شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
بقلم سعاد ياي، الإعلامية الصينية
يصادف يوم الواحد والعشرين من سبتمبر لعام 2021 عيد تشونغ تشيو ) عيد منتصف الخريف( التقليدي الصيني الذي يكون دائما في يوم الخامس عشر من الشهر الثامن حسب التقويم القمري الصيني، ويسمى هذا العيد أيضا بعيد البدر في الصين. وتكون النشاطات الرئيسية فيه هي مشاهدة البدر وأكل كعك عيد البدر.
ويعتبر البدر، بالنسبة للصينيين، رمزا لجمع شمل الأسرة، من ثم فإن لهذا العيد اسم آخر هو “عيد الاجتماع العائلي”.
وتاريخ عيد تشونغ تشيو عريق. وكان الصينيون في العصور القديمة يقدمون احترامهم للشمس في الربيع وللقمر في الخريف. ويوجد تسجيل عن “تشونغ تشيو” في التسجيلات التاريخية لعهد أسرة تشو (نحو القرن الـ11 إلى عام 256 ق.م).
وفي الحكايات الشعبية كان مصدر العيد هكذا: في زمن قديم جدا ظهرت في السماء 10 شموس فذبلت المزروعات بأشعتها المحرقة، وكان يصعب على أبناء الشعب أن يعيشوا في الدنيا. وكان هناك بطل قوي يدعى “هو يي”، الذي صعد قمة جبل كونلون وأصاب 9 شموس إضافية بقوسه، لتبقى على السماء شمس واحدة، وأمر هو يي هذه الشمس أن تطلع وتسقط وفقا للمواعيد المحددة لتحقيق الخير لأبناء الشعب. لذلك حظي هو يي باحترام ومحبة الشعب، فجاء إليه العديد من الناس لتعلم المهارات منه، ومن بينهم ينغ مينغ.
كان لهو يي زوجة جميلة اسمها “تشانغ أو”. وسافر هو يي إلى جبل كونلونغ لزيارة الأصدقاء وحصل على نوع من الأدوية الساحرة. وقيل إن الإنسان سيصبح آلها بعد تناولها. وكان هو يي لا يريد أن يترك زوجته في الدنيا، فقدم الدواء لزوجته لتحتفظ به، لكن الرجل ينغ منغ اكتشف الدواء.
في يوم من الأيام هدد ينغ منغ السيدة تشانغ أو لتعطيه الدواء، وكانت تشانغ أو لا تريد أن تفعل ذلك، فأضطرت لتناول ذلك الدواء الساحر، ثم طارت فورا من نافذة البيت إلى القمر.
وعرف هذا الأمر هو يي وحزن شديدا، وكان يشتاق إلى زوجته ليلا ونهارا، فأمر بعض الخادمين بأن يقيموا طاولة توضع عليها البخور والأطعمة التي تحبها زوجته في يوم الخامس عشر من أغسطس التقليدي والذي كان القمر فيه مستديرا جدا، للتعبير عن اشتياقه لزوجته التي كانت تعيش لوحدها في القصر قوانغ هان بالقمر. وبعد أن عرف أبناء الشعب هذا الأمر، ففعلوا مثل ما فعله هو يي، طالبين سلامة لزوجته. فانتشرت هذه العادة بمناسبة عيد تشونغ تشيو بين الصينيين جيلا بعد جيل.
في عيد تشونغ تشيو عادات كثيرة، وأشكالها مختلفة، وكلها تعبر عن حب الناس للحياة الجميلة وتطلعهم للسلام الدائم. وأهم العادات المنتشرة بين المواطنين الصينيين في الوقت الحالي هو التمتع بجمال البدر وتناول كعكة القمر. لأن الخامس عشر من الشهر الثامن التقليدي الصيني في منتصف الخريف، وهو موسم نضوج الفواكه والطقس فيه جميل، لذلك فإن الناس يحبون أن يجلسوا مع أفراد أسرتهم وأصدقائهم في ليلة هذا العيد، ليتمتعوا بجمال البدر ويتذوقوا الفواكه الطازجة.
يحب المثقفون الصينيون وصف القمر في أعمالهم الثقافية، لأن الصينيين يعتقدون أن أضواء القمر هادئة وصافية، وعادة ما تجعلهم يشتاقون إلى أهاليهم وأصدقائهم وأحبائهم. فانتشرت العديد من الأشعار من الماضي حتى اليوم، ومن بينها شعر عنوانه “المقدمة لنغمات الماء” من كتابة الأديب الصيني العظيم سو شي الذي كان يعيش في أسرة سونغ الملكية قبل ألف سنة تقريبا. وكان الشاعر سو شي مضطرا لمغادرة أهله وكان اشتياقه لهم كبيرا. وفي ليلة عيد تشونغ تشيو، شاهد الشاعر البدر المستدير لوحده، وشعر بحزن شديد، فكتب هذا الشعر للتعبير عن وحشته واشتياقه لإخوانه.
ويقول الشعر:
متى يمكننا أن نتمتع سويا بأضواء القمر ؟
أسأل السماء عن هذا السؤال،
قل لي كم سنة قد مضت للقصر السماوي.
أريد أن أطير إلى السماء البعيدة على متن الرياح الرقيقة،
غير أنني أخاف من الوحشة
في السماء المرتفعة الباردة،
فأنا مازلت باقيا في الأرض.
تمتلئ الدنيا بالفرحة والحزن،
والتجمع والوداع،
الأمر الذي يعتبر شيء لم يُكتمل منذ القدم حتى الآن،
فلا حلا إلا التمني بأن نحي إلى الأبد،
ومهما كانت المسافة بيننا كبيرة وغير منتهية،
يمكننا أن نتجمع في يوم ما.
وبالإضافة إلى الأعمال الثقافية، هناك العديد من الأغاني الصينية المتعلقة بالقمر، وبما فيها الأغنية التي تحمل عنوان : يمثل القمر قلبي. وتشتهر هذه الأغنية بين الصينيين كثيرا، ليس بسبب نغماتها الرقيقة فحسب، بل بفضل مناخها الرائع الذي تهيئه الكلمات الجميلة.
وتقول كلمات الأغنية:
أنت تسألني كيف أحبك،
إن حبي وقلبي كلهما حقيقيان،
ولن يتغيران أبدا.
قبلة رقيقة فتحت باب قلبي،
وحب عميق جعلني أشتاق إليك حتى اليوم.
أنت تسألني كيف أحبك،
فكر، وأنظر،
إن القمر يمثل قلبي.