في يوم 8 سبتمبر، اجتمع أكثر من 20 خبيرا وعالما من الصين والدول العربية مرة أخرى عبر الفيديو في الدورة الثالثة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية، من أجل التركيز على مبادرة التنمية العالمية ومناقشة خطط التنمية للصين والدول العربية. تبادل الخبراء والباحثون المشاركون في الاجتماع وجهات النظر بشكل مستفيض، الأمر الذي أطلق شرارة الأفكار الرائعة.
مداخلات من الخبراء والباحثين العرب المشاركين في الاجتماع
تم الإدلاء بـ”صوت الثقة” لمبادرة التنمية العالمية مجددا. قال ضياء حلمى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إن مبادرة التنمية العالمية هي منصة تعاون مهمة توفرها الصين للعالم، وتظهر الرؤية العالمية الواسعة للرئيس شي جينبينغ ورؤيته الاستراتيجية الحكيمة وإحساسه كرئيس دولة كبيرة بالمسؤولية عن رفاهية الشعب ومصير البشرية جمعاء. وأكدتْ نائبة رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا مريم العلي المعاضيد أنّ العالم يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التنمية المبتكرة والتعاون في هذا المجال، مشيرة إلى أن مبادرة التنمية العالمية طُرحت في وقتها، وستصبح خطةً ملموسة وفعالة لحلّ القضايا الواقعية لكافة الدول وخاصة الدول النامية.
توفر مبادرة التنمية العالمية ديناميكية جديدة لتنمية الشرق الأوسط. قال رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية بلبنان قاسم طفيلي إنّ الدول العربية تقف في طليعة الجهود المشتركة لترجمة مبادرة التنمية العالمية على أرض الواقع، معربا عن ثقته بأنّ الإجراءات العملية الـ32 التي طرحتها الصين في المجالات الثمانية ذات الأولوية ستوفر فرصًا هامة لتنمية الدول العربية. وأكّد عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر الثالثة سليمان أعراج أنّ الابتكار هو ساحة جديد للمنافسة بين البلدان وعنصر مهم سيحدث تغيرات المستقبل، وأنّ مبادرة التنمية العالمية تعطي أجنحة للتعاون العربي الصيني في مجالي الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة. ومن جانبه، وأخذ رئيس جمعية التعاون الأفريقي الصيني للتنمية بالمغرب ناصر بوشيبة في خطابه المزرعةَ التجريبية المغربية كمثل، مشيرا إلى أنّ الحلول الصينية ساعدتهم في حل المشاكل التي كانت تؤرق زراعتهم الصحراوية ورفعت قدراتهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأغذية.
تفتح مبادرة التنمية العالمية آفاقا جديدة للتعاون الصيني العربي. قال رئيس مركز البحوث والتواصل المعرفي السعودي يحيى محمود بن جنيد إنّ مبادرة التنمية العالمية تتفق مع احتياجات الدول العربية في التحول والتنوع الاقتصاديين، ويمكن للدول العربية والصين تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقة الجديدة واتصالات الجيل الخامس وغيرها. وأكدت نائبة رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا مريم العلي المعاضيد أنّ التعاون العربي الصيني في مجالي التنمية منخفضة الكربون والوقود النظيف يتمتع بإمكانيات هائلة، معربة عن ثقتها بأنّ الابتكار الأخضر سيصبح “رقاقة” التعاون التنموي المستقبلي بين الدول العربية والصين. وبدوره، قال السفير السوداني السابق لدى الصين جعفر كرار أحمد إنّ الصين تتمتع بخبرات غنية ومتنوعة تتكيف مع الظروف المحلية في الحد من الفقر وتستحق الاستفادة منها، مردفا أن الدول العربية تتطلع إلى إنشاء مركز خاص بتبادل خبرات الصين في الحد من الفقر.
الاتجاه العام الذي يتفق مع رغبة الشعوب
إنّ التنمية هي المفتاح الرئيسي لحل جميع المشاكل. سواء كان الأمر يتعلق بالقضاء على تأثير الجائحة والعودة إلى الحياة الطبيعية، أم تسوية النزاعات والاضطرابات وحل الأزمات الإنسانية، فإنه يعتمد بشكل أساس على التنمية التي تضع الشعب في المقام الأول. ظلت الصين باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم، تعطي الأولوية القصوى للتنمية وتضع التنمية في مكان بارز للتعاون الدولي. بما أن مبادرة التنمية العالمية تتماشى مع التطلعات المشتركة لشعوب كافة الدول بما فيها الدول العربية، التي تتمثل في تحقيق السلام والتنمية والتعاون، كما تتفق مع الاتجاه العام ورغبة الشعوب.
أظهرتْ الدول العربية حماسة كبيرة للمشاركة في التعاون في إطار مبادرة التنمية العالمية، وقد أصبحت شركاء مهمين في دفع تنفيذ المبادرة. تتطابق “رؤية السعودية 2030″ و”الاستراتيجية التنموية للإمارات للخمسين عاما المقبلة” وغيرهما من الخطط الاستراتيجية للدول العربية بدرجة عالية مع مبادرة “الحزام والطريق” ومبادرة التنمية العالمية وغيرهما من المفاهيم التي طرحتها الصين، إذ تهدف كلها إلى إعادة قضية التنمية إلى قلب الأجندة ودعم واحترام الطرق التنموية التي تختارها شعوب جميع البلدان بإرادتها المستقلة، وتؤكد على أهمية التنمية المدفوعة بالابتكار والتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، وتسعى إلى زيادة رفاهية الشعوب والتمسك باتخاذ الخطوات العملية، بما يقدم إرشادات لتعميق التعاون بين الجانبين.
خير القول ما صدقه الفعل
تبقى الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات متتالية. حقّق التعاون الصيني العربي نتائج مثمرة في المجالات التقليدية مثل التجارة والطاقة وبناء البنية التحتية منذ زمن طويل. أما في الوقت الراهن، يتجه التعاون التنموي بين الصين والدول العربية إلى مستوى أعلى، حيث يعمل الجانبان على تعزيز التواصل والتعاون في المجالات الناشئة مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية والاقتصاد الأخضر، بغية تحقيق القفزات في التنمية يدًا بيدٍ.
تم تعميم استخدام تقنية الجيل الخامس من هواوي على نطاق واسع في دول المنطقة بما فيها الإمارات والسعودية والبحرين والمغرب، بما يمكّن شعوبها من الاستمتاع بالحياة المريحة وعالية الجودة التي توفرها تكنولوجيا المعلومات. وتم تنفيذ المشروع الصيني السعودي لاستكشاف القمر والمشروع الصيني الجزائري لإطلاق القمر الصناعي بنجاح، وافتتاح مركز التميز الصيني – العربي لنظام بيدو في تونس. وقد أصبحت محطة حصيان لتوليد الطاقة الكهربائية بالفحم النظيف بدبي ومشروع الطويلة لتحلية المياه في الإمارات والمرحلة الثالثة من محطة نور للطاقة الشمسية الحرارية في المغرب وغيرها من المشاريع التي نفذتها الشركات الصينية، نماذجا للتعاون الأخضر بين الصين والدول العربية.
يقول المثل العربي إن خير القول ما صدقه الفعل. في المستقبل، سيسعى الجانبان الصيني والعربي من خلال عملهما المشترك، إلى مواصلة تحويل الرؤية الواعدة لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية إلى مزيد من النتائج المثمرة.لن تتغير تطلعات شعوب العالم إلى الحياة الجميلة ولن تتغير رغبتها ومساعيها إلى التنمية مهما كانت تغيرات الأوضاع الدولية. ستعمل الصين مع الدول العربية على انتهاز فرصة تنفيذ مبادرة التنمية العالمية، لتعزيز الحوار والتواصل وتوثيق روابط التعاون وتعميق تمازج المصالح، حتى تصبح كعكة التعاون أكبر فأكبر والقوة التقدمية أقوى فأقوى، بما يقدم مساهمة في إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك