القناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية*
أثر الظهور المفاجئ لفيروس كورونا الجديد بشكل كبير على الحياة الاجتماعية والأداء الاقتصادي في الصين، كما أثار المخاوف بين الدول بشأن النمو الاقتصادي العالمي، حيث بات العالم يولي اهتماما بالغا بعودة الاقتصاد الصيني إلى مجراه الطبيعي.
في يوم الـ21 من الشهر الجاري، ترأس الرئيس شي جين بينغ اجتماعا للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، حيث قدم توجيهات بتعميق الانفتاح والتعاون الدولي، وتعزيز التواصل والتنسيق مع الشركاء الاقتصاديين والتجاريين، وإعطاء الأولوية لاستئناف الإنتاج والإمداد للمؤسسات الرائدة والحلقات المحورية التي لها تأثير مهم في سلسلة التوريد العالمية للحفاظ على استقرارها، ودعم شركات التصدير الرئيسية لاستئناف العمل والإنتاج في أقرب وقت ممكن.
سيواجه استئناف العمل والإنتاج العديد من الصعوبات في ظل عدم السيطرة بالكامل على الوضع الوبائي، وبالتالي فإن كيفية القيام بمحاربة الوباء واستئناف الإنتاج في آن واحد هو اختبار رئيسي للصين، وذلك لأن الوضع الوبائي وإجراءات الوقاية يختلفان باختلاف الأماكن، حيث تعاني المناطق المختلفة من مشاكل تفاوت سياسات النقل المادي وحركة الأفراد، خاصة النقص الحاد في المواد الخام والعمال الذي يعد من المشاكل الرئيسية. لذا، فإن موعد البدء باستئناف العمل من جانب المؤسسات في أماكن مختلفة غير متزامن، حيث لم يتم التنسيق بين الطاقة الإنتاجية الإجمالية، فقد استأنف بعض الشركات عملها، فيما لم تعد شركات التوريد الأولية التي توفر مواد الإنتاج للشركات المذكور أعلاه إلى وضعها الطبيعي، كما شهدت بعض شركات التصدير تراكما كبيرا في الطلبات الخارجية، بينما يشعر بعض العملاء الأجانب للشركات الأخرى بالقلق من أن الوباء سيؤدي إلى تغييرات في سياسات الرقابة على الواردات والاستيراد من بلادهم، مما يؤثر أيضا على استقرار إنتاج الصناعات ذات الصلة بالصين.
والرغم من التحديات والصعوبات، وفهناك قول صيني مأثور مفاده بأن”الوسائل أكثر من العقبات دوما”، وطبقت الحكومة المركزية والحكومات المحلية على التوالي سياسات لتخفيض الضرائب وأقساط الضمان الاجتماعي من أجل تخفيف أعباء المؤسسات، وعلقت الطرق السريعة في الصين تحصيل الرسوم من أجل ضمان النقل والخدمات اللوجستية، كما طبقت سلطات الجمارك والضرائب الصينية سياسات ضريبية تفضيلية قصيرة الأجل لشركات التصدير. ستزداد الطاقة الإنتاجية لمواد مكافحة الوباء في الصين بشكل كبيرة في المستقبل القريب من أجل الوفاء بالطلب على المواد المضادة للوباء، حيث يصل الإنتاج اليومي للأقنعة إلى مئات الملايين، كما قدمت الحكومات المحلية على مختلف المستويات في الصين سياسات تحفيزية لتشجيع استئناف العمل والإنتاج، بينما تقدم بعض المدن خدمات مجانية مثل “القطار الخاص بإيصال العمال إلى العمل” و”السيارات الخاصة” و”الطائرة الخاصة”، كما توفر بعض المؤسسات للعمال إعانات نقدية لتشجيعهم على العودة إلى العمل.
بدأ استئناف العمل والإنتاج في أنحاء البلاد على نحو منتظم، مدفوعا بالسياسات ذات الصلة، حيث تقدمت الشركات المملوكة للدولة في طليعة استئناف العمل، حتى يوم الـ20 من فبراير الجاري، كانت الشركات الفرعية المملوكة للدولة والبالغ عددها 48000 مؤسسة والتي تخضع مباشرة لإدارة الحكومة المركزية قد حققت العودة بمعدل 86.4%.
في منطقة ييتشوانغ للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية ببكين، التي تعمل فيها شركات من أكثر من 40 دولة ومنطقة في العالم، باستثمارات إجماليها يزيد على 100 مليار دولار، بما في ذلك أكثر من 130 مشروعا استثماريا من أكثر من 90 شركة من شركات فورتشن 500 مثل مرسيدس-بنز وشركة كورنينج وجنرال إلكتريك وشركة باير. وحتى الوقت الراهن، استأنفت أكثر من 3000 شركة في المنطقة عملها، وقد بلغ معدل العائدين إلى العمل ما يقرب من 90%.
لقد تغلبت الحكومة والشركات الصينية على مختلف الصعوبات وسرعت نسق استئناف العمل والإنتاج، ليس فقط من أجل بقاء وتطوير الشركات الصينية، ولكن أيضا للحفاظ على التشغيل الطبيعي للسلسلة الصناعية العالمية، حيث تقع العديد من المؤسسات والقطاعات في الصين في صميم سلسلة التوريد العالمية. العالم يحتاج إلى صنع في الصين، كما يحتاج إلى الإنتاج والتشغيل الطبيعي للشركات الصينية، لذا فإن تشغيل الآلة الصينية يساهم في تحقيق الاستقرار في سلسلة التوريد العالمية.
في ظل هذا الوباء الخطير الذي لا يزال مستمرا في الصين، لم تنس الصين واجباتها وتحمل مسؤوليتها كإحدى الاقتصادات الهامة بالعالم.