شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بمناسبة الذكرى 64 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والجمهورية العراقية:
في مواقف الصين التحالفية من العراق وشعبه
بقلم: باسم محمد حسين
* عضو في الفرع العراقي للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتَّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
** تدقيق وتحرير ومراجعة: الأكاديمي مروان سوداح.
تحل علينا الذكرى الـ64 لتأسيس العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية جمهورية العراق. هذه العلاقات ليست وليدة التاريخ المنظور، بل هي متجذرة منذ ما يقارب 6000 عام، وتعززت تجارياً في العصر العباسي حيث كان الناس في ذلك الوقت يعيشون في بحبوحة اقتصادية، الامر الذي مَكَّنهم من اقتناء الملابس والمستلزمات الحريرية الباهظة الثمن والمصنوعة في الصين.
بعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة عام 1958 في بغداد، والقضاء على الحكم الملكي البغيض، وإقامة النظام الجمهوري الوليد على يد مجموعة من أبطال القوات المسلحة العراقية، الذين ساندتهم القوى التقدمية العراقية، كانت الصين من أوائل الدول التي مَدَّت يديها للصداقة والتعاون مع الشعب العراقي، حيث اعترفت بالجمهورية العراقية الوليدة يوم 16/7/1958، أي بعد أقل من 48 ساعة من قيام جمهورية الشعب العراقي، وفي اليوم التالي اعترف العراق بجمهورية الصين الشعبية.
ولحسن النوايا والروح الرفاقية الوثابة، وتقارب الرؤى لدى الطرفين، أُقيمت العلاقات الرسمية في 16/8/1958، وعَقَدَ الطرفان عدة اتفاقيات ذات أهمية كبيرة للتعاون الانمائي، وتدر بالمنفعة على شعبي الدولتين الصديقتين. ومِمَّا عزَّز تلك العلاقة كون جمهورية الصين الشعبية مناصرة لحركة عدم الانحياز التي كان العراق أحد أعضائها، ومتمسك برؤيتها لمستقبل الشعوب المحبة للسلام، كما أن الصين عنصر منتقد للسياسات الأميركية المُعادِية للشعوب الناهضة أو التي تحاول النهوض وكسر قيود الاستعمار.
هناك مواقف واماني مشتركة بين شعبي الدولتين، منها الثقافية والاقتصادية والسياسية، ومناهَضة العولمة ومحاولات الهيمنة والتدخل العسكري في الدول، والسيطرة على ثرواتها المتنوعة، تحدث عنها العديد من المسؤولين في البلدين، وفي مختلف المناسبات. ولعلَّ مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرفيق الرئيس (شي جين بينغ) منذ العام 2013 هي فرصة كبيرة ومهمة للغاية لتطوير هذهِ العلاقات، وتوطيد أواصرها، فلكِلا الدولتين تاريخ وحضارة عريقين ممتدة إلى فجر التاريخ، والحق يُقال بأن الشعبين يعملان بجدٍ للإفادة وتبادل المنفعة من خلال دَفع العراق ليكون واحداً من الشركاء الرئيسيين في هذهِ المبادرة، لِمَا نتوقعه من فائدة وربح وفيرين على جميع الصُّعد.
هناك مواقف مبدئية لجمهورية الصين الشعبية إزاء العراق وشعبه لابد من ذكرها، لكونها كانت ذات تأثير ايجابي، وسجلت موقفاً انسانياً راقياً وصبت في مصلحة كل من البلدين:
1/ امتنعت جمهورية الصين الشعبية عن التصويت على قرار مجلس الأمن المرقم 678 في 29/11/1990، والقاضي السماح باستخدام القوة ضد العراق نتيجة لغزوه دولة الكويت، ودعت إلى حل المشكلة بالطرق السلمية، وهذا شأنها دائماً كونها دولة محبة للسلام وذاقت ويلات الحروب سابقاً، وعلى العراق أن يستجيب لنداء جامعة الدول العربية والوساطات الدولية، وذلك انطلاقاً من علاقاتها الجيدة مع العراق، وتوضيحاً لاستقلالية الصين في اتخاذ القرارات التي تتناسب مع المصالح المشتركة لدول العالم والحفاظ على السلم العالمي ومحاولة التشارك في بناء مستقبل مشرق للإنسانية.
2/ رفضت الصين العدوان الأميركي على العراق في 20/3/2003، ودعت الولايات المتحدة الاميركية إلى وقف إطلاق النار، وأكدت بشدة على هدف (شعب العراق يحكم العراق)، وضرورة احترام استقلال البلد وسيادته ووحدة أراضيه، والحفاظ على ارواح الناس، وفسح المجال للأمم المتحدة لمعالجة الموضوع.
3/ استقبلت الصين الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، في حزيران عام 2007، وكان أول رئيس عراقي يزور الصين. وفي هذه الزيارة تنازلت الصين عن 80% من ديون العراق المستَحَقة لها، وأيضاً تم التوقيع على اتفاقات بين وزارتي خارجية البلدين، واتفاقات اقتصادية، وإعداد برامج لتدريب الموارد البشرية العراقية في مختلف التخصصات.
4/ و.. للمحافظة على الاستقرار والسيادة الوطنية ولتحقيق السِّلم الاهلي، ساعدت جمهورية الصين الشعبية جمهورية العراق في إنجاح الإعداد لانتخابات عام2010، من خلال الدعم اللوجستي بتجهيز مفوضية الانتخابات بمستلزمات العملية الانتخابية، من الاوراق الانتخابية، والأحبار، والاجهزة المستخدمة في هذه الفعاليات.
وفي بلدي العراق، تعمل اليوم شركات صينية عديدة في المجال النفطي للاستخراج والخزن والنقل، وشركات أخرى مختصة بصيانة محطات الكهرباء، وهناك غيرها حكومية وخاصة شرعت بإنشاء محطات لضخ وتصفية، وأخرى لتحلية المياه في البصرة، وفي يوم أمس كان هناك عرضاً تقديمي لشركة شانغهاي، حضره محافظ البصرة للتهيئة لإنشاء محطة توليد كهرباء عملاقة، يُضاف إليها مشروع لتحلية مياه البحر، بواقع مليون متر مكعب ليكون صالحاً للاستخدام البشري.
من الطريف أن نَذكر هنا، بأن الأجانب في العراق يتهيبون من التواجد في الاسواق والمحتشدات الشعبية، تخوفاً من الوضع الأمني وبعض المتشددين المعادين للأجانب، باستثناء المواطنين الصينيين الذين يتواجدون في هذه الأماكن دون وجل، لإيمانهم بعمق الصداقة بين الشعبين، ومحبة واحترام العراقيين لهم.
ـ البصرة 4/9/2022
ـ المصادر:-
1/وثائق الامم المتحدة؛
2/موقع جريدة الشعب الصينية اليومية؛
3/مركز البيان للدراسات والتخطيط؛
4/موقع اذاعة المربد العراقيةD8%B1؛