جريدة الأنباط – الأردنية/
بقلم: مارينا سوداح*
*كاتبة وناشطة دولية.
غالبية عقائل رؤساء الدول يُحَقِّقنَ أدواراً بارزة في مسيرة شعوبهن، وهذا الأمر طبيعي، بل هو مطلوب من لدن السيدات الأوائل لأجل إعَانَة أزواجهن ومجتمعاتهن في القضايا التي تتطلب مِنهن تميزًا في البذل والعطاء ونجاح التطبيق بخاصة في تلكم المسائل التي تتصل بطبيعة المرأة والمجتمع، والعائلة، والطفل، والصحة، والتعليم، وطائفة أُخرى من الأدوار الدولية أيضًا. فكثيرًا ما نرى كيف تُوفِّق زوجات قادة البلدان المختلفة العربية والأجنبية، وضمنها الغربية، الشقيقة منها والصديقة أيضًا، فيندفعن لمدِّ يد العَون والمساعَدة والمُسانَدة في قضايا و وزارات ومؤسسات تتطلب وجودهن الفاعل فيها، وهذا الأمر طبيعي جداً وعادي في المجتمعات المتطورة وفي تلك التي تحترم المرأة وتجلها وتعظّم أدوارها ومكانتها المتميزة.
المرأة قادرة على الإنجاز الدقيق وبحس مرهف، وتَنَعَّمَ بالحاسة السادسة (الحدس)، واستكشاف الأخطاء، والعمل على تكثير الإيجابيات، وكلمتها مَسموعة ومُطبّقة ولا نقاش بشأنها في الدول المُتحضّرة، وفي تلك التي تحترم نصف المجتمع جنسوياً، فهي الأم الرؤوم، والزوجة العطوف، وربّة الأسرة القُدوة، والأهم هي مربية الأجيال، وحامية أجواء السلام في كل المجتمعات، وعلى طول وعرض التاريخ الإنساني.
شخصياً، أنا مُعجبة جداً بجلالة الملكة رانيا العبدالله وأحترمها وأحبها حبا جمًا، فهي تَتَمَتَّعُ بِغَزَارَةِ العِلم، وَرَجَاحَةِ العَقْل وَقُوّته، والجَمال الوَافِر، وتشع بالبَهاء وتتميز بنضَارة الإشراقة. الملكة تنتمي للعائلة الهاشمية الكريمة المُعلية للدور العروبي قوميًا وإنسانيًا وحضاريًا، وهي كذلك قيادية، متعلمة، مثقفة، وتَبرز بدورها ألأممي العابر للقارات، والمجتمعي والتنموي والتوعوي الكبير، وتُعتبر واحدة من أبرز نساء العَالم، وتتألق دوليًا باعترافٍ وإشادةٍ من مؤسسات وقادة دول وشخصيات عالمية وزوجاتهن.
جلالتها تقدم الدعم والمساندة لزوجها جلالة مليكنا المفدى عبدالله الثاني حفظه الله، في أعماله التي تتطلب منها المساهمة، وقبل أيام بَرزت جلالتها بتصريحات وازنة ودقيقة أفضت إلى ردود أفعال إيجابية دوليًا، بما يخص فيروس كورونا والأوضاع الصحية والمجتمعية في الأردن والدنيا، على خلفية تفشي الجائحة التي نتعرض إليها نحن ومُجمل سكان المَعمورة، وذلك خلال مشاركة جلالتها عَبر تقنية الاتصال المرئي في قمة وارويك الاقتصادية العشرين.
جلالة الملكة تحدثت بعمق ومشاعر طافحة بالإنسانية وأحاسيس مرهفة عن شروخ في النظام العالمي، إذ بيَّنت أن الجائحة أدّت إلى أكبر خلل في التعليم خلال تاريخ البشرية، فقد أُغلقت المدارس والحضانات والجامعات، ما شكّل أزمة حقيقية للأمهات العاملات وأوضاعهم المالية والعامة. كما أشَّرَت جلالتها على نقاط القوة التي نتمتع بها نحن والمجتمع الدولي، ووضعت يدها على الجرح الذي سببته كورونا، وناشدت مجموع القوى المحبة لِهِبَةِ الحياة المُقدّسة معالجة القضايا التي تُغذي عدم المساواة المتزايدة بسبب هجوم الفيروس، وذلك من خلال جهود جماعية وخشيةً من أن يؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار وانعدام الأمان للجميع، ما يدفع بالضرورة إلى تكثيف التعاون الكوني الشامل للتصدي للكارثة الفيروسية، فجلالتها ترى عدم قدرة أي دولة على حِدة للتعافي من كورونا بقواها الذاتية مُنفردة، وهو استنتاج صحيح لجلالتها، فمعالجة أي قضية وإيجاد الحل الأنسب بشأنها إنما يَستلزم بالضرورة وللأهمية تكاتفًا عابرًا للحدود الدولتية والإقليمية والقارية.
وليس ختاماً، من الضروي بمكان أن أقول كلمة حق في جهود وإنسانية جلالة الملكة رانيا العبدالله، فشهرتها كشخصية دولية وسطية تسعى لخدمة البشر بخاصة في حقول حماية حياة الإنسان وما يتصل بالصحة والعلوم والتعليم ولزوم ضمان توافرها للجميع كهدف مُقدّس، يُفضي بالمهتمين إلى إرساء مجتمع المصير الواحد للبشرية وتآخيها، ونحو صداقة حقيقية ترْسَخ في علاقات وتبادلات مختلف الأنظمة السياسية، رغبةً بتخليق مجتمع أُممي يَقوم على ركائز إنسانية وسلمية على المدى، لا ابتعاد عنها.