شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
عن جريدة الأنباط الأردنية/
“إثيوبيا العُظمى” نَهِمَة للسيطَرة عَلى البَحر والبَر العَرَبي
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح
صحيح أنه لا يوجد لإثيوبيا شواطئ مُبَاشِرة على البحر الأحمر “القُلْزُم”، وبأنها دولة مُغلقة ومُحاصَرة ترابيًا بدول عديدة، وبأنها لم تَفرض سيادتها “النهائية!” بَعد على أي من الشواطئ القريبة جدًا من جغرافيتها على مسافة “رَمْيَةَ حَجَرٍ”، إلا أن أديس أبابا قد جَدَّدَت بالتلويح بعصَا جديدة، هي إعادة بناء أسطول حربي بحري كبير تزعُم بأنه “قيد الإنشاء”، وهَدفه كما يدّعون في إثيوبيا هو “حراسة سَدّ النهضة”!!!. كذلك، تعمل هذه الدولة التوسعية والانتشارية على فرض خوات مالية على العابرين للبحر الأحمر، وقد تكون قد فرضتها للتو على البعض، وهدفها من ذلك هو التحكّم بكل ما يتحرك على الصفحة البحرية، إذ تُردِّد الشِعار الهجومي الخطير “نحن هنا للأبد!”، لتكتمل صورة الاستعمار على المَاء المفتوح أيضًا، وبالتالي امتداد هذا الترويع والترهيب إلى الشواطئ والأراضي العربية المقابِلة والمجاوِرة لها.
لم يتوقف الجَشع الاستعماري الإثيوبي عند حدٍ، وها هي أديس أبابا تدرس كيفيات شق أراضي الغير وتفتيتها لتضمن “عنوةً” إقامة قواعد حربية لها على شواطئ “الأحمر”، لا سيّما في خِضَم عدائها السافر لمصر والسودان بشأن “سَدِّ النهضة” التآمري الذي سيَعقبه بناء إمبراطورية إثيوبية مترامية الأطراف والجهات البحرية، لتتمكن من فرض خواتها المالية على السفن والقوافل أيّا كَانت، وبالتالي تهديد الأمن العربي والدولي، وهذا إنما يجري بالطبع بمساندة شاملة وكاملة من قِبل القوات “الإسرائيلية”، التي تَجد في إثيوبيا الحليف الثابت والمُتمَاثل إمبرياليًا في المَرامي الهيمَنية على الآخرين.
قبل نيّف وشهرين، أعلن المُتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، في مؤتمر صحفي، عن أن حكومته تنوي إنشاء قواعد عسكرية على البحر الأحمر، وبأن دولًا مختلفة “تُبدي اهتمامًا بالسيطرة على منطقة البحر الأحمر بإنشاء قواعد عسكرية، أكثر من أي وقت مضى!!!”. هذا التصريح يُعيدنا للمرة الألف إلى تأكيد الطبيعة الاستعمارية لإثيوبيا، وتَشَهد عليها تصريحات سابقة مُكرَّرَة لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي هَدّد ولوّح أكثر من مرة بعصا ما وصفه “بناء أقوى الجيوش في إفريقيا على مستوى القوات البرية والجوية”، وتعهَّد “بالبدء في إعادة بناء القدرات البحرية للجيش الإثيوبي خلال المستقبل القريب”!
كل هذا وغيره إنّمَا يَعني بشكل مباشر ووقحٍ للغاية، أن أديس أبابا بدأت فِعلًا في عملية عدوانية توسعية جديدة هي الأخطر صوب البحر المَفتوح، ولأجل أن تُغلق مرة وإلى الأبد تعريفها كدولة حَبيسة، إذ تتحدث بعض الأنباء عن أن زعماء إثيوبيا بدأوا مؤخرًا وبالفعل في تأسيس أسطول بحري كبير، هدفهُ المَكتوم للآن حماية وحراسة سَد النهضة الذي يُعتبر واقِعًا، أداةً توسعية على حساب مصر والسودان مباشرةً، وعداءً واضحًا وصريحًا للبلدان العربية الأخرى التي تُشكّل جِدارًا حول إثيوبيا من عدة جهات.
المُخَطَّطَات الإثيوبية حِيال المنطقة كثيرة، وأخطرها أن تتطور لتصبح دولة “أرض الصومال” الإستراتيجية المَوقع وغير المُعتَرف بها دوليًا وشواطِؤها، وجيبوتي الصغيرة والمُسالِمة جزءًا فيزيائيًا من إمبرطورية إثيوبية أوسع، ولُقمةً عسكرية سائغة في فَمِ أديس أبابا وبين فكّيها، تليها عدوانية إثيوبية شَرهَة على البلدان العربية دولًا وشعوبًا، قد تتعرض رغمًا عنها لمواجهة عسكرية دامية مع إثيوبيا، التي لا تتوقف كما يبدو عند أي حدٍّ توسعي. بعض الأنباء الخاصة تتحدث يوميًا عن أن أديس أبابا تضع تصورات إبليسية لفرض خوات مالية على العابرين لمياه البحر الأحمر، وبعضهم يذهب إلى أبعد من ذلك بالقول، إن هذه الدولة السمراء لن تتورع عن استخدام قوَّتها الحربية المَدعومة من الصهيونية العالمية، لفتح جبهات حربية جديدة ضد كل العرب، خدمةً لمشروعين توسعيين يسيران اليوم إلى جانب بعضهما بعضا ويؤازر بعضهما بعضًا: الصهيوإسرائيلي والإثيوبي الحليف له قلبًا وقالبًا وعَاطفةً وعقلًا وإيديولوجيًا وعسكريًا، وفي غيرها من صورِ التحالف الشرير. وللحديث بقية.