مر أكثر من شهر على ارتطام الغواصة “يو إس إس كونيتيكت” النووية الأميركية بـ”جسم مجهول” في بحر الصين الجنوبي في 2 أكتوبر الماضي. أثار هذا الحادث قلقا بالغا، وشكوكا وامتعاضا في دول المنطقة. مع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة متكتمة للغاية بشأن هذا الحادث الغامض، وتتعمد إخفاء تفاصيله.
مقارنة بالوضع الحالي للغواصة “كونيكتيكت”، فإنما يهمنا أكثر:
– ما المهمة التي كانت البحرية الأميركية تنفذها بغواصتها التي تتسلل أو تسللت في بحر الصين الجنوبي؟
– ماذا اصطدم؟
– هل تسبب في تسرب نووي في هذا البحر الصيني؟
هذه الألغاز لم تحل بعد.
لفترة طويلة، كانت “الشفافية” دائما سلاحا تستخدمه الولايات المتحدة لمهاجمة الدول الأخرى. على سبيل المثال، اتهام دولة ما بإخفاء المعلومات عن “الوباء” أو “سجل انتهاكات حقوق الإنسان”. لكن في حادث اصطدام الغواصة، لم تكن الولايات المتحدة “شفافة”، والأمر النادر أن الإعلام الأميركي كله كان صامتا.
تكهن باحثون صينيون أن الغواصة “كونيتيكت” جاءت إلى بحر الصين الجنوبي لمراقبة تحركات الصين وجمع المعلومات الاستخباراتية عن قاعدة الغواصات النووية الصينية في سانيا. أما أسباب تكتم الولايات المتحدة على تفاصيل الحادث فقد تكون:
أولا، إعلان تفاصيل الحادث قد يكشف عن مسار الغواصات الأميركية في بحر الصين الجنوبي، وتريد الولايات المتحدة إخفاء حقيقة أنها تتسلل خلسة إلى مياه دول أخرى للانخراط في أنشطة غير قانونية.
ثانيا، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا مؤخرا عن إقامة شراكة أمنية ثلاثية، مما أثار مخاوف كبيرة لدى دول المنطقة بشأن “سباق التسلح”، خاصة دول الآسيان. في هذا التوقيت الحساس، وقع حادث ارتطام الغواصة الأميركية ليزيد الطين بلة، لذلك تريد أميركا التقليل من شأن الحادث حتى لا يؤثر على علاقاتها مع الآسيان.
ثالثا، كان الحادث قد يتسبب في تسرب نووي، ومن المستحيل أن تفصح الولايات المتحدة عن تفاصيله، لأن ذلك سيؤدي إلى إدانة المجتمع الدولي وإعاقة الدوريات التي تسيرها أميركا في بحر الصين الجنوبي بحجة “الحفاظ على حرية الملاحة”.
رابعا، كبد هذا الحادث الولايات المتحدة خسائر كبيرة، كما أنه سلط الضوء على تدني مستوى التدريب للبحرية الأميركية وافتقارها إلى الاحتراف، والكشف عن تفاصيل الحادث سيضر بسمعة الولايات المتحدة باعتبارها أكبر قوة عسكرية في العالم.
لذلك، أقول للأميركان: في بحر الصين الجنوبي، أنتم طفيليون. أنتم ترسلون المقاتلات وحاملات الطائرات والغواصات إلى هذا البحر الصيني لاستعراض العضلات وتهديد السلام حتى تملأ المنطقة برائحة البارود. قبل أن تسيروا ما يسمى بدوريات “حرية الملاحة” هناك، كانت الممرات التجارية الدولية هناك آمنة ومفتوحة دائما، ومرت وما زالت تمر البضائع بحرية.
هناك قواعد سلوك تدير الخلافات السيادية بين الصين ودول المنطقة، ولم ندعوكم للوساطة في بحر الصين الجنوبي. لذا نرجوكم أن تكفوا عن الممارسات الاستفزازية في هذا البحر، سواء فوق مياه البحر أو تحتها، اتركوا البحر كي يعود إلى الهدوء.
*سي جي تي إن العربية