باكو، 25 ديسمبر، أذرتاج/
أجمع المشاركون في المائدة المستديرة حول “فكر الاستشراف في فلسفة ابن خلدون”، التي عقدتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، على أن أفكار وكتب العلامة ابن خلدون ستظل مراجع قيمة صالحة لكل زمان ومكان، مطالبين بالتعمق في دراستها لكي تساعدنا على فهم وتحليل الحاضر واستشراف المستقبل.
وقد انطلقت أعمال المائدة المستديرة، التي انعقدت يوم الأربعاء (23 ديسمبر 2020) حضوريا في مقر المنظمة بالرباط وعبر تقنية الاتصال المرئي، وشهدت مشاركة رفيعة المستوى من سفراء وخبراء وباحثين وأكاديميين من عدة دول، بكلمة افتتاحية للدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، كشف خلالها عن أن المنظمة ستقوم بإنجاز دراسة حول الفكر الاستشرافي للعلامة ابن خلدون، وستعرض مسيرة هذا العالم الجليل بالتطرق لأبرز مراحل حياته ورحلته الفكرية والمعرفية مع إبراز إنجازاته وكتاباته الخالدة.
وأكد أن الموائد المستديرة التي تعقدها الإيسيسكو ترنو إلى إبراز الدور الكبير للمفكرين والعلماء، الذين كان لهم بصمات واضحة وإشراقات مضيئة في تاريخ العالم الإسلامي والعالم أجمع، من خلال تثمين مجهوداتهم ودراسة أفكارهم والاستفادة من إنجازاتهم وإرثهم الفكري، وأن هذه المائدة ستعقبها موائد علمية أخرى.
ومن جانبه، أشار السيد ستيفن كروجر، ممثل مؤسسة كونراد إيديناور بالمغرب، إلى أن المؤسسة التي يوجد مقرها بالعاصمة الألمانية برلين، تشتغل على مستوى مئة دولة، وتقوم بدراسات فيما يخص اللغات وتهتم بالاستشراف والعلوم والابتكار والأمن، ودراسات فكر وفلسفة الباحثين الأكفاء من قبيل العلامة ابن خلدون، وفيما أوضح الدكتور قيس الهمامي، مدير مركز الإيسيسكو للاستشراف الاستراتيجي، أهمية المائدة المستديرة، معددا أهدافها ومحاور نقاشاتها، وأكد أن جائحة كوفيد 19 أبرزت دور الاستشراف وأهميته الكبيرة في الوقت الراهن، حيث يمكن الاعتماد عليه في إحداث التغيير المنشود.
وعقب الجلسة الافتتاحية بدأت جلسة العمل الأولى، التي أدارها الدكتور محمد زين العابدين، مدير قطاع الثقافة والاتصال بالإيسيسكو، وناقشت “تصورات التاريخ في كتابات ابن خلدون”، حيث نوه الدكتور سهيل عناية الله، الأستاذ الزائر في المعهد العالي للدراسات المستقبلية بجامعة تامكانغ في تايوان، بأن ابن خلدون سبق الجميع في استخدم مصطلح المستقبل، فيما تحدثت الدكتورة آنا بيليكوفا، المستشرقة الروسية، عن سياق تطور الفكر النقدي عند ابن خلدون، وقال الدكتور حسن الحاج علي الأزرق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، إن تحليل ابن خلدون للعصبية يسهم إسهاما مقدرا في دراسات التحليل الحضاري التي برزت في العقدين الأخيرين، وقدم الدكتور نديم عمر ترار، المدير التنفيذي لمركز الثقافة والتنمية بإسلام آباد، نقدا للمقاربة الخلدونية في تفسير القرآن الكريم، وأشارت الدكتورة هبة رؤوف عزت، الأستاذة بجامعة ابن خلدون في إسطنبول بتركيا، إلى أن أعمال ابن خلدون تبقى مهمة، خاصة المقاربة الاجتماعية التي قدمها لنا لفهم الحياة.
وفي الجلسة الثانية، التي أدارها السفير خالد فتح الرحمن، مدير إدارة الحوار والتنوع الثقافي بالإيسيسكو، وتناولت “الإمبراطوريات والدول: نظرية القوة”، حيث قدم السيد فيكتور موتي، مدير الاتحاد العالمي للدراسات الاستشرافية، نبذة عن حياة ابن خلدون، وقارن الدكتور محمد آيت حمو، باحث وأستاذ جامعي في الفلسفة الإسلامية والأفكار العربية الحديثة بكلية ظهر المهراز بفاس، بين التاريخ الواقعي والتصوري لابن خلدون، وتحدث الدكتور فوزي بوخريس، باحث وأستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، عن الاستشراف في فكر ابن خلدون من خلال فلسفلة التربية، وحدد الدكتور محمد شريف فرجاني، عالم سياسي وإسلامي تونسي مقيم في فرنسا، موقع نظريات ابن خلدون وسط النظريات التي سبقته.
وتحت عنوان “الطابع الاستشرافي في الفكر الفلسفي لابن خلدون”، ناقش المتدخلون خلال الجلسة الثالثة، التي أدارها الدكتور عبد الإله بن عرفة، المستشار الثقافي للمدير العام للإيسيسكو، فكر الاستشراف في فلسفة ابن خلدون، حيث قال الدكتور عبد الصمد غازي، رئيس مركز الرصد والدراسات الاستشرافية بالرابطة المحمدية للعلماء، إن ابن خلدون لم يكن مفسرا للتاريخ بل مؤولا له،
وتحدثت الدكتورة حنان حمودة، أستاذة جامعية في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة محمد الخامس بالرباط، عن النموذج الفكري الخلدوني، وأوضح الدكتور محمد المسوادي، أستاذ وباحث في الفلسفة السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ابن خلدون تنبأ بما نعيشه في القرن الحالي، فيما قدم الدكتور ألان فرومهيرز، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ولاية جورجيا، مقاربة نظرية لابن خلدون من خلال سيرته الذاتية، وتناول السيد فوزي الصقلي، مؤسس مهرجان الثقافة الصوفية بفاس، فكر التصوف في فلسفة ابن خلدون.
وفي ختام المائدة المستديرة قدم الدكتور قيس الهمامي، مدير مركز الإيسيسكو للاستشراف الاستراتيجي الشكر والتقدير لكل المشاركين في المائدة المستديرة، وضيوف الإيسيسكو، وفريق عمل المنظمة.