شبكة طريق الحرير الإخبارية/
مسيحيو أذربيجان: حُريات لا حدود لها تُنير الأجواء وصلوات تعلو من الأرض إلى السماء
بقلم: يلينا نيدوغينا
متخصصة بشؤون جمهورية أذربيجان الشقيقة، ومؤسِسَة لجريدة “ملحق الاستعراض الروسي” باللغة الروسية في المملكة الأردنية الهاشمية.
البعض يرتكبون خطأ فاحشاً وفاضحاً باعتقادهم أن احتلال أرمينيا أراضٍ أذربيجانية واسعة خلال العقود المنصرمة المُتشحة بالسواد، وقتل قوات أرمينيا والميليشيات التابعة لها أعداداً ضخمة من مواطني أذربيجان، والاستيلاء على أطيانهم، والتمثيل الوحشي بهم، وصلبهم على الأخشاب؛ تماماً كما صُلب السيد المسيح عليه السلام على يد أعداء السماء؛ ظاهرة طبيعية وعادية وتتماشى وتتسق مع قوانين الغاب!
في يرفان يدّعون أن حربهم على أذربيجان إنما هي “رداً على عداء الأذربيجانيين المسلمين للمسيحية والسيد المسيح..!!!”، وهذا بالطبع مجرد هراء يُبكي العارفين ويُضحِك المتمكنين والمثقفين بقضايا القوقاز والقوقازيين والأديان والإيمان والمؤمنين هناك، في تلكم الأراضي التي تتدفق من أساساتها ينابيع الخير والنفط والغاز والأحجار الكريمة، ناهيك عن أن أذربيجان دولة الهدوء والمساواة الدينية والمدنية التي تنعم منذ ولادتها التاريخية المُبهرة بخزان طبيعي عظيم من النفط والغاز، والأحجار الكريمة، والأجواء السياحية الجاذبة والعلاجية، والبراكين ذات التِرْيَاق المدهش الذي يشحن البشر بمزيدٍ من الصحة والسعادة ومَحبَّة الحياة.
النيل من الأديان والعقائد الدينية محظور في أذربيجان، لا بل أن مواطني هذه الدولة الشقيقة لا يسمحون لأنفسهم ولغيرهم بالتعدي على الأديان والإيمان وانتقادها، ولذلك تُعتبر أذربيجان مِثالاً عالمياً يُحتذي للمساواة والحريات الدينية الأمثل في عالم الأمس وجوامع اليوم، فحماية الأديان والمؤمنين في أذربيجان، وعلى مدار تاريخها الطويل القديم والحديث، يَعتمر بالمحبة والمساواة بين بني الإنسان، وترفعها باكو شعارات لها وممارسةً يومية تشد أقطار المَعمورة كلها إلى هذه التجربة المدنية – الدينية – الإيمانية المتميزة والفريدة في جوهرها وأبعادها الإنسانية.
في قوبوستان (Qobustan) التي تقع على بعد 70 كم فقط من باكو، أي ما يقارب ساعة واحدة بالسيارة، وهي منطقة تابعة لمدينة أو بلدية باكو، منطقة تعتمر بالصخور والبراكين. هنالك يَكتشف المرء أن هذه المنطقة حافظت على الشكل الذي هي عليه الآن منذ الألفية الثامنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام. فقوبوستان التي تمتد على طول ساحل بحر قزوين، تتكون من الطين الصخري، وطافحة بالندوب والحُفر. خلف التلال الصخرية يقع بحر قزوين، وهناك تحت السماء تقع محطات استخراج النفط والبترول، ورغم ذلك فإن بعض الأشخاص يعيشون في قوبوستان وعددهم ليس بقليل. ووفقاً للخبراء، هناك أكثر من 300 حفرة طينية باردة، أي أن أكثر من نصف البراكين الطينية التي توجد على مساحات الدنيا ترسخ في قوبوستان.
مَن تابع ويتابع من خلال وسائل الإعلام الأذربيجانية المختلفة قراءة واستماعاً وتلفازياً احتفالات عيد الميلاد المجيد (2022م) وفقاً للتقاويم المختلفة الشرقية والغربية، واحتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة (2023م) التي عمّت طول وعرض أرض أذربيجان، يُدرك عُمق وإتساع الحريات الدينية في تلك الدولة التي تنعم بالهدوء والسكينة بعد تحريرها من الاحتلال الأرميني الذي قتل وشرَّد وجرح وأهرق دماء الأطفال والنساء والشيوخ المسلمن والمسيحيين على حد سواء، لمجرد أنهم أذربيجانيون فقط، وأصاب هذا التمثيل الشيطاني القتَّال المسيحيين الأذربيجانيين من مختلف أتباع الكنائس هناك، وبعضهم يعود بأصله للكنيسة الرسولية الألبانية الأولى، العريقة، في تلك المنطقة والتي لها وحدها الحق بالرسولية وليس ذلك للكنيسة الأرمنية بِصِلةٍ، وهو تاريخ وحقائق موثقة ومؤكدة كنسياً، وفي المتاحف والجامعات الروسية الطافحة مخازنها بحقائق تاريخ أذربيجان، وحقائق الأرمينيين وهجرتهم إلى القوقاز من بقاع مختلفة، واستعمارهم التدريجي لتلكم المنطقة، وتشريد الأذربيجانيين منها شهراً بعد شهر، وسنةً بعد أخرى، وتقطيع أجساد كل من يتكلم بالأذربيجانية إربا إرباً، حتى تمكنوا أيضاً من احتلال العاصمة إيرفان الأذربيجانية، واستبدالها باسم مشابه يُلائم توسعية الدخلاء على هذه الأرض الغنّاء، وما الهجرات الواسعة للأرمن من أرمينيا والدول الاخرى، إلى أمريكا ودول الغرب، إنما يؤكد معرفتهم الأكيدة بأن أرمينيا ليست وطنهم الأم، وليس لهم أي مُستقر مُستقبَلي فيها، لا بل أن مسيحيتهم لا تنتمي لهذه الأرض الأذربيجانية التي يعيش عليها بسلام ومحبة غامرة ومتبادلة المسيحي والمسلم الأذربيجاني، متمتعين بكل الحريات التي تنص عليها قوانين منظمة الأمم المتحدة؛ والشرئع الإنسانية والدولية الوضعية والسماوية الدينية، أضف إلى ذلك أن “الرسولية” تعني أن الكنيسة متميزة تسير وفقاً لتعاليم الآباء الرسل حرفياً.
الاحتفالات الواسعة بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية الجديدة في أذربيجان، تشهد على أن “الحق يَعلو لا يُعلى عليه”، ويَخفق علمه على أرض أذربيجان ومائها كل يوم وكل ليلة، وفي هذا العام إَّتسم الاحتفال بهذه التواريخ على نحو خاص، سيَّما بعد تحرير الأرض والانسان الأذربيجاني من السلطة العبودية للمحتل الأجنبي الغاشم الذي إتَّسَمَ احتلاله بنيران وسكاكين النازية والفاشية الفالِتة مِن عِقَالِها.
احتفالات رأس السنة هي من أكثر الأعياد المُنتظَرة أذربيجانياً، إذ يترقب الملايين من الأذربيجانيين مسلمين ومسيحيين على حد سواء الاحتفاء بها في طول وعرض هذه الدولة البهية، ويَعرضون خلالها أشواقهم ورقصاتهم وبهجتهم وابتساماتهم بملء أفواههم، وبعضهم يمارس تقاليده الخاصة، التي منها بنسختهم الخاصة من “بابا نويل”، الذي يرتدي رداءً أزرقاً بدلاً من الأحمر، وتوافر الكثير من الحلويات التقليدية.
الأذربيجانيون شعب مضياف للغاية، ولذلك، يحتفل معظمهم بالسنة الجديدة في منازلهم مع عائلاتهم، وأصدقائهم المقربين، وبالطبع، يُقيمون العديد من الموائد الاحتفالية حول الكرة الأرضية، وتزين موائد أذربيجان العديد من الأطعمة التقليدية الوطنية اللذيذة والنبيذ. وقبل منتصف الليل، يتجمع المحتفون لرفع نخب السنة الجديدة. وتقليدياً، تتزين المنازل بشجرة السنة الجديدة، التي تشابه شجرة عيد الميلاد، ومن السمات الرئيسية للاحتفال هو وجود الأب فروست (أو شاختا بابا). وهي شخصيةٌ مشابهة لـ”بابا نويل” في الغرب. وعلى عكس الرداء الأحمر الذي يرتديه “بابا نويل”، يرتدي “الأب فروست” رداءً أزرق اللون. ويصاحب هذه الشخصية “عذراء الثلج” التي تُعرف باسم كاركيز. واستعداداً للسنة الجديدة، تتحول أرض النار، أذربيجان، إلى مكان مليء بالأضواء المتلألئة والمتراقصة، وأثناء السير بين شوارع العاصمة باكو مثلاً ترى الألوان الزاهية والأضواء في كل زاوية تدلف إليها. ومَن مَمشى باكو البحري الكبير، باكو بوليفارد، يمكنك الانضمام لآلاف الأشخاص وهم يتأملون مشهد الألعاب النارية السنوية وهي تنعكس بشكلٍ خلاب على مياه بحر قزوين.
ولذلك، نتطلع مع أصدقائنا لنحظى بتجربة جميلة ومختلفة، هي قضاء عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة في أذربيجان الحبيبة، والشامخة، والإنسانية، والحرة ونصيرة الحريات والمحبة لجميع البشر على وجه البسيطة بالذات. يتبع.