شبكة طريق الحرير الإخبارية/
في العاشر من سبتمبر الجاري، انطلق معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات 2025 في بكين، واستمر حتى الرابع عشر من الشهر ذاته. وشاركت فيه ما يقرب من 2000 شركة، من بينها حوالي 500 شركة مدرجة على قائمة “فورتشن غلوبال 500″، وكذلك شركات رائدة عالميا من 26 دولة ومنطقة متقدمة في مجال تجارة الخدمات. وقد جمع المعرض بين أحدث التقنيات المتطورة وسلاسل التوريد العالمية وأبرز الإمكانيات التكنولوجية، وجذب رجال أعمال محليين وعالميين متخصصين في هذا المجال.
ومن بين المشاركين، أشار مولاي الزين الموساوي الوزير المفوض بسفارة المغرب لدى بكين إلى أن الصين تُعد دولة رائدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية والطاقات المتجددة، مؤكدا يقينه بأن الزائر سيجد دائما شيئا جديدا في المعرض مع كل دورة سنوية.
وشدد على أن هذا الأمر مميز وليس غريبا على الصين، التي وصفها بأنها دولة معروفة بتقدمها في قطاع التكنولوجيا، فضلا عن قطاع الخدمات الذي اعتبره متنوعا وغنيا للغاية لديها.
وأعرب الموساوي عن تطلعه إلى قدوم رجال الأعمال المغاربة لزيارة المعرض، وإلى مشاركة الشركات المغربية في استكشاف آفاق الاستثمار وتعزيز والتعاون مع الجانب الصيني في هذا المجال.
على صعيد آخر، شاركت سفارات المغرب والأردن وتونس هذا العام في معرض “العالم الزاهي بالألوان”، الذي يُقام ضمن فعاليات معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات بهدف تعريف الشعب الصيني بالمنتجات المتميزة ومواقع الجذب السياحي في هذه البلدان العربية. ولا تزال السياحة بين الصين والدول العربية تتمتع بإمكانات هائلة.
وفي السياق نفسه، قال حسام الحسيني، سفير الأردن لدى الصين، إن هناك العديد من المجالات التي يتعاون فيها الأردن مع الصين، بما في ذلك التعاون الثقافي والتعليمي والأكاديمي، إضافة إلى التعاون التجاري والاقتصادي الكبير والمهم. كما أشار إلى تطلع الأردن إلى زيادة التعاون في المجال السياحي، الذي يرى أنه من المجالات الواعدة، معربا عن أمه في أن تتوسع الفعاليات المتعلقة به ويزداد حجم التبادل السياحي بين الأردن والصين في المستقبل القريب.
ويتجلى أثر التعاون الصيني-العربي في زيادة أعداد الزوار الصينيين إلى المنطقة، فقد ارتفع عدد السياح الصينيين المسافرين إلى الدول العربية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث تشير إحصاءات الهيئة السعودية للسياحة إلى أن السعودية استقبلت 140 ألف سائح صيني في عام 2024، مما يجعل الصين ثاني أكبر مصدر للسياح إليها. ويهدف قطاع السياحة السعودي إلى جذب 5 ملايين سائح صيني سنويا بحلول عام 2030.
ويوازي ذلك تطور تجارة الخدمات في الصين التي شهدت نموا مطردا. فقد أظهرت بيانات وزارة التجارة الصينية أن إجمالي واردات وصادرات الصين من الخدمات ارتفع بنسبة 8.2 في المائة على أساس سنوي خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام. ويشمل هذا النمو أيضا مجالات السياحة والثقافة، كما قدمت المنتجات الصينية المزيد من الخدمات المعدة بشكل خاص لدول الشرق الأوسط.
ومن بين تلك المنتجات، عرضت شركة ((أوتو وايس.إيه آي)) مركبات تنظيف ذاتية التشغيل ومتعددة الأغراض في المعرض. وقد تم تصميم هذه المركبات خصيصا لتلبية احتياجات دول الشرق الأوسط. فنظرا لارتفاع درجات الحرارة ومستويات الغبار في المنطقة، تمتاز هذه المركبات بمتانة عالية تمكنها من مقاومة الحرارة، كما تتمتع بقدرة فائقة على الشفط.
وأوضحت لي شي جاي، مديرة العلاقات العامة بالشركة، أن هذه المركبات الذكية يمكنها العمل بكفاءة طوال اليوم، بما في ذلك أوقات الذروة الصباحية والمسائية، عن طريق الاعتماد على بيانات الشركات المحلية لتنظيم عمليات التشغيل.
كما يمكن ملاحظة أن المركبات المعروضة، رغم كونها غير مأهولة، إلا أنها تحتوي على قمرة قيادة. ويعود ذلك إلى أن الطائرات بدون طيار، وفقا لمتطلبات الإمارات والسعودية، يجب أن تكون مزودة بمشرف سلامة، رغم إمكانية إتمام كافة العمليات عبر الهاتف المحمول فقط. كما تعمل هذه المركبات بالكهرباء، ما يعزز كفاءتها واستدامتها.
وفي إطار الابتكار في قطاع النقل، ذكر أحد العاملين في شركة أخرى لصناعة السيارات في حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة انتقالية في مجال الطاقة، وأن أحوال الطرق في العديد من دول المنطقة جيدة، لذا فإن الشاحنات الجديدة التي تُصنعها شركته خصيصا لتصديرها إلى الشرق الأوسط تعمل أيضا بالطاقة الكهربائية، بما يعكس التكيف مع متطلبات السوق.
كما عقد المعرض العديد من اجتماعات التفاوض التجاري بين العاملين في المجال التجاري الدولي، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا مثل الطائرات بدون طيار، والروبوتات، وتقنيات الاستشعار عن بُعد، وغيرها.
ومن مصر، جاء إلى المعرض رزق كريم يوسف، وهو متخصص في الهندسة ويمتلك خبرة سابقة في التعاون مع شركة صينية في مجال مضخات المياه، وسبق له حضور الكثير من المعارض في الصين. ويعمل حاليا في شركة ((جيو آي مصر)) المتخصصة في الجيوفيزياء (علم فيزياء الأرض) وتقنيات الاستشعار عن بُعد. ولفت إلى أنه يشارك في المعرض هذه المرة بهدف الاطلاع على أحدث الابتكارات والتواصل مع بعض الشركات، لنقل الصورة والمعلومات إلى المدراء في مصر.
وأشار إلى أنه في مصر، لا سيما في المناطق النائية منها، هناك حاجة إلى تحديد المواقع التي تحتوي على مياه جوفية، أو المناطق المتوقع وقوع زلازل فيها، أو تلك التي توجد بها مشكلات أو شقوق نتيجة عوامل جيولوجية. وأضاف أن كل هذه الأمور تندرج تحت مجال الجيوفيزياء، لافتا إلى رغبته في الاطلاع على كل ما هو جديد في هذا المجال خلال فعاليات المعرض.
يُعقد معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات منذ أكثر من عشر سنوات، وقد شهد خلال هذه الفترة تطور التعاون بين الصين والدول العربية من مجال تجارة السلع إلى مجالي الثقافة والسياحة، والآن يمتد إلى التعاون في المجالين العلمي والتكنولوجي. وتولي الشركات الصينية اهتماما متزايدا بسوق الشرق الأوسط، كما أنه بفضل جهود الجانبين في تسهيل حركة السياحة، تزداد أعداد السياح الصينيين المتوجهين إلى الدول العربية.
ومع مرور السنين، أصبح الأصدقاء العرب الذين شاركوا في المعرض هذا العام جزءا لا يتجزأ من أصدقائه القدامى، ومع كل عام يكتشف الزائرون ابتكارات جديدة. وقد قال الموساوي في هذا الصدد: “أنا متأكد من أنني إذا قمت بجولة (في المعرض) كل عام، سأكتشف شيئا جديدا”.
(شينخوا)