شبكة طريق الحرير الإخبارية/
في 27 سبتمبر2020، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية لتحرير أراضيه المحتلة في إقليم “قره باغ الجبلية”، عقب هجوم شنه الجيش الأرميني على مناطق مأهولة مدنية. وبعد معارك طاحنة استمرت 44 يوماً، وفي 10 نوفمبر 2020، توصّلت أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على استعادة باكو السيطرة على محافظاتها المحتلة.
قبل تحقيق أذربيجان نصراً مؤزراً على الاحتلال الأرميني الذي دام ثلاثة عقود متتالية، ونجاحها بقزاها الذاتية في تحرير ترابها من الاستعمار الاستيطاني للتوسُعيين، كان البعض في الغرب والشرق غير العربي يعتقد أن إنهاض الدولة الأذربيجانية سوف يستغرق زمناً طويلاً، وقد تتطلب إعادة الأوضاع إلى حالها السابق ثلاثين سنة أخرى على الأقل، إذ لم يَبقَ حجر قائم على حجر في مئات المدن والقرى والنواحي الأذربيجانية التي فُجعت بأعدادٍ لا حصر لها من المدنيين والعسكريين الشهداء، والجرحى، والمُشوَّهين والعائلات الثكلى.
لكن، لا المعتدين، ولا أشياعهم أولئك الذين وقفوا وما زالوا يقفون مِن خلفهم ينفخون في أبواقهم المخروقة التي لا يأبه لها شعب “أرض النار”، لم يتوقعوا عودة التصاعد الاقتصادي لأذربيجان بالسرعة الحالية، وتحقيق الدولة نِسَباً نهضوية واسعة، تعرِض بجلاء إلى علو كعب قائدها إلهام علييف الذي يستند في نمطه التطوري إلى العلوم، وتوظيف العمل الواقعي الملموس لدفع البلاد للأمام، ولترجمة الأفكار إلى وقائع مِلاح تغدو أُنموذجاً متقدماً لمَن يتطلع بشغفٍ لاكتساب آليات الاختراع والإنتاج والحياة الفُضلى.
وفي هذا الصدد، وتأكيداً على ما أحرزته وتُحرزه الدولة الأذربيجانية من اجتياز كل مضمار، انْبَرَى الرئيس الهمَّام إلهام علييف للتأكيد على حقيقة هذا النماء، إذ كشف عن تطور لافت أوصل المؤشرات الاقتصادية لأذربيجان إلى الدرجة “الإيجابية جداً”، لهذا “تكاثر حجم الناتج المحلي الإجمالي لنسبة 6.8 في المائة في الربع الأول من العام الحالي 2022م، وكان نصيب الزيادة في القطاع غير النفطي أكثر بكثير”. وأردف: “زاد اقتصادنا غير النفطي بنسبة أكثر من 10 في المائة”، جاء ذلك في اجتماع مُكَرَّس لنتائج الربع الأول للعام الحالي في 12 أبريل.
وبموازاة ذلك، أعلنت هيئة الإحصاء الأذربيجانية، قبل أيام قليلة، في بيان لها، “أن مقدار الناتج المحلي الإجمالي في أذربيجان خلال الأشهر ما بين يناير وسبتمبر من العام الحالي، قد بلغ 62 ملياراً و877.4 مليون مانات، أي أكثر بنسبة 4.8 في المائة قياساً إلى الفترة عينها من العام السابق”.
واستناداً إلى وكالة الأنباء الرسمية الأذربيجانية، “أذرتاج”، نقلاً عن “الإحصاءات”، فإن القيمة المُضَافَة المُنتِجَة في قطاع الاقتصاد غير النفطي الغازي، ارتفعت بنسبة 1.4 في المائة، وفي القطاع النفطي الغازي بنسبة 6.2 في المائة. ويتحدث البيان كذلك، عن أن المعدلات تدل على الازدهار في جميع المجالات الاقتصادية خلال الفترة المذكورة، ما عدا قطاع الإنشاء والبناء. وبيَّنت أن مدى الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد من الأهالي بلغ 6279 مانات.
واستعراضاً للوضع المنصرم، فإن اللافت للانتباه الشديد، أن أذربيجان التي استقلت في خواتيم عملية “البيريسترويكا”، وبالرغم من المصاعب الكبيرة والمآسي المتلاحقة التي تعرّضت إليها على يد المجرمين البيريسترويكيين، قد تَمَكَّنَت بعدما حققت اقتصاداً رئيسياً قائماً على النفط (مع استكمال خط أنابيب باكو – تبيليسي – جيهان)، من لعبِ الدور المركزي في عملية التطور المُتسارِع المُذهل، فقد نَمَا الناتج المحلي الإجمالي لأذربيجان بنسبة 41.7 بالمئة، في الربع الأول من عام 2007، وعلى الأغلب كان أعلى من أيّ دولة في جميع أنحاء العَالم، ويتواصل الحال الاقتصادي الأذربيجاني بالتعاظم إلى يومنا هذا، ويُفضي إلى تمكين متجدد.
في العودة إلى المراجع العلمية المحكّمة، فإن دراسة فورة أذربيجان الاقتصادية بموضوعية وعلمية تُثبت أن رئيس جمهورية أذربيجان، السيد إلهام علييف، ينجز قفزات متواصلة وملموسة للجميع لتشكيل اقتصاد وطني متنوع، مع علاقات السوق المتعددة الألوان والتدعيم الذاتي، ويستمر بتعميق هذا المنهاج السياسي، استناداً إلى منطق التنمية المُستدامة والديناميكية المُبدعة، ويتتابع الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتسارع تنويع الاقتصاد، وإعلاء أوضاع الحقول والمساحات غير النفطية، والاستخدام الكُفْء والفعَّال لاحتياطيات العُملة الإستراتيجية، وثبات النَقد الوطني، وتحسين موثوقية إستراتيجية الاقتراض الخارجية المحافِظة، ودعم الدولة لريادة الأعمال، والرعاية الاجتماعية للسكان التي تحسَّنت بصورة لافتة للانتباه، إذ نالت البلاد فوزاً في تخليق وتفعيل برنامج الدولة المعني بالارتقاء الاجتماعي والاقتصادي في المناطق للفترة 2014-2018، والبرنامج الحكومي للحد من الفقر والتنمية المُستدامة في جمهورية أذربيجان للفترة 2008-2015؛ والتي أمَّنَتْ البرامج الإنمائية القطاعية. وعلى مدى السنوات الماضية (2003-2013) زادت الإنتاجية المحلية الإجمالية في أذربيجان 3.4 مرات، والقطاع غير النفطي – 2.7 مرة، وتعاظمت احتياطيات الرصيد الإستراتيجي للبلاد بمقدار 30 ضعفاً لتصل إلى 50 مليار دولار. ونتيجة لتنفيذ تدابير هادفة، تحسَّن رفاه السكان تحسناً واضحاً، وازدادت الإيرادات بمقدار 6.1 مرة، وتم تخلق و1.2 مليون وظيفة.
*كاتبة روسية / أردنية.