقف يتفق برأيي مع الموقف الصيني الذي أعلن عنه الرئيس شي جين بينغ. تحدثت الصين كثيرًا عن جلالة الملك والتعاون معه ورأيه في مواجهة كورونا، ولا يتّسع المكان هنا لاستعراض كل ذلك، والأهم أن الإعلام الصيني المكتوب والمرئي والمسموع أكد أهمية تصريحات جلالته وضمنها التالية: “التحولات الحالية تدق ناقوس الخطر، وتؤكد أننا نحتاج لبعضنا البعض، وأن حياة كل إنسان ثمينة.. كما تبيّن لنا أن المشكلة التي يواجهها بلد ما هي في الحقيقة المشكلة ذاتها التي تواجهها جميع البلدان.. لذا لا يمكننا أن نعزل أنفسنا عن العالم، وأن نتوقع النجاة من الجائحة دون أضرار..”.
أبرزت الصين تصريحات سيدي صاحب الجلالة المعظم بأن التعاون الدولي في الأعوام السابقة لا يتصف بالكمال، إلا أنه من الأفضل لنا أن نعمل على ترسيخ أسس نظامنا العالمي، لا أن نتخلى عنه، وأن نسعى لتحسين وإعادة ضبط العولمة، والعمل لإيجاد أساليب لتحصين عالمنا في مواجهة الأزمات الراهنة والمستقبلية، بما في ذلك التأثير الواضح والمستمر للتغير المناخي.”
بدوره، ذَكّر الرئيس شي خلال قمة الصين – أفريقيا الاستثنائية بشأن التضامن في مواجهة كورونا، “نتعهد أنه وبمجرد الانتهاء من تطوير اللقاح المضاد للفيروس والبدء في استخدامه في الصين، ستكون الدول الأفريقية من بين أوائل المستفيدين”.
ولأجل محاربة الوباء قدّمت الصين ملايين اللقاحات للدول العربية والنامية، وتبرعت بدُفعة أولى من 50000 جُرعة لقاحات للعراق، كما تبرعت الشركات الصينية بكميات كبيرة من المستلزمات الطبية لفلسطين والمؤسسات الدينية والمجتمعات السكنية العراقية، ويُحافظ الجانب الصيني مع الجانب العراقي وغالبية الدول العربية على التواصل الوثيق بشأن نقل اللقاحات وتسليمها. أخيرًا.. في موقف الصين الإنساني أعلن الرئيس شي خلال افتتاح الدورة الـ73 منظمة الصحة العالمية، إن الصين ستجعل لقاحها المضاد لكوفيد/19 منفعة عامة عالمية، ما سيُساهم في إتاحة اللقاح والقدرة على تحمل تكاليفه في البلدان النامية.
*إعلامية وكاتبة أردنية روسية ورئيسة تحرير جريدة الملحق الروسي سابقاً.