Sunday 29th December 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

مستشار الصين السياحى: المنطقة العربية هى مهد العالم ومنبع الديانات السماوية

منذ 3 سنوات في 13/أغسطس/2021

شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

 

بوابة دار الهلال/

 

محمود أبوبكر -سها البغدادي

الثقافة والأخلاق هما عنوان نهضة الأمم (يقول الشاعر أحمد شوقي: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا”) وتقدمها ولعل من أبرز الأسباب التي جعلت الصين تقود العالم هو الاهتمام ببناء الإنسان ونشأته ورفع ثقافته فجعلوها غذاء لأرواحهم بثقافة و وصفوها أنها لم تنقطع طيلة خمسة آلاف سنة لتلفت أنظار العالم بتقدمها ثقافيا وعلميا وحضاريا.

وفي إطار حرص مؤسسة دار الهلال العريقة  علي محاكاة الحضارة المصرية التي هي أقدم حضارة عرفها التاريخ ويعجز العالم عن وصفها وإكتشافها، أجرت المؤسسة حوار ثقافياً مع الوزير المفوض  “شي يو ون” والمستشار الثقافي والسياحي لدولة الصين في مصر ومدير المركز الثقافي الصيني بالقاهره ليحدثنا عن سر الثقافة في نهضة الأمم وبلاده.

الوزير المفوض  "شي يو ون"
الوزير المفوض  “شي يو ون”

 

هل من الممكن أن تحدثنا عن أبرز أعمالكم في مصر والصين؟

في البداية أود أن أشكركم على إتاحة الفرصة للتعبير عما يدور في خاطري قُبيل إنهاء فترة تولي منصبي بمصر بصفتي دبلوماسي ثقافي، ودارس للغة العربية، انخرطت في أعمال التبادل الثقافي الدولي والتعامل مع الأصدقاء العرب طيلة حياتي، وقد مضت 30 عاما منذ التحقت بهذا العمل، قضيت أكثر من نصف هذه المدة في الدول العربية، من بينها قضيت في مصر 7 سنوات على فترتين، لم أقض الكثير من الوقت خلال قترة عملي بالصين.

لكن أكثر ما ترك انطباعا لدي هو قيامي بأعمال التخطيط والتنظيم للدورة الثانية لمهرجان الفنون العربي عام 2010 بصفتي نائب رئيس قطاع العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة الصينية، حيث شارك في هذا المهرجان أكثر من 300 عارض وراقص ومغني من أكثر من 10 دول عربية من بينها مصر والمملكة العربية السعودية وسوريا والجزائر والمغرب وغيرها بعروض متعددة ومميزة في كل من بكين وشنغهاي ونينغشيا.

وخلال حفل افتتاح المهرجان في بكين كنت أنا المنسق العام ونائب المخرج، وكانت العروض مثالية ورائعة تركت بداخلي انطباع لا ينسى. وأثناء فترة عملي الأخيرة بمصر، تم اقامة أكثر من 300 فعالية خلال 4 سنوات، من أبرزها مسابقة “مصر تتغنى”؛ مسابقة الكتابة ” أنا والصين”؛ سلسلة ندوات “الصين في عيون المصريين”؛ أمسية “عيد الربيع الصيني 2020″؛ فعالية إضاءة برج القاهرة والأهرامات والقلعة بألوان علم الصين الأحمر وغيرها من الفعاليات.

كيف تخلق الثقافة حياة الأمم والشعوب؟

هذا الموضوع كبير نسبيًا، لكنني أعتقد أن الثقافة في النهائية هي روح الأمة والغذاء الروحي للشعب الثقافة التقدمية يجب أن تكون شاملة ومنفتحة، وهي في حاجة دائمة للتبادل المستمر والتعلم من الثقافات المتميزة لكافة دول العالم. فقط الثقافة المنفتحة والشاملة هي التي يمكنها أن توفر غذاء روحي أفضل للشعوب.

 سياستنا هي: لندع مائة زهرة تتفتح، ومائة مدرسة فكرية تتبارى، لنجعل الماضي في خدمة الحاضر، ولتستفيد الصين من غيرها، وتستخلص الجوهر دون غيره ولو انتهجت أمة ما وشعب ما هذه السياسات، فيمكنها أن تُخلق إنجازات ثقافية أكثر تقدمًا تخدم الشعب بشكل أفضل.

ومن ثَم؛ يجب أولاً على الدولة صياغة سياسة ثقافية جيدة وثانيًا؛ يجب زيادة الاستثمار الحكومي في المشاريع الثقافية وثالثًا؛ يجب زيادة أعمال الدعاية والترويج، واستخدام الثقافة المتطورة والمتناغمة لتسليح الشعب وتثقيفه وبالطبع، التربية والتواصل يجب أن تكون موجهة نحو النشيء، والأهم هو تنشئة الأبناء على المشاعر الرفيعة والأخلاق الحميدة والصفات النبيلة.

ما هو تأثير الثقافة الصينية على تاريخ الصين العريق ونهضتها؟

هناك فرق واضح بين الثقافة الصينية والثقافات الأخرى في العالم، ألا وهو أن الحضارة الصينية لم تنقطع أبدًا طيلة خمسة آلاف عام فعلى الرغم من تعاقب الأسر الحاكمة باستمرار بداية من المجتمع العبودي الذي بدأ في عام 2100 قبل الميلاد والمجتمع الإقطاعي الذي تلاه، وصولا إلى المجتمع الحديث بعد عام 1840، لكن الثقافة الصينية ممثلة في ثقافة قومية الهان لم تنقطع أواصرها أبدا، كما تتمتع الثقافة الصينية بحيوية وجاذبية فائقتين، ولطالما لعبت الثقافة الصينية دورًا رائدًا ومعززًا خلال المراحل التاريخية العظيمة للصين ونهضتها.

ما هي أبرز معالم تشكيل ثقافة المواطن الصيني؟

السمات الرئيسية للثقافة الصينية هي التوارث والوئام الثقافة الصينية تنتمي إلى الثقافة الشرقية، وهي تدعو إلى الجماعية والفكر الجماعي الذي يتناقض تمامًا مع الذاتية الغربية فالشعب الصيني متحفظ نسبيا ولديه عقلية جماعية قوية للغاية وهذا هو الحال منذ العصور القديمة حتى الآن.

بشكل أبسط، يفكر الصينيون دائمًا في الآخرين أولاً، ودائما ما يضعون حفظ ماء الوجه في المرتبة الأولي فمثلا، عندما تجتمع العائلة لتناول الطعام، دائما ما يترك الآباء أطفالهم يتناولون الطعام أولاً، ويتركون لهم يتم أفضل أصناف الطعام وعندما يجتمعون مع الأصدقاء، يقتسمون أشهى الأطعمة معهم.

وعندما يستقلون المواصلات العامة يتركون المقاعد للغير، وأثناء العمل في الشركات والمؤسسات دائما ما تكون الأولوية هو مصلحة الشركة أو المؤسسة وسمعتها، واحترام روح المنافسة والتسابق بين القطاعات المختلفة هذا من أسباب حفاظ الصينين على وحدتهم.

وكما تعلم فقبل الحرب العالمية الثانية تقاتل قادة الحرب الصينيون فيما بينهم، ولكن بعد غزو اليابان للصين، اتحدت الفصائل المختلفة على الفور، ووجهت فوهات بنادقها أسلحتها نحو الخارج .

بإختصار، يسعى الصينيون دوما الوحدة والروح الجماعية ونبذ الانقسام وهذا هو ما نعنيه بالمقولة الشائعة: “الإتحاد قوة” كما تعتمد النهضة السريعة للصين اليوم على مبدأ الجماعية وسيادة المصالح الوطنية.

ومن السمات المميزة للثقافة الصينية أيضا أن الصينيين دؤوبون في العمل ففي جنوب الصين تزرع الأرض وتحصد مرتين سنويان، ولذلك نادرا ما تجد من يتسكع في الشوارع دون عمل، الكل يفكر في شيء مفيد لكسب المال.

 بالإضافة إلى ذلك، دائما ما يدعو الصينيين إلى الاقتصاد والتوفير ويعارضون الإسراف والتبذير ولو حدث أن تبقى طعام أثناء تناول الأكل في المطاعم، لا يتركوها، بل يأخذوها معهم إلى بيوتهم وإذا تبقي لديك الكثير من الطعام في طبقك أثناء تناول الطعام في البوفيهات المفتوحة، سيتم تغريمك من المستحيل أن ترى أضواء أعمدة الانارة مضاء على الطريق خلال النهار كما تُطفئ الأنوار عند مغادرة الغرف أو المنازل وهذا تجسيد لتركيز الشعب الصيني على الاقتصاد والتوفير وعدم الإسراف والتبذير.

هل تستثمر الصين في الإنسان أكثر من المشروعات؟

يجب القول أن الحكومة الصينية تولي أهمية كبيرة للتعليم وإعداد الكفاءات، والاستثمار الضخم فيها هناك ما يقرب من 2700 كلية وجامعة في جميع أنحاء البلاد، يدرس بها أكثر من 40 مليون طالب، وأكثر من 900 ألف طالب دراسات عليا مسجلين سنويا وهناك ما يقرب من 1000 مؤسسة لإعداد طلاب الدراسات العليا معظم هذه المؤسسات تديرها الحكومة، لذلك فإن استثمار الحكومة في إعداد وتدريب الكفاءات في الصين ضخم للغاية في حين أن المشاريع الهندسية مسألة أخرى تماما، تخص مجال البناء الوطني وحياة الشعب، وهي فئة الأنشطة الاقتصادية، مختلقة عن فئة التعليم وإعداد الكوادر، ولا يمكن المقارنة بينهما.

كيف تري ثقافة المنطقة العربية؟

المنطقة العربية هي مهد العالم ومنبع الديانات السماوية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، وتقع في مركز الحراك الانساني لقد جعل التاريخ العريق والحضارة الباهرة والموقع الجغرافي المتميز من هذا المكان قِبلة للعالم منذ العصور القديمة ولقد ازدهرت الإمبراطورية قديما، وتركت أساطير رائعة على مر السنين، وقدم مساهمات كبيرة للحضارة الإنسانية، ومع ذلك، فبعد تكون المجتمع الحديث.

 وبسبب تقسيم القوى الغربية، ظلت الأراضي العربية مقسمة منذ فترة طويلة، ونتيجة هذا الانقسام كانت التوزيع غير المتكافئ للموارد في المنطقة، وهو ما ترتب عليه زيادة الفقراء فقراً وزيادة الأثرياء ثراءً خلافا عن تزايد الاختراقات بكافة صورها، مما تسبب في تأخر تنمية دول المنطقة بصورة خطيرة، وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة لم تستطع دول المنطقة مواكبة خطى العصر بشكل سليم، وتركتها الدول الغربية خلفها بمسافة كبيرة، لكن هذه المنطقة لديها أساس حضاري رائع وتقاليد ثقافية منفتحة. وأعتقد أنها ستحقق النهضة عاجلاً أم آجلاً.

برأيكم هل اندثرت الثقافة العربية أو كانت سببا في هذا التأخر؟

لا أظن أن الثقافة العربية اختفت، لكنها لا زالت تتوارث بشكل دائم تخلف المنطقة العربية ليست مشكلة ثقافة، بل هو نتيجة تاريخية كما قلت أعلاه، إذا كان عليك القول أن هذا التخلف متعلق بالثقافة، فهي مشكلة تتعلق بالفكر، فأنا أعتقد أن الثقافة هي أساس التفكير فالخلفية الثقافية هى التي تحدد نوعية المفكرين بشكل عام.

 يجب علينا الدعوة إلى الأخذ بالعلم أنا أدعو للعلمنة وفصل السياسة عن الدين ففي مثل هذا العصر التقدمي يجب علينا أن ننادي بالعلم، وتطويره، والاعتماد عليه قال السيد دينغ شياو بينغ كبير مهندسي الإصلاح والانفتاح بالصين ذات مرة أن “العلم والتكنولوجيا هما قوى الإنتاج الأساسية” و “التنمية هي صاحبة اليد العليا”. إذا أردنا أن نتطور اليوم، يجب أن نعتمد على العلم والتكنولوجيا، ويجب علينا تطوير الاقتصاد.

ماذا الذي ثمثله مصر وثقافتها بالنسبة لكم؟

الثقافة المصرية متنوعة للغاية، بشكل عام يجب أن تظل الحضارة الفرعونية خير ممثل للثقافة المصرية، فعلى الرغم من اختفائها منذ زمن، إلا أن الأهرامات والفراعنة والنيل والسيسي ومحمد صلاح هم الممثلون عن مصر.

كيف تنظر الصين الي الثقافة والحضارة المصرية القديمة؟

الشعب الصيني يحترم الثقافة والحضارة المصرية القديمة بشدة ويعتقدون أنها واحدة من الحضارات المتطورة للغاية في تاريخ البشرية العديد من بقاياها خيالية لا تصدق حتى اليوم لا يزال بعض الناس يعتقدون أن الأهرامات قد بنيت من قبل كائنات فضائية وأي قصص واكتشافات جديدة عن الفراعنة والأهرامات هي محل اهتمام وحديث للشعب الصيني في أوقات فراغهم.

ما هي أبرز ملاحظاتكم على الثقافة المصرية؟

لكل بلد وكل أمة ثقافتها الخاصة، ولا يحق لأي شخص آخر إبداء ملاحظات غير مسؤولة عنها.. انا احترم الشعب المصري كثيرا وأحب الثقافة المصرية وخاصة الثقافة والفنون المصرية القديمة فهي على الاقل منفتحة ورحبة وليس لدي رأي في ذلك.

أعتقد دوما أن البشر منذ بداية الخليقة في صراع حضاري مستمر والتبادلات الثقافية والتعلم المتبادل هي الأشياء الوحيدة التي تستمر في التطور والتقدم من يعتقدون أن ثقافتهم الأفضل من غيرهم، ويرغبون دائمًا في استبدال ثقافة الآخرين بثقافتهم، هم أصحاب فكر ساذج محكوم عليه بالفشل.

ما هو أبرز الانطباعات التي تركتها لكم الثقافة المصرية؟

الانفتاح والاحتواء هذا هو أعمق انطباع لي عن الثقافة المصرية ففي مصر يمكننا أن نرى الآثار الثقافية عن فراعنة أسر العصور القديمة، كما نشعر بالخصائص الثقافية للعصر اليوناني والروماني، ونستشعر كذلك أجواء الثقافة العربية.. بالطبع هناك أيضا مذاق الثقافة المعاصرة كل هذا يعكس أن مصر دولة منفتحة وقادرة على الاحتواء، وثقافتها أيضا كذلك.

ما هي رسائلكم للمصريين للحفاظ على ثقافتهم وعدم التأثر بالحروب الثقافية؟

أعتقد أن مصر قامت بعمل جيد للغاية في حماية تراثها الثقافي وموروثاتها الثقافية التقليدية، وهناك العديد من الخبرات تستحق منا ومن شعوب العالم أن نتعلم منها هنا أود أن أقول بضع كلمات للأصدقاء المصريين الشباب أولا: وقبل كل شيء، أهنئ البعثة الرياضية المصرية على نتائجهم الممتازة في أولمبياد طوكيو. فهم قدوة للجميع يحتذى بهم، وهذه القوة لا يستهان بها أبدا.

ثانيًا:أوصي الشباب المصري بالاجتهاد في الدراسة، وتحرير عقولهم، ومواكبة العلم لقد لاحظت أن العديد من الأصدقاء المصريين وطنيون جدًا للغاية ويحبون بلدهم بشدة. إنه لأمر عظيم أن تحب بلدك، لكن مع التحلي بالعملية والواقعية، أو كما نقول دائمًا “علينا أن نتطلع إلى النجوم، لكن علينا أيضا أن نحافظ على أقدامنا راسخة على الأرض.”

  في نفس الوقت أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر دار الهلال للنشر على مساعدتهم لي خلال عملي بمصر طوال هذه المدة وعلى حسن تعاونهم معي فهي من أقدم دور النشر في مصر، وتضم عددًا كبيرًا من الأعمال والمصادر التاريخية الثمينة وهي نموذج مصغر لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، ولها مكانة خاصة سواء في مصر أو الشرق الأوسط.

كنت قد زرت دار الهلال عدة مرات عندما كنت جئت للعمل في القاهرة لأول مرة منذ عشرين عاما، وخلال فترة عملي بمصر هذه المرة، زرتها كثيرا أيضا والتقيت بالعديد من المسئولين والمحررين والصحفيين، بل وتكونت صداقات قوية بيننا آمل أن تستمر هذه المؤسسة العريقة في تجديد شبابها كما عهدناها، وأن تظل تقدم للشعب المصري الودود والمحترم غذاء روحى متميز ومتدفق.

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *