زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يى إلى مصر، حَمَلت دلالات ضخمة في سياق علاقات البلدين والنقلات الواسعة التي تشهدها. الروابط التي تَجمَع الدولتين المصرية والصينية عميقة في سياق التاريخ، وهي اِنْعِكاسٌ لتلاقي حضارتين يُشهد لهما بتقديم الكثير الكثير من المُنجزات التقدمية للبشرية جمعاء.
فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي أعرب عن إعجابه العالي بالمُعجزات التي تلفت أنظار العالم والتي صَنعها الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، وأكّد أن الجانب المصري يَعتبر الشعب الصيني صديقًا حقيقيًا وشريكًا موثوقًا به. زيارة الوزير الصيني إلى مصر تكشف عن أن مصر والصين تسيران بثبات لا انقطاع فيه لحماية الجُذور العميقة ووشائح القُربى التاريخية والحضرنية الجامعة لهما، “ويَشرع الجانب المصري بكل ثبات وغير متأثر بالتشويشات، بتطوير التعاون بين العاصمتين في المجالات كافة، وزيادة مَنسوب تعزيز آواصِرَ الشّراكة الإستراتيجية الشاملة بين مصر والصين في ظل الذكرى الـ65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”.
وفي حين تتعرض الصين لهجوم غربي واسع النطاق بهدف إبعادها عن مصر والبلدان العربية رغبةً من هذا الغرب بتكريس المنطقة العربية لنفوذه وسياساته وعَسكره، يتمسك الجانب المصري بتأكيد نهجه اتجاه الصين، لا سيّما تأييده لسياسة الصين الواحدة، ويُوطد بثبات جهود الصين الحليفة في صيانة سيادتها وأمنها واستقرارها، ويُساند أنشطة الصين لمكافحة الإرهاب والتطرف المتعدد الأشكال، ويَنتصر لمبادرة “الحزام والطريق”، ويتطلع إلى التصليب المُضْطَرِد بلا توقف للتعاون مع الجانب الصيني في مجالات البُنية التحتية والمناطق الصناعية والتكنولوجيا العالية والحديثة وغيرها، لتصبح مصر البوابة الرحيبة والمُشرَعة لنفاذ الشركات الصينية إلى المنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو هدف يتمنى نجاحه جميع العرب.
التعاون المصري الصيني كان على الدوام عالي المستوى، واليوم يَشمل أيضًا التنسيق في مجال المساهمات الصينية بتزويد مصر باللقاحات، وتحويل مصر إلى قاعدة لإنتاج اللقاح على أراضيها، وهو أمرٌ يُحقّق لمصر المزيدِ والمزيدِ من تمتين مكانتها العِلمية والعَالمية ودَورها العربي. وإبرازًا لذلك، شهد الطرفان حفلًا افتراضًيا بمناسبة إنتاج صيني مصري مشترك لمليون جرعة من لقاح مضاد لفيروس كورونا.
في تصريحات الوزير وانغ يى نقرأ خطابًا ممتلئًا بمشاعر الأُخوّة والرفاقية، إذ أكد على أن الصين ومصر صديقان عزيزان يعتمد بعضهما على البعض الآخر، وتظل الصداقة القائمة بينهما “راسخة كالصخر، وقد صَمدت أمام اختبارات تقلبات الأوضاع الدولية، ويُقدّر الجانب الصيني تقديرًا عاليًا وقوف مصر الدائم معه في القضايا المتعلقة بالمصالح الحيوية والهموم الكُبرى للصين، ويُساعد بثبات مصر لمواصلة استكشاف طريق تنموي يتناسب مع ظروفها الوطنية، ويَرفد بثبات مساعي مصر لانتهاج سياسة مستقلة، ويؤازر جهود مصر الرامية إلى مكافحة الإرهاب وصيانة الاستقرار واسْتِصَاَلَ التطرف. كما يتطلع الجانب الصيني إلى تضافر الجهود مع الجانب المصري لتحقيق هدف إقامة “مجتمع صيني مصري للمستقبل المُشترك”، بما يجعل العلاقات الثنائية قُدوة رائدة يُحتذى بها لبناء المجتمع الصيني العربي والمجتمع الصيني الإفريقي للمستقبل المُشترك”.
يَتبيّن من تصريحات الوزير وانغ يى، أن رؤية الصين لدور مصر العربي والدولي واسعة، فمصر شريك مهم في بناء “الحزام والطريق”، والجانب الصيني حريص على تجذير المُواءَمة بين مبادرة “الحزام والطريق” و”رؤية مصر 2030″، ويدعم القاهرة لتسريع وتيرة التصنيع وتوطيد القُدرات العِلمية والتكنولوجية، والارتقاء بالمستوى التنموي، وتعميق التعاون في مجال الأمن وإنفاذ القانون، بما يَصون الأمن المشترك لهما. وسيواصل الجانب الصيني تقديم اللقاحات والمواد الوقائية إلى مصر لتَعضِيد جهودها للقضاء على الجائحة بشكل نهائي.
*مُتخصص بالشؤون الصينية، ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.