18 ديسمبر 2023/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
“زيارة المدينة المحرمة، ومشاهدة رفع العلم، وتسلق سور الصين العظيم… كل أمنياتي تحققت لهذا العام!” يقول أبو صمد كريم، المغامر الويغوري من شينجينانغ، بعد أن عاد إلى بيته في كاشغر في 28 نوفمبر الماضي، بعد رحلة طويلة في أرجاء الصين.
على امتداد 280 يوما، قطع أبو صمد البالغ من العمر 24 عاما، أكثر من 5000 كيلومتر، للوصول إلى بكين. وخلال رحلته، شاهد أبو صمد مناظر طبيعية جميلة، وتلقى المساعدة، وكوّن العديد من الأصدقاء.
رحلة مدفوعة بالحلْم
سمع أبوصمد عندما كان طفلا عن قصّة، العم قربان الذي سافر من شينجيانغ إلى بكين على ظهر حماره. ولذلك قرّر هذا العام أن يحقق حلم طفولته بأن يسافر إلى بكين مشيا على الأقدام، ليشاهد مراسم رفع العلم في ساحة تيان آن مان. “بكين رمز وطننا، وأردت من خلال رحلتي أن أنقل حب الناس في شينجيانغ لبكين.”
وبعد أن أقنع والديه، استعد في شهر يناير للرحلة وخطّط المسار وصمّم عربة صغيرة لحمل أمتعة السفر. وفي صباح يوم 7 فبراير، انطلق أبو صمد في مغامرته نحو بكين رفقة كلبه “شونفنغ”. فعبر مقاطعات شينجيانغ، وقانسو، وشنشي، وخنان، وخبي، وأخيرا وصل إلى بكين.
خطّط أبو صمد رحلته للوصول إلى بكين مع حلول اليوم الوطني الصيني. لكن الصعوبات التي واجهها على الطريق فاقت توقعاته. حيث كان يقطع يوميا أكثر من 20 كيلومترا، ويعبر مساحات واسعة من الصحراء. وخلال الطريق أتلف العديد من الأحذية التي تآكلت من المشي. كما تآكلت إطارات عربته، وغيّر عشرات منها.
وعندما سئل هل فكّر في الاستسلام وإنهاء رحلته بعد هذه المصاعب، أجاب أبو صمد بحزم: “لا!” مضيفا، ” لقد كان تحدّيا لنفسي واختبارا لقدرتي على تحقيق أحلامي. لأنني أؤمن أن الحلول دائما أكثر من المصاعب.”
التقدّم تحت تشجيع مستخدمي الإنترنت
من أجل تشجيع نفسه على مواصلة المغامرة والبقاء على تواصل مع والديه في كاشغر، يقوم أبو صمد بمشاركة مغامراته اليومية على منصات التواصل الاجتماعي ويقدّم أحيانا بثّا مباشرا. في البداية، لم يهتم به سوى أفراد العائلة والأصدقاء، ولكن لاحقًا بدأ العديد من رواد مواقع التواصل يتابعونه ويشجعونه ويقدمون له المساعدة.
وانغ بين هو أحد المتابعين الأوفياء لمغامرة أبو صمد، ودائما ما يشاهد فيديوهاته التي يحمّلها على حسابه وبثه المباشر. وعندما وصل أبو صمد إلى إحدى المناطق الخالية في هامي، تعطلت عربته وأوشك ما عنده من ماء على النفاد. وبعد أن حمّل على حسابه في موقع للتواصل الاجتماعي فيديو يطلب فيه المساعدة، قاد وانغ بينغ سيارته لأكثر من 100 كيلومتر وسط الرياح العاتية لتوصيل الماء والطعام، كما ساعده أيضًا في نقل عربته لإصلاحها.
وفي إحدى الأمسيات الصيفية، توقفت سيارة فجأة أمام أبو صمد. ونزل منها أربعة متابعين، وأرادوا أن يقدّموا له بعض المال، لكن أبو صمد رفض. لكن حينما لوّح بيده لوداعهم، رأى يد الشخص الذي يحمل إليه المال لاتزال مدودة. وحينها عرف بأن من عرض عليه المساعدة هو رجل كفيف.
أخبره الكفيف بأنه بتابع مغامراته من خلال الفيديوهات التي يسمعها أولا بأول. وأن فيديوهاته ساعدته على التعرف على العديد من المناظر الجميلة والأطعمة اللذيذة.
حضور مراسم رفع العلم الوطني في تيان آن مان
يقول أبو صمد بأن سفره إلى بكين راجلا، جعله يكتشف المزيد عن الثقافة الصينية ويكتسب فهما أكثر وضوحا للتاريخ الصيني الطويل. وأكثر ما أثار إعجاب أبو صمد هو معبد الإوز البري الكبير وتمثال شوانزانغ جنوبي ساحة المعبد. “شوانغزانغ، هو شخصية في رواية «الرحلة إلى الغرب» سافرت إلى الهند من أجل دراسة الكتب المقدسة، أما رحلتي، فكانت نحو الشرق للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة في الصين.”
أمام معبد الإوز البري الكبير، سجل أبو صمد مقطع فيديو يعرّف فيه بتاريخ المعبد، أعجب به ما يزيد عن 20 ألف مستخدم على الإنترنت. وفي لويانغ، بمقاطعة خنان، شارك أبو صمد مع متابعيه فيديو عن تاريخ العاصمة القديمة. وفي معبد شاولين وجبل سونغشان، تحدّث عن أصل اسم معبد شاولين وثقافة الشاولين.
وفي 15 نوفمبر، وصل أبو صمد أخير إلى بكين.
في السابع عشر من نوفمبر، زار أبو صمد ساحة تيان آن مان منذ الصباح الباكر، ووقف في الصف الأمامي لمشاهدة مراسم رفع العلم الوطني. وشعر بتأثر حد البكاء حينما استمع إلى النشيد الوطني، مردّدا كلمات النشيد.
وقد شارك أبو صمد مشاعره أثناء هذه اللحظات التي انتظرها طويلا، مع والديه في شينجيانغ. وقال بأن مشاركته في مراسم رفع العلم جعلته يشعر بأنه قد حقق الحلم الذي قطع من أجله أكثر من 5000 كيلومتر.
خلال الأيام القليلة التي قضاها في بكين، زار أبو صمد سور الصين العظيم والمدينة المحرمة وغيرها من المواقع السياحية، وقام بنشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل. وقال بأنه يرغب في الترويج للثقافة الصينية من خلال عدسته. وحظيت مقاطع الفيديو التي نشرها بإعجاب المزيد والمزيد من الأشخاص، وارتفع عدد متابعيه من أكثر من 20 ألفًا في البداية إلى ما يقرب من 440 ألفًا حاليا.
بعد عودته إلى كاشغر، لم يتوقف أبو صمد كريم عن الترويج للمناظر الطبيعية والأطعمة والثقافة في شينجيانغ على منصات التواصل الاجتماعي. وقال: “أريد أن أقول للجميع من خلال أفعالي أن وطني ومسقط رأسي جميلان. وأنني أعيش في أسرة الأمة الصينية العظيمة والدافئة، وأن الجميع من مختلف المجموعات العرقية يعيشون هنا في سعادة!”