شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
الأنباط/
ما لا نعرفه عن الشاعر نظامي الكَنجوي
بقلم: طارق قديس *
ربما لا تحملُ الأجيالُ العربيةُ الحاليَّة الكثير من المعرفةِ بالشاعر الأذري العملاقِ نظامي الكنجوي، لكن اللفتة الحاذقة للرئيس الأذري إلهام علييف بالتوقيع على مرسوم رئاسي لاعتبار عام 2021 هو عام الشاعر الذي وُلد عام 1141 م فتحت الأبواب للغُرف المغلقة في ذاكرة الشعوب العربية للتركيز على حياة نجمٍ شاعريٍّ سطعَ في سماء أذربيجان، وما قدَّمه من نصوص شعرية وقصصية خلابة مغلَّفةٍ بالفلسفة النفّاذة إلى القلوب والعقول على ذات المستوى.
ولعل اللافت في بديع إنتاج أديبِنا الفذِّ عند مطالعةِ المخزون الكتابي – وهو مما لا يعلمُهُ الكثيرون – أن نرى مدى اهتمامه بتدوين نصوصٍ مستوحاةٍ من الواقع العربي الثري، على رأسِها: نص (ليلى والمجنون) ضمن مُؤلَّفِهِ (الكنوز الخمسة)، والذي نسجَ خيوطَهُ من أحداثٍ تدورُ رَخاها في بلاد العرب بين فتى عربيٍّ هو قيس بن الملوح وحبيبتهِ ليلى العامرية بأسلوبٍ ساحرٍ مُحكم، وهو امتياز يُعزِّز من الدلالةِ على نبوغ الكنجوي، ذلك النبوغ الذي أكده المستشرق الإنجليزي إدوارد براون في كتابه (التاريخ الأدبي لبلاد فارس) حين شهد لشخص الكنجوي وموهبته بقوله: “وقصارى القول، أنه يمكنُ أن يوصفَ بأنه مزيجٌ من النبوغ الممتاز والأخلاق الفاضلة، إلى درجةٍ لا يعدلِها شاعرٌ .. كانت حياتهُ موضوعاً لدراسةٍ نقديَّةٍ دقيقة”، وذلك بحسب ما أثبته الدكتور عبدالنعيم محمد حسنين في كتابهِ (نظامي الكنجوي شاعر الفضيلة ..عصره وبيئته وشعره) الصادر عام 1954.
وعطفاً على ما سبق لم يكن من المستغرب في عددٍ من المدن العالمية أن يتم نصب تماثيله في محافل مرموقة على سبيل التكريم، ومنها التمثال الذي تم نصبُه في مدينة دربند الروسية في المتنزه الذي يحمل اسم الشاعر ذاته عام 2019، والتمثال الذي أهدته دولة أذربيجان إلى مكتبة الإسكندرية ضمن الاحتفالية العربية الدولية التي نظمها مركز كنجوي الدولي تحت عنوان “نظامي كنجوي” عام 2015.
وعليه لذا فإننا نرى في تكريم رئيس دولة أذربيجان الكريمة تلك لفتة سامية جاءت في وقتها لتسليط الضوء على شاعرٍ ملحمي عزف بمفرداته البليغة على وترِ المحبة والفضيلة لا يستحق منا على الدوام سوى كلِّ إكرامٍ وتقديرٍ.
*كاتب، شاعر وأديب أردني فائز بجوائز القصة القصيرة العربية.