نال أول قمة افتراضية بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأميركي جو بايدن في 16 نوفمبر الجاري اهتماما عالميا، ولدي ملاحظات عدة حول هذه القمة.
أولا، عقد هذا اللقاء المستغرق لـ3 ساعات ونصف بناء على طلب جو بايدن، كانت واشنطن تقترب من منتصف الليل عند انتهائه. أظن أن الرئيس بايدن البالغ 78 عاما من عمره كان مجهدا للغاية آنذاك، لكن كان عليه أن يصمد لأن اللقاء ذو أهمية كبرى بالنسبة له ولإدارته، وهو أكثر تحمسا وحرصا من الصين على إنقاذ “العلاقات الأميركية الصينية الغارقة في دوامة الهبوط”، على الرغم من أن اللقاء كان قد يكون عقيما.
تقترب الانتخابات النصفية الأميركية، بينما تستمر شعبية الحزب الديمقراطي في التراجع. فأشار استطلاع جديد للرأي صدر في 14 نوفمبر إلى أن معدلات الموافقة على أداء بايدن تراجعت إلى 41%، بانخفاض قدره 12%. السبب الرئيسي هو الظروف الاقتصادية السيئة والتضخم الجامح، كما قال بايدن، “يؤثر التضخم على محافظ نقود الأميركيين. كل شيء أصبح غاليا، من البنزين إلى رغيف الخبز”.
لذلك، بايدن بحاجة ماسة إلى التعاون مع الصين لتخفيف حدة التوتر في العلاقات الثنائية، وتحسين الظروف الاقتصادية، وبالتالي رفع نسبة التأييد، وإلا فإن عيد الشكر وعيد الميلاد المقبلين، بالنسبة للجماهير الأميركية، سيكونان في غاية الصعوبة مقارنة بالسنوات السابقة.
ثانيا، تمثل هذه القمة اعترافا أميركيا حقيقيا بالصين كمنافس استراتيجي يجب التعامل معه بشكل متساو. مقارنة بمحادثات أنكوريج الصعبة بين الصين وأميركا، فإن الأخيرة تخلت عن عجرفتها هذه المرة، وأدركت أنها لم تحصل على فوائد فعلية من خلال تأزيم العلاقات مع الصين، خاصة أن الاقتصاد الأميركي لم يستفد. لذا، أكد بايدن عدم تحويل المنافسة بين البلدين إلى صراع.
مقارنة بما كان عليه قبل 40 عاما، شهدت موازين القوى بين الصين والولايات المتحدة تغيرات كبيرة. تمثل أميركا الآن 24% من الاقتصاد العالمي بينما تمثل الصين 18%، ما يعني أن الاقتصادين معا، ما يقرب من نصف اقتصاد العالم. وهما متشابكان مثل وجهين لعملة واحدة، تربحان في التعاون وتخسران في الصراع.
فيما يتعلق بقضية تايوان الحساسة، أكد بايدن في القمة أن بلاده تدعم “الصين الواحدة”، لا تدعم “استقلال تايوان”، لأن الأميركيين يعلمون أن هذا خط أحمر للصين.
طبعا هم لم يذكروا ذلك في البيان، بل اختاروا فقط تصريحات رنانة شديدة اللهجة ونشروها لإرضاء الصقور والحفاظ على “اللياقة السياسية” الأميركية. مع ذلك، يتعمد بعض الأميركان “احتواء الصين باستغلال تايوان”، وهم يعلمون أنهم “يلعبون بالنار”. من يلعب بالنار يحرق نفسه.
منذ تولي الرئيس بايدن الحكم، أجرى ثلاث محادثات مع الرئيس شي جين بينغ، كانت الأولى والثانية عبر الهاتف، وبلغت مدة تلك المحادثات حوالي 7 ساعات. هذا طبعا لا يكفي لحل الأزمات بين الدولتين، لكن القمة الأخيرة بداية جيدة لإعادة العلاقات الصينية الأميركية إلى مسارها الصحيح، لكن يبقى سؤال: هل ستفي الولايات المتحدة بوعدها حقا؟.
*سي جي تي إن العربية.