جريدة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
قبل إعداد هذه المقالة، شرعت بجولة واسعة في منطقتي، برغم وضعي الصحي المُتردّي، بهدف استجلاء أجواء الانضباطية الشعيية، وتلمّس الإيجابيات والسلبيات في الشوارع، والأماكن العامة، والمواقع المختلفة، بخاصة ذات الجذب من متاجر غذائية، ومختبرات طبية، وصيدليات، وأطباء، ومطاعم الخ
هالني صور «نصف الانضباط» في غالبية المخابز، مَتاجر بيع الخُضار والفاكهة، ومشتقات الألبان، والأدوات المنزلية وغيرها، ودوّنت أهم الملاحظات التي منها:
1/نصف العاملين في المخابز لا يرتدون القفازات والكمّامات، وضمنهم موظف الصندوق الذي يتعامل في آن واحد بالنقد المَعدني والورقي والخبز وغيره بيديه العاريتين!
2/غالبية العاملين لا يضعون على رؤوسهم «طاقية» الحماية البيضاء اللون، التي تمنع تساقط شعر الرأس على العجين والخبز ومشتقاته!
3/عدم انتظام المشترين بصفوف أمام المخابز وبعض المتاجر الغذائية؛ وعدم الطلب منهم الانتظام في صفوف!
4/تعامل الباعة في متاجر المواد الغذائية بأيديهم العارية، وفي نفس الوقت تعاملهم بالنقود وأكياس النايلون!
5/جزء من متاجر الفاكهة والخضار تعرض بضائعها على الأرصفة مباشرة وتحت أشعة الشمس؛ و.. «تختبرها» أيادي عشرات المشترين، وهو مَظهر خطير من شأنه نقل الفيروس بسرعة لعددٍ ضخم من المواطنين (لا قدّر الله).
6/المختبرات الطبية التي توجّهت إليها مُقفلة، إذ كنت أرغب بإجراء فحوصات مخبرية عاجلة بسبب ما أتعرض له من معاناة صحية.. فإلى متى سيستمر إغلاق المختبرات وتواصل معاناة أمثالي المرضى؟
في فضاء موازٍ، لاحظت منسوب انضباطية عالٍ لدى الغالبية، كان «أشدّها» من جانب الأجانب، وأكثرهم التزاماً هم أوروبيون رجالاً ونساءً، فالآسيويون، ويأتي «بعدهم» المحليون إخواننا الأُردنيون، ذلك أنهم يسيرون جماعاتٍ؛ دون التزام غالبيتهم لا بارتداء «الكمّامات» و»القفازات»، ولا بالتباعد المكاني، ناهيك عن البُصاق في الشوارع، وهي عادة قبيحة وغير مُستحبّة، تنقل العدوى للأصحاء في الأماكن العامة. لذلك، أرى أنه من الضروري منعها قانوناً وتغريم فاعلها بعقوبة مالية، لكن قبل ذلك وجوب تركيب «سِلال» في مختلف الأماكن العامة لاحتواء الفضلات التي يتخلص منها العامة خلال تجوالهم.
أكثر ما أثار انتباهي وغضبي واستنكاري في وقت واحد، هو أحد المواطنين الذي اصطحب زوجته وطفله الرضيع – الذي كان في «عربة أطفال» – وقد خرجوا ثُلّتهم للتنزّه في منطقتي بعد الساعة السادسة مساء(!)، وكان واضحاً أن هؤلاء هبطوا من (أورانوس) ولا ينتمون لأهل الكرة الأرضية، لذا هم لم يتعرّفوا بَعد على قوانين التجوال الصارمة بمواجهة «كوفيد-19»!
في مشهد آخر مُستنكر جداً، من ضمن مشاهد كثيرة لا مكان لها في مقالة صغيرة الحجم كهذه، رأيت عدة أشخاص يبدو أنهم ظهروا فجأة وقبل حلول منتصف الليل، حين كانت العتمة تلف كل شيء. على الأغلب كان ارتحال هؤلاء إلى كوكبنا من (عُطارد) أو (الزُّهرة)! راقبتُ زوار الليل هؤلاء طويلاً. كان واضحاً رغبتهم في زيارة بلادنا للتعرّف على واقع مكافحتنا للجائحة(!)، ويبدو أن ضيوفنا الفضائيين هؤلاء كانوا «خارج التغطية!»، فبرغم أنهم ارتدوا ملابس شبابية غاية في الأناقة، إلا أنهم اختاروا مكاناً «مثالياً» يُغطّي تماماً على هويتهم الفضائية، وتمركزوا بين سيارات الحي يتناولون المشروبات الغازية ويبحثون في قضايا المنطقة العربية والعالم للوصول إلى قرارات لحلّها..! كان مشهداُ فظيعاً بالفعل وتحدّياً للقانون.. وكأن شيئاً لم ولن يحدث!
وللحديث بقية تأتي.
*كاتب وصحفي أردني.
شششكرا صديقي استاذ خليل مدير التحرير المسؤول لنشر مقالتي هذه .. اشكرك على مبادراتك الطيبة هذه وروحك الاممية الوثابة وصداقتك المِثال والعظيمة حقاً.. شكرا مرات اخرى..