عن/صحيفة الدستور الأردنية:
تُعتبر جمهورية كازاخستان بلداً مِحورياً لكونها عابرة للقارات، فهي متميزة لوقوعها في آسيا وأوروبا، ولأنها تطل على بحر قزوين وبالتالي تمتعها بأهمية جيوبوليتيكية إستراتيجية. احتفلت هذه الدولة في الأول من ديسمبر الحالي بـ»يوم الرئيس الأول»، الذي يَعتبره شعبها حدثاً تاريخياً وعيداً وطنياً، إذ أفضى إلى انتخاب نور سلطان نزارباييف رئيساً عليها، بعد انحلال الاتحاد السوفييتي وتحقيقه نجاحات كُبرى على مختلف الأصعدة.
قبل سنوات زرت كازاخستان سوياً مع رفيقة دربي وهي كاتبة أيضاً، وألقينا محاضرات على هيئتها التدريسية وطلبتها في جامعتها (ليف غومليوف)، وهي واحدة من الأكثر شهرة بين جامعات كازاخستان والعالم، وعايشنا شعب هذه البلاد ردحاً من الزمن، وتلمّسنا محبته لوطنه ورئيسه وعلاقاته مع الأردن، وشاهدنا بأُمِ أعيننا الانضباط الاجتماعي والنظام العادل الذي تتمتع به البلاد، والذي مكّنها من توفير المتطلبات الأساسية للشعب، وبالتالي نشر السلام الاجتماعي، مما سهّل لها تبوّء مكانة عالمية إقليمية ورفيعة في مشهد التطور والازدهار، وشغلِها بالتالي موقعاً مرموقاً في عالم الأُمم.
علاقات الأردن بكازاخستان ممتازة ومتألقة، إذ يَشترك الأردنيون والكازاخيون كآسيويين بجذور ثقافية متقاربة جداً، ويتفق البلدان سياسياً وحضارياً، ويتشاركان في أعمال متناغمة على صعيد المنظمات الدولية والسياسة الخارجية، وفي نشاط المنظمات الدولية، وعلى صعيدين إسلامي ومسيحي، وفي حوار الثقافات والحضارات والأديان.
ونتطلع إلى يومٍ تتزايد فيه جموع السياح الأردنيين والكازاخيين في البلدين، ومضاعفة عدد الطلبة في مؤسساتهما التعليمية العليا، ليشكّل ذلك ظاهرة ملموسة، لِما للدبلوماسيتين الطلابية والسياحية من فِعلٍ حاسمٍ لتلاقي الأمم وتجذير المحبّة بينها.
تمكّن الزعيم نزارباييف من نقل بلاده إلى مكانة رفيعة بين الأمم خلال حقبة قصيرة. فمن اقتصاد كاد يَنحدر نحو الهاوية، تأسـس اقتصاد قوي يرتكز على القطاعات الإنتاجية المحلية والقوى والإمكانات الوطنية المُبدعة للشعب برمته، بمختلف قومياته وأعراقه التي تناهز الـ130، وأديانه وطوائفه ومذاهبه ولغاته وتُعد بالعشرات، فأضحت كازاخستان المُتناغِمة والموحّدة والمُلتفّة حول زعيمها نزارباييف، حديقة غنّاء وجاذبة للاستثمارات العالمية، وازدهرت السياحة وصناعتها، وصارت الدولة تنافس إقتصادات أجنبية قوية ومتجذّرة.
لكن الأهم في حياة كازاخستان المُعاصرة، هو محبتها للسلام الكوني الشامل، من خلال مناهضتها لصناعة أسلحة الدمار ومعارضتها لحيازته واستخدامه، فطوّرت أنشطتها المؤازِرة لحوار الحضارات وتعمير الآمان، وكرّست جهودها لتخليص العالم من الأسلحة الذرية، حيث أغلق الرئيس نزارباييف بمرسومه المُوقّع في29 أب/أغسطس1991، أكبر موقع للتجارب النووية في الاتحاد السوفييتي والعالم (سيميبالاتينسك)، وحشد جهود شعبه من أجل تكريس مستقبل سلمي مُؤكّد للبشرية ولحماية هِبة الحياة المُقدّسة.
وعليه فإننا نُشاطر قيادة وشعب كازاخستان تطلعاتهما السلمية والإنسانية، وسنواصل مسيرة تعزيز العلاقات الثنائية بين بلدينا وشعبينا.
*صحفي وكاتب أردني