CGTN العربية/
جعل فريق دونالد ترامب لحملة إعادة انتخابه “تشدد المواقف من الصين” جزءا هاما من برنامجه السياسي، ففي مجالات التجارة والاقتصاد، بدأ بعض المسؤولين الأمريكيين الكبار بتكرار نظرية “فصل الاقتصاد الأمريكي عن الصين”، حيث قال مدير لجنة التجارة الوطنية بالبيت الأبيض بيتر نافارو أن اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين “انتهى”، مما أثار تقلبات في السوق الآسيوية، وتراجعت العقود الآجلة لمؤشر الأسهم الأمريكية بحدة، وارتفع الدولار الأمريكي ونسبة تقلبات أسعار الصرف.
تراجع نافارو لاحقا عن حدة لهجته قائلا إن تصريحاته “اقتطعت من سياقها بشكل كبير”، بينما أكد دونالد ترامب في تغريدة على أن الاتفاق مع الصين “لا يزال قائما”.
هل الولايات المتحدة قادرة على الابتعاد عن أكبر دولة مستوردة منها؟ وفقا لما حلله رويترز، فإن التصريحات المتناقضة لمسؤولي إدارة ترامب بفصل الاقتصاد الأمريكي عن الصين تواجه واقعا صعبا: تزيد الصين حاليا وارداتها من السلع من الولايات المتحدة، وتواصل الشركات الأمريكية الاستثمار في الصين، والسوق حذرة بشأن فصل أكبر اقتصادين في العالم.
أصدرت مجموعة روديوم الاستشارية الأمريكية مؤخرا تقريرا قالت فيه إن الشركات الأمريكية أعلنت عن مشروعات استثمارية مباشرة جديدة في الصين بلغ إجماليها 2.3 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2020؛ وعلى الرغم من تأثير جائحة فيروس كورونا الجديد، فقد تم تخفيضها قليلا فقط عن المتوسط على صعيد الفصل مقارنة بالعام الماضي، وهذا يدل على أن القليل من الشركات الأمريكية قد قللت من أعمالها في الصين.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرا أنه على الرغم من الاحتكاكات التجارية، فقد ارتفع حجم التجارة الثنائية بين الصين والولايات المتحدة إلى ما يقرب من 39.7 مليار دولار أمريكي في أبريل الماضي، بزيادة تقرب من 43% عما كان عليه في فبراير الماضي، مشيرة إلى أن ذلك يعني أن الصين أصبحت مرة أخرى أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، ما أثبت مرة أخرى سخافة ما يسمى بـ”فك الارتباط”.
سواء كان فصل الاقتصاد أم لا، فإن الجوهر هو مسألة القانون الاقتصادي، ويجب أولا النظر في القابلية. إن مكانة الصين المهمة في تخطيط السلسلة الصناعية العالمية حاليا هو التوازن الأمثل بين التكلفة والفعالية الذي تصنعه الشركات العالمية من خلال تكامل الموارد لسنوات عديدة. حتى أثناء تفشي الوباء، لم تغير الصدمة المؤقتة الميزة النسبية للصين. تتوقع مستجدات “آفاق الاقتصاد العالمي” التي أصدرها البنك الدولي أن الاقتصاد العالمي سينخفض بنسبة 5.2% في عام 2020 بسبب تأثير كوفيد-19. من بينها، سوف ينكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 6.1%، ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 1%، وبذلك ستكون واحدة من الدول القليلة التي ستتوسع اقتصاديا هذا العام.
ونشر الأستاذ في جامعة جورج واشنطن هنري فاريل والأستاذ بجامعة جورجتاون أبراهام نيومان مقالا بعنوان “غباء الانفصال عن الصين” على موقع مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، أشارا إلى أن التخلص المتسارع من الاعتماد على الصين قد لا يقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية الصحية مع الصين فحسب، بل يؤدي أيضا إلى قطع الروابط الاقتصادية مع دول أخرى في العالم.
وقال مدير مركز جون إل. ثورنتون للصين في معهد بروكينغز لي تشنغ إن الصين والولايات المتحدة لديهما أساس عميق للتعاون في الاقتصاد والثقافة واستجابة للتحديات العالمية وغيرها من النواحي، وقد أفاد التبادل الاقتصادي والتجاري والثقافي الوثيق البلدين. هذا لا يتماشى نظرية الانفصال عن الاقتصاد الصيني للحكومة الأمريكية مع الواقع، فالاقتصاد الأمريكي وشعبه لا يستطيعون تحمل صدمة وتأثير الفصل من الصين.
وقال إن حتى أولئك الذين يدعمون نظرية فصل الاقتصاد الأمريكي عن الصين، يدركون جيدا أنه إذا تبنت الحكومة الأمريكية سياسة الفصل فسوف يكون لذلك تأثير مدمر على الولايات المتحدة نفسها.