يقع هذا المتحف الخاص و الأول من نوعه في الجزائر بدالي براهيم في الطابق الأرضي للمنزل الخاص لصاحبه الخبير في مجال الاقتصاد و التسويق عبد الكريم بن باحمد الذي اختار تدشينه اليوم تكريما لذكرى زوجته و رفيقة دربه امينة بن باحمد في السنة الأولى لرحليها و هي صاحبة فكرة المتحف المخصص للذاكرة الإفريقية.
و يتواصل العرض التدشيني الى غاية 14 نوفمبر و يستقبل المتحف الراغبين في زيارته بعد تواصلهم مع المعنيين عن طريق الهاتف او صفحتهم على الفايسبوك و ذلك حرصا على تطبيق شروط الاحتراز من انتشار فيروس كورونا .
وعاد السيد بن باحمد في كلمة الى حيثيات انشاء هذا المتحف الذي هو ثمرة أسفاره و زوجته الراحلة في جل البلدان الإفريقية حيث كانت لهما منذ ايام الجامعة في مطلع الاستقلال علاقات وطيدة مع الطلبة الافارقة الذين جاءوا للدراسة في الجزائر المستقلة التي اصبحت قلعة الثوار.
وتوقف المتحدث عند محطات كثيرة تؤكد تعلقه بالقارة السمراء و ابنائها الذين احتك بهم من خلال نشاطات الجمعيات الطلابية التي كان ينتمي اليها و عند دور زوجته في خلق مؤسسة احمد و امينة بن باحمد و المتحف.
كما تحدث عن العلاقات التي نسجها مع الشعوب الإفريقية في إطار عمله و زوجته كخبراء في العديد من البلدان الإفريقية. وكانا الزوجان شغوفان بالحضارة الإفريقية خاصة ما تعلق بالتراث الشعبي و الآثار التي تركها الأسلاف كما تؤكده التحف الكثيرة و المتنوعة التي يزخر بها المتحف والتي تشير الى ما كانت عليه الحياة في ازمنة سابقة من الاواني المنزلية و مختلف مستلزمات الحياة مثل الاسلحة المعروضة (سيوف و أرماح …)كما توجد ضمن المجموعات المتحف تحف ترمز للروحانيات الجوانب العقائدية.
يحتوى المتحف ايضا على تشكيلة كبيرة من التحف التي تحمل قيمة اثرية و رموز ثقافية و اخرى تتمثل قيمتها في جمالها لكنها تشترك كلها في تسجيل و حفظ تاريخ شعوبها.
اثناء التجوال في غرف المتحف التي تعرض خزائنها الزجاجية تحف من خشب و اخرى من خزف و أقنعة متنوعة و ايضا اسوار و اشياء اخرى خاصة بالطقوس الجنائزية تستوقف الزائر مجموعة من السيوف و كذا أساور و خلاخل ثقيلة لا يمكن استعمالها للزينة و يوضح السيد بن باحمد ان ان هذه الاشياء تقتنى ليس للزينة او للدفاع انما لانها من حديد و معدن ثمين لاستغلالها في التبادلات التجارية مقابل بضائع اخرى.
و قدم ايضا شروحات وافية عن مقتنيات المتحف خاصة عن قيمتها الحضارية و نوعية و اصالة المواد التي استعملت في انجازها.
و توجد ضمن المقتنيات المختلفة للمتحف تحف من تونس و المغرب و ليبيا و مصر و ايضا حلي الطوارق.
كما خصصت رفوف لعرض مجموعة مخطوطات و مصاحف و كتب أدعية من افريقيا.
و انجزت مؤسسة بن باحمد الى جانب المتحف مكتبة تحتوي مئات الكتب و الأبحاث مفتوحة امام الباحيثن و مركز للوثائق و الإعلام يوفر للباحثين في شؤون افريقا الوثائق و ادوات البحث الى جانب مخبر للبحث و التفكير يهتم بالشان الإفريقي في جميع المجالات مثل التراث و الثقافة و الاقتصاد و كل ما يمكن ان يقرب بين أبناء القارة السمراء.
و ابرز في حديثه عن ما لاحظه طيلة تنقلاته في إفريقيا مكانة الجزائر في قلوب الأفارقة و اعتزازهم بالحرب التي خاضها شعبها ضد المستعمر مذكرا بالإقبال و الترحاب الذي خص به من قبل سكان البلدان التي زارها مثل غانا و كوت ديفوار ومدغشقر و بلدان الساحل و كينيا و بلدان شمال افريقيا.
و اكد في هذا السياق ان “المستقبل السياسي و الاقتصادي و الثقافي هو مع الجنوب و علينا ادراك ذلك للتقدم” .