الأنباط – الأردنية/
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح*
كانت تصريحات وزير الخارجية الصيني وانغ يي ضمن أجندته الأساسية وفي سياق الدورة الرابعة للمجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب الصيني، التي بدأت أعمالها يوم الجمعة الماضية لافتة جدًا لوسائل الإعلام العربية ضمنها الخليجية والعالمية. ففي المؤتمر الصُحفي الذي عَقده بعد يومين من افتتاح اجتماعات “المجلس”، تناول الوزير بكل صراحة وشفافية ومباشرة علاقات بلاده مع الدول العربية، وسياسات بلاده الخارجية وصِلاتها الدولية.
رفض وانغ يي بكل حزم سياسات وصفها بـِ”الهيمنة والتنمر في العالم والتدخل في شؤون الصين الداخلية..”، وأكد: “سيادة الصين لا يُسمح بانتهاكها وكرامة الأمة الصينية لا يُسمح بتشويهها، ولا بد من حماية حقوق ومصالح الشعب الصيني.. الصين تهتم بالصداقة، وتتميز بالصمود، وتلتزم بالمبادئ، وتتحمل المسؤولية، وستنقل للعالم المزيد من الدفء والأمل، وتضخ المزيد من الثقة والقوة للتنمية المشتركة لجميع الدول”.
ومن رحابة السياسة العالمية انطلق الوزير إلى حديث طويل عن البُنيان الصيني العربي، الذي يعود بنا إلى حقبة موغلة في القِدم (منذ ألوف السنين)، فأكد تطابق علاقات بكين مع العواصم العربية، مُستحضرًا المَثل العربي الشهير القائل: “الصداقة شجرة جذورها الوفاء وأغصانها الوِداد”.. مُضيفًا أن الصين مستعدة لبذل الجهود مع الجانب العربي من أجل التضامن والتقدم المشترك وتحضير القمة الصينية العربية بشكل جيد، وضخ مضامين أكثر للشراكة الإستراتيجية الصينية العربية، وتحقيق نتائج في بناء مجتمع المصير المشترك الصيني العربي”. وفي بعض التفصيلات، قال الوزير المخضرم والشهير عالميًا، إن العلاقات الصينية العربية “تقدمت في ظل الوباء وأظهرت حيوية وفتحت فصلًا جديدًا”.
وأضاف، أن “جلالة العاهل السعودي هو أول قائد أجنبي بعث برقية إلى الرئيس شي جين بينغ للتعبير عن دعم الصين في مكافحة الوباء، بينما كانت الإمارات العربية المتحدة أول دولة قبِلت تجربة المرحلة الثالثة من اللقاح الصيني خارج الصين”. ونوّه، إلى أن هذه التطورات اللافتة إنما “تُشكّل نموذجًا جديدًا للتضامن الصيني العربي في مكافحة الوباء”، واستطرد قائلًا: بلغ حجم التجارة الصينية العربية العام الماضي 240 مليار دولار أمريكي، وترسخت مكانة الصين كأكبر شريك تجاري للدول العربية، وتطور العمل والإنتاج للمشاريع الصينية العربية في إطار مبادرة الحزام والطريق، وتسارع التعاون في التكنولوجيا الحديثة مثل الجيل الخامس من الاتصالات، والذكاء الاصطناعي، والطيران والفضاء… ودخل التعاون الصيني العربي العملي مرحلة جديدة.”
في التعمّق بأبعاد تصريحات الوزير وانغ يي، نُلاحظ اهتمامًا بالغًا من لدن القيادة الحكومية الصينية بالعالم العربي ككل، ذلك أنه يُبرز على وجه التحديد، أهم المحطات في علاقات بلاده بدول الخليج، وهذا الأمر مفهوم جدًا، فهذه الدول تتمتع بثقلٍ مالي واقتصادي واستثماري كبير وتأثير عالمي وآسيوي في فضاءات لا حدود لها. ولهذا تعمل عواصم الخليج على تعميق وتوسيع علاقاتها عموديًا وأُفقيًا بالصين، ولديها كل الإمكانات لتعمير هذه الصِلات بكل الروافع المطلوبة، فالمشاريع المُقرّة بين الجانبين الخليجي والصيني فلكية بكل المعاني والأبعاد.
*متخصص بشؤون الصين وروسيا وآسيا.